5000 إصدار قديم ونادر بحاجة إلى تثمين في القريب العاجل خلّف الرئيس السابق الراحل أحمد بن بلة، رصيدا ثقافيا زخما بكتب نادرة تحويها رفوف مكتبته التي أنشأها بمنزله العائلي الكائن وسط مدينة مغنية الحدودية بولاية تلمسان، الذي تحول في السنتين الماضيتين إلى متحف مفتوح لأهل العلم والمعرفة، حيث نجد فيها مئات الإصدارات التي اشتراها من مختلف أصقاع العالم خلال زياراته الرسمية حين كان رئيسا للجزائر المستقلة، وأثناء تلقيه للدعوات الرسمية كرجل ثورة، لباّها لأصدقائه ممن ربط معهم تواصلا سياسيا وعلميا وغيرها من المؤلفات الممنوحة له من قبل شخصيات هامة سياسية منها أوربية وعربية بسبب حبه وشغفه الكبير للقراءة والإطلاع الواسع على الثقافات العامة لشتى المجالات والأصعدة والتي لم يستثن منها أي ميدان أكان علميا أو أدبيا أو تاريخيا وجغرافيا و فنيا و ثقافيا وكذا سياسيا وغيرها من العلوم الأخرى، والتي تعدت كتب هذه المكتبة الكبيرة خمسة آلاف عنوان موزعا على حوالي عشرين درجا خشبيا كبير الحجم مصمّم بشكل مستطيل، استدارت ضلوعه بطول الغرفة المتربعة على 7 أمتار وعرض مترين وهو قياس انشرح بمساحة محدودة أخذتها المكتبة من زاوية لزاوية أخرى تبدأ من غرفة النوم الخاصة بالرئيس الراحل بن بلة وتمتد لغاية باب الحمام الواقع بنفس الرواق الذي تطل عليه المكتبة. سياسي مثقف إن المحتوى المتنوع للكتب المتوفرة بذات المكتبة هيّأها الرئيس الراحل بن بلة لمحاكاة مواضيعها المختلفة التي شقت عقله ونفسيته وراحته الجسمية والفكرية فجعلها بلسما لذاكرته من خلال إدراك الثقافة الشاملة التي عكست الماضي ببدائيته وتقدمه العلمي واستقرأت الحاضر بإدراك منه للإطلاع على مؤلفات سردت مواضيع جد مميزة تنطبق إن صح القول على ما تسعى إليه العديد من الدول في تنمية نفسها بالتطور التكنولوجي الاقتصادي والتقدم الزراعي والتي قرأت عنها هذه الشخصية التاريخية الجزائرية في وقت كان للمقروئية معنى وارد في أدبياته وأخلاقياته كرجل محارب ومسالم وحاكم . فهذه المكتبة كنز مفقود بالمكتبات الوطنية والعالمية لكن الطلب عليها في الأربعينيات من القرن الماضي فاق حدّ تصوره الثقافي بالإقبال على كتب الأدباء والعلماء الغربيين وحتى من بني جلدتنا "العرب" حسب تصفح واسع من جوانب ملمة بأعرق العلوم التي تختزنها الرفوف والتي اكتشفتها "الجمهورية" أثناء جولة قامت بها بالمنزل "المتحف" للرئيس أحمد بن بلة رفقة ابن أخته السيد نصر الدين تاجري الذي سهل لنا مهمة التمعن والنبش في خبايا الكتب التي كانت خير جليس لخاله كلما شدّ الرحال باتجاه مغنية أو يكون بالجزائر العاصمة في مهماته الرسمية. هذه المكتبة التي تبرز ثقافة "بن بلة" يتيه الواحد فيها بين اصداراتها التي تتراوح صفحاتها من 400 صفحة إلى ما يزيد عن 500 صفحة ومع هذا عانقها الرجل وتمتم كلماتها واستوعب فحواها وحملها برفق في ذهنه إلى أن أصبح عارفا بثقافة الغير مثلما حدثنا به نصر الدين الذي قال "لم يترك خالي أي كتاب من الحجم الصغير أو الكبير إلا وقرأه. مؤلفات في شتى المجالات وتشهد عليه سنين حياته التي قضاها بين ثنايا المؤلفات الغزيرة الموجودة حاليا بمكتبته فمنها التي تستغرق مدة قراءتها ما يفوق الأربعة سنوات كما الحال بالنسبة لموسوعة الإسلام ونشأته استنادا على القرآن للكاتب "جون بريل" الذي دوّنه انطلاقا من المصحف الشريف وطبعه بلبنان وعدد نسخاته النادرة المقدرة بعشرين موسوعة تترتب بدرج المكتبة وكل مؤلف يتمم الأول وبجعبة كل موسوعة موضوع مغاير يتحدث عن قانون الحقوق الإسلامية والاستثمار والرياضيات والفيزياء والفنون التشكيلية الإسلامية وكيفية ربط علاقات مع الشخصيات بطريقة عمل شرعية وشتى القضايا المتعلقة بالإسلاميات وعلى حدّ إشارته لهذه المجلدات الثقيلة والضخمة في حجمها وسعة معلوماتها لقد تم مطالبته ببيعها مقابل قيمة مالية تقدر بمليار سنتيم للكتاب لكنه رفض لأنه يحرص على حماية إرث بن بلة الذي أوصاه بعدم بيعه، ماعدا السماح لأهل العلم الاطلاع على هذه الزبدة المعرفية النفيسة والنهل منها كونه وضعها لهذا الغرض ولن يساوم عن إخلاء المكتبة التي ملأت بشعور حسن يشهد له من يعي مقروئيته عبر العالم. كما تضم المكتبة أيضا ستة مجلدات قليلة الوجود بالمكتبات الدولية للعلامة ابن خلدون مذكور فيها ما لا يخطر على بال القارئ الذي يتابع مؤلف هذا الأخير وما على محبيه إلا التقرب أكثر و اكتشاف أسراره ومن الكتب المميزة التي تتوفر عليها المكتبة "المنجد" الموسوعة الذي يتحدث عن الحياة الريفية والطب البيطري والألعاب والرياضة جلّبه معه الرئيس من مكتبة "فينياك" الفرنسية التي كانت تطبع الإصدارات العلمية الهامة فقط قبل الخمسينيات وحاول بن بلة حسب مصدرنا أن يتصل بنفس المكتبة في الستينيات لمعرفة وجود نسخ مثلها غير أن الجواب كان "لم يبق أثر لمثل الموسوعة التي بين يديكم" والتي تزيد صفحاتها عن 1040 ومن الكتب التي بذل فيها الرئيس الراحل جهدا للحصول عليها "من فرنسا (باريس) و بالضبط عام 1948 كتاب "روبار" فيه من العلوم العميقة والدقيقة التي تجعل الفرد نابغة عصره وعالم حضارته ومكتشف لكل معرفة ويتكون من سبعة (7) فصول ويعتبر من بين الكتب ذي النوعية الثقافية العالية المقام والتي جلبت من بيته بالعاصمة عام 1988 فترة نقل بقية المكتبة لمغنية بكمّ يبلغ 3000 كتاب أضيف ل2000 كتاب (بمغنية). أهم الإصدارات الدينية التي قرأها ومن الإصدارات التي كان يقرأها بن بلة قبل في سنوات العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي تلك الخاصة بالإمام الشافعي وكتاب تفسير "الجلالين"، "القرآن" لعبد الرحمان أبي بكر السيوطي الذي اقتناه بن بلة من مكتبة العلوم الدينية لبيروت وكتاب "إتحاف السادة" في عشرة مجلدات وتفسير الطبراني للعلامة محمد ابن الحيني الزبيدي فيه خمسة عشرة نسخة بالإضافة إلى إحدى عشرة نسخة "تفسير القرطبي" وهذا يدل على أن الرئيس الراحل تأثر بالدين الحنيف وتقرب من تعاليمه وهو في أوجّ شبابه وعطائه السياسي لذا كان يركز على ذات المقتنيات التي تفوح نقاوة و طهارة برفوف المكتبة التي إن قدمنا تقريرا عنها لا نستوفي حقها الإعلامي ولا كينونتها العلمية . فالرجل القارئ المداوم تنوع في صنف الإصدارات ومواضعها فضم إلى ذهنه "نهج البلاغة" مجلد بنسخة واحدة من المكتبة التجارية من مصر ونبع من نحوه الذي ارتقى فيه بلغة صحيحة فصيحة بفعل الكتاب وتحوز المكتبة على مجلد فردي بعنوان "مفتاح دار السعادة طلبه "بن بلة" من مكتبة الرياض لأبي عبد الله شمس الدين ابن القيم الجوزية. وإذا أتيحت الفرصة لأي طالب جامعي أو هاوي المطالعة فإن المكتبة زخمة بتسعة عشرة مجلد "لطه حسين" ونفس العدد لمجلد شرح كلمات القرآن الكريم كاملة بآياتها وسورها زد عليها تسعة مجلدات "مروج الذهب والمعدن للرحالة الكبير والمؤرخ ابن الحسن بن علي السعودي ومن الكتب الفريدة التي قرأها بن بلة "أنواع الأحجار الكريمة الموجودة بالقمر" وهو مجلد منح له من طرف أمريكي نازي" وقال نصر الدين تاجري أن الحجارة المذكورة في الإصدار تحدث عليها عام 1965 مهندس فرنسي الجنسية أعدّ مذكرته في الإيكولوجيا واختار"حمام الشيقر" عينة لدراسته و البحث في مادة بنائه، حيث اكتشف به نوع من الحجارة سردت بالكتاب الذي أهدي للرئيس قبل هذا العام . مطالب بحفظ التراث من الضياع المهم أن المكتبة ثرية وغنية بما تجود به الثقافات من فن ورسم لعمالقة الفنانين أمثال "لدوني شوفالي وكاستون دباي وباسان وماكس إيرانست ومحمد راسم الذي طبع مدونة نادرة بسويسرا في 92 صفحة وفان غوغ وقورو، وكثيرون تجد مؤلفاتهم مصففة والذي يتمتع بميول الفن التشكيلي سيجد ضالته حتما بمنزل بن بلة في أي لحظة فجميعها كتب قيمة قصّت عن ثقافة إفريقيا وتاريخ العراق والمغرب وتونس والهند وإيران والتطور الاقتصادي للقاهرة وتقدم مؤسسته العسكرية والدار البيضاء بأمريكا" للمؤلف كسين قاز وكتاب "خطوات لوزارة الخارجية الأمريكية" الذي بحث عنه بن بلة خمسة مرات بفرنسا إلى أن عثر عليه "أحمد فتان" وأعطاه إياه، فالرئيس الراحل لم يترك شبرا في العالم إلا وأخذ أثره الثقافي والسياسي كما الأمر لكنيدي شخصيته وتاريخه حتى الشيوعية اطّلع على تكوينها وفهمها من خلال مؤسس الاتحاد السوفياتي "ليين فلاديمر إيليتش" في 40 نسخة متوفرة بمكتبته التي لم تنس أحداثا دولية في التهريب والتبادل غير الشرعي الذي كتب عنه "جاك شاريار ويوجد منه نسخة واحد فقط ومن شأن زائر المكتبة أن يتمعن في أسطوانات الأناشيد الوطنية والفلكلور والرقص ليوغسلافيا وروسيا والفيتنام وكوبا أهديت لبن بلة من قبل رؤسائها. فإذا سردنا الكم الهائل والكبير من الإصدارات لن ننتهي من العناوين ولكن نستطيع جرد الكتب وتصنيفها حسب التواريخ من لدن مختصين هذا مطلب عائلة بن بلة بمغنية التي تنتظر بشغف مساعدتهم على ذلك لحفظ إرث الرئيس الجزائري السابق أحمد بن بلة من الضياع والتلاشي فهل ستقدم وزارة الثقافة دعما معنويا للمكتبة في العاجل ليتمكن المثقفين من إيجاد ملاذهم بشكل منتظم في مراجع البحث المتوفرة بكمها وكيفها.