يا أيها الوفي لعزلتك .. ويا أيها الوفي لوحدتك.. لماذا كل هذا الغياب الكثيف.. لماذا كل هذا الغياب الكثير.. كيف كان صمتك.. والرهبة الغريبة.. كيف كانت البرودة وشهوة القول الخفي.. وهي تصعد إلى قلبك الصاحي دوما.. إلى أين تسلل صراخك الطاغي أبدا.. كيف سهوت عنك أيها المتوجه لكل غياب.. ويا أيها المتأهب لكل حضور.. كيف خُدعت يا دائم الصحو.. والصمتُ.. صراخُك الرهيب.. تلك الأيادي تلك الأيادي الممتدة لعنق السحاب.. من يمدّها بشيء من الانتشاء.. من يفرش لها ارتعاشات العشب الجافل.. من يراقص همسها المرتبك.. من يداعب ما تقاطر من سكينتها سهوا... من يعيد لعرائس الغروب طقوسها.. ومن يعيد لعرائس الشروق أسرارها.. وللغيمة عينها الساهرة على منابعها.. من يزيح عن قوس قزح قشرة الرياء.. ويعيد للألوان رقصتها.. ويرمم لغازلة النور أناملها.. هنا هنا أقدامي .. تشتعل فيها التربة.. وقاماتي، هناك .. تلملم جرح الآتين مع الغيم... لمن هي.. كل هذه الأرقام .. المشتّتة على الرمل.. ولمن هو .. كل هذا الكلام المفتون .. ولمن هي .. كل هذه الأبجديات .. الواقفة في فم الجمر..