أكتب قصائدي بنفسي وغالبا ما أرتجل أمام الجمهور يعتبر الشيخ بوطيبة السعيدي من أبرز مطربي الأغنية البدوية بولاية سعيدة ، فرغم بلوغه ال 68 سنة ، إلا أنه مستعد دوما للعطاء و حماية الفن التراثي من الاندثار ..يملك الشيخ " بوطيبة السعيدي" في رصيده الكثير من الأغاني البدوية الرائجة مثل " اليزي اليزي " ، " زين القرابى" ، " نورا هبيلة " و " البومبيا نار شعلت " ، تربّى فنيا على يد عدد من الشّعراء أمثال " المماشي" ، " شارف بخيرة " ، " بن طيبة التيارتي " ، "عدة التيارتي" ، " عبد المولاي العباسي " وغيرهم ..عرف بحضوره الدائم في مختلف المناسبات الثقافية داخل وخارج الوطن و نجح في ايصال الأغنية البدوية الأصيلة إلى فرنسا ، ايطاليا ، هولندا وغيرها من البلدان الأجنبية ، و في هذا الصدد اقتربنا من الشيخ السّعيدي وأجرينا معه الحوار التالي : الجمهورية : كيف تقيّم واقع الأغنية البدوية في ظل الزخم الفني الجزائري الراهن ؟ بوطيبة : يتسم الفن البدوي غالبا بالصبر و الكلمات الهادفة و الرسائل الاجتماعية المعبرة ، لكن ما نلاحظه اليوم أنّ الفنانين لا يميلون إلى تأدية الطابع البدوي الذي طالما كان محبوبا بإيقاعه التراثي الجميل و قصائده الموزونة ..للأسف أصبح الجمهور في وقتنا الراهن لا يميل سوى لأغاني الرقص الخفيفة الفارغة من الكلمات المعبرة و الهادفة ، بل إنها لا تعني أي شيء على الإطلاق ، ورغم هذا تجد القاعات مملوءة عن آخرها و الشباب يتراقصون على ألحانها هنا وهناك . الجمهورية : بمن تأثر الفنان بوطيبة ؟ وما هي الرسالة التي يسعى لايصالها من خلال قصائده البدوية ؟ بوطيبة : تأثرت كثيرا بأغاني " عبد الهادي بلخياط " خصوصا بأغنيته الشهيرة " في قلبي جرح قديم " التي كانت سببا في ولوجي عالم الفن من بابه الواسع ، هذا المجال الذي عملت فيه مع فنانين كبار أمثال الشيخة " الريميتي " و الشيخة " الجنية ..فعلى مدار 30 سنة كاملة ونحن نلتقي في المناسبات و الأعراس داخل وخارج الوطن ونتبادل الزيارات الشخصية، وفيما يخص الرسالة الفنية التي أسعى لتقديمها دوما هي فعل الخير ، طاعة الوالدين وحب الوطن.. الجمهورية : هل تعتقد أن الجيل الجديد قادر على حمل المشعل و حماية هذا اللون التراثي من الاندثار ؟ بوطيبة : في الحقيقة لا أظن ذلك ، فالكل أصبح يغني ويعتلي المنصة بغض النظر عن الموهبة و الكفاءة ، أغلبية هؤلاء المغنيين لا ينتمون إلى الفن بتاتا عكس ما كنّا نعيشه في الماضي عندما كان المطربون الحقيقيون يعدون على الأصابع أمثال الفنان " حطاب " في منطقة " تلاغ " و أنا في سعيدة ، إلى جانب " بلخياطي" في شلف ، المطربة " حبيبة العباسية " ، الريميتي" بسيدي بلعباس وغيرهم من المطربين المعروفين ، وهذا عكس ما نشهده في وقتنا الحالي ، و الأهم من ذلك أنه في زمننا الجميل كان هناك تذوق للفن بشكل كبير، فعندما يجلس الجمهور يستمتع بكلمات الأغنية و ايقاعها الموزون وكذا الحكمة منها . الجمهورية : من يكتب لك كلمات الأغاني البدوية ؟ بوطيبة : أكتب كلمات قصائدي بنفسي ، حيث أحاول دائما تقديم أغاني بدوية اجتماعية تعبر عن موضوع معين أو ظاهرة واقعية ، وغالبا ما أكتب هذه القصائد في الليل و التي تتراوح ما بين 4 إلى 8 أغاني ، إذ أذكر في بداياتي الفنية عندما كنت في حفلة جميلة قدمت فيها أغنيتين تراثيتين ، لأتفاجأ عندما طلب مني المنظمون تقيدم أربع أغاني ، ما جعلني أرتجل أمام الجمهور دوم خوف أو قلق ، والحمد لله أغاني أعجبت الجمهور و أطربته بشكل كبير . الجمهورية : ما هي مقاييس نجاح مطرب فنّ البدوي؟ بوطيبة : يشترط في الفنان الناجح توفر الصوت الرخيم القوي وجودة الكلمات المنتقاة ، ناهيك عن احتكاكه بالفنانين الكبار و القدامى و أخذ الخبرة منهم ، كما عليه أن يعرف قدوته الفنية والشيخ الذي يتأثر بأسلوبه وفنه حتى يتعلم منه كما تعلمنا نحن من المشايخة ، إضافة إلى التحلي بالمسؤولية وحب الفن . الجمهورية : ما هي مشاريعك المستقبلية ؟ بوطيبة : بعد تقديمي مؤخرا لأغنيتين ناجحتين وهما " ارفد راسك وقول أنا جزائري"، و" دعوة الخير من عند الوالدين " لا أفكّر صراحة في القيام بأعمال جديدة .