إفتتحت أمس بسينماتيك وهران فعاليات الأيام السينمائية الهندية التي تندرج في إطار البرنامج المسطر من طرف مديرية الثقافة من 21 إلى 25 نوفمبر الجاري، وقد سجل متحف السينما إقبالا كبيرا من طرف عشاق الفن السابع البوليودي الذين تهافتوا على القاعة لمشاهدة أول فيلم هندي مبرمج للمخرج العالمي »آشوتوش غواريكر« ومن بطولة الممثل الغني عن التعريف »أمير خان« الذي تألق في هذا العرض السينمائي »لاغان« حيث جسّد شخصية »بوفان« وهو فلاح هندي فخور بنفسه يحاول قيادة فريق من اللاعبين المحبطين لمواجهة أولئك المدربين من الجيش البريطاني في لعبة »الكريكيت« الشعبية حيث يطالب هذا الفلاح الشاب بأن لا تكون هذه الرياضة مختلفة عن لعبة »داندا« وهي لعبة مارسها الأجداد منذ القديم وتوارثها الإجيال بالهند. ومن جهة أخرى، فقد حاول المخرج »غواريكر« أن يسلّط الضوء عن حياة الفلاحين في هذه المنطقة المستعمرة من طرف الإنجليز مصوّرا صراعهم ضدّ الحكومة البريطانية التي فرضت عليهم دفع الضرائب الزراعية، في الوقت الذي يرفض فيه هؤلاء الفلاحين الإنصياع لمثل هذه القوانين، وليس هذا فحسب بل قدم المخرج مشاهد رائعة عن اللباس التقليدي الهندي للرجال والنساء محافظا بذلك على الزّي الشعبي لبلاده بعيدا عن زحمة استيديوهات بومباي، وفضّل عوضا عن ذلك أن يصوّر هذا الفيلم وسط ديكورات ضخمة وعدد كبير من »الكومبارس«، كما ركز على عدد معين من الشخصيات القوية في الفيلم خصوصا الشخصيات البريطانية على غرار الممثل »يول بلاكتورن« الذي أدى دور الضابط المتعصّب، ولم يتوان في إظهار قصة الحب الكبيرة والرومانسية بين »بوفات« والسيدة البريطانية البيضاء »راشيل شيلاي« التي تعلم الفلاحين بعض أسرار لعبة الكريكيت. وقد أجمع مختلف النقاد السينمائيين على مستوى السينما الهندية والعالمية أن اختيار المخرج للمثل أمير خان كان بمثابة الورقة الرابحة في رصيد هذا الفيلم الذي حصل على عدة جوائز وتم ترشيحه أكثر من مرة لجوائز الأوسكار، حيث ظهر هذا الممثل المبدع بصورة جميلة تجسّد شخصية الفلاح الهندي المتواضع لكنه في نفس الوقت ذلك الشخص الذي لا يرضى بالظلم والهزيمة ويحاول بشتى الطرق أن يحارب العدوّ، ليجد نفسه واقفا أمام فريق من ضباط الجيش البريطاني الذي يتحدّونه في رياضة »الكريكيت« الشعبية وما كان على أمير خان سوى قبول هذا التحدي وتكوين فريق من الفلاحين المحبطين ذوو ديانات مختلفة أغلبهم أشخاص منبوذين يتّسم كل واحد منهم بصفات بنفسية عويصة وسلوكات صعبة تعبر عن مجتمع منغلق ومتعدد الديانات. ومن روائع هذا الفيلم البوليودي أيضا هي المشاهد الموسيقية الغنائية الراقصة التي تعكس الفن الهندي باستخدام آلات موسيقية تعود إلى فترة زمنية قديمة معزّزة برقصات تقليدية على وقع أنغام حيوية خفيفة يستحوذ عليها صوت الناي وآلة السّيتار« الهندية مع استخدام بعض المؤثرات الطبيعية الجميلة للمنطقة والتي زادت في رونق المشاهد الراقصة والحركات الشعبية للفن الهندي الأصيل، المزيّن بأجمل الملابس التقليدية ك »السّاري« وغيرها من الأزياء الشعبية لمنطقة الهند. وتجدر الإشارة أن الممثل »أمير خان« قد استفاد كثيرا من نجاح هذا الفيلم حيث أسّس شركته الخاصة في الإنتاج رغم أنه صرّح في أكثر من لقاء إعلامي قبل العرض أن يكره هذه الفكرة كونه ابن لمنتجين ولا ينوي أبدا أن يدخل عالم الإنتاج، لكن مغامرته الفنية في هذا العمل السينمائي حفّزته على تأسيس شركة خاصة به بعد أن تعاون مع المخرج، غواريكر، في اختيار الممثلين وقدم مساعدة كبيرة في مواقع التصوير كما اختار »راحمان« ليتولى مهمة الصوت في هذا الفيلم، وهو موسيقي هندي متخصّص في الحبوث التاريخية والدينية، علما أن »لاغان« قد أخرج سنة 2001 ورشح للعديد من جوائز الأوسكار ولا زال لحد الآن يحتفظ بمكانته في قائمة أحسن الأفلام البوليودية على المستوى المحلي والعالمي.