لاحظنا أن الثنائية تبدأ من العنوان « حب كف « ، غير أن هذه الثنائية تصر على الحضور بداية من القصة الأولى «أنوثة»، وهي كلمة عادة ما توحي أول ما توحي بالإغراء، واكتناز الجمال والفتنة، لكنها في هذا النص تعبير عن الدونية والعار، تواجه المرأة منذ أن تدرج في هذه الحياة، حين يسد عليها أخوها الرجل كل منافذ الحرية والانطلاق، يصفعها كل مرة بجريرة أنثى، الأنثى التي لا حق لها في أن تحلق في فضاء الحياة، فهي مخلوقة فقط لسجن البيت، ولا وظيفة لها إلا أن تكون شغالة عند الرجل «عودي إلى البيت ساعدي أمك تعلمي خبز الكسرة وفتل الكسكي حتى تكوني امرأة»، كما لا حق لها في ممارسة طفولتها اللعب، إذ بمجرد أن تهم باللعب مع الأطفال حتى يصدها صارخا «لا تلعبي لعب الذكور لك عرائسك فالعبي معهن»، فهو الأخ الرجل لا يرى في أخته الأنثى إلا العار الذي يجب أن يحاصره ويضيق عليه ويهينه كأي متاع ساقط، لذا لا يتردد احتقارا أن يدفعها بقدمه، لتسجن في البيت «يدفعني بقدمه الصغيرة، -ابتعدي ادخلي البيت»، وهي ثنائية تصر على الحضور في معظم نصوص المجموعة، حتى تغدو تيمة أساسية، لا تكاد تصدر الكاتبة إلا عنها، ولا عجب فهي كما أشرنا في بداية المقالة، الأكثر لصوقا بنصوص المرأة المبدعة. وفي قصة «جسد لك» تقف المرأة حسيرة أمام جبروت الرجل الأب، الحبيب، وغطرستهما دون مراعاة أحاسيسها ومشاعرها، إذ يغدو الحبيب مجرد «عابر من زمن لزمن، ومن مكان لمكان»، يمكن ببساطة أن يتخلى عنها، يمكن ببساطة أن يدوس على عواطفها، فلا تملك إلا أن تصيح متأوهة، لقد «رحل وتركني وحدي، لا حبي شفع لي عنده، لا توسلاتي أثنته عن قراره ، يقع كل ذلك وأبوها يطلق عليها وعلى أم خطيبها رصاصات قاتلة «لن أزوج ابنتي ابن الخطيئة، لا أريد أحفادا لا أهل لهم»،ويظهر ذلك أكثر جلاء في القصة التي حملت المجموعة عنوانها «حب في الكف»، حيث تظهر ثنائية الرجل المرأة، مختلة تماما، رجل ينصب نفسه إمبراطورا متغطرسا «تحمل الجريدة، تتمدد على الأريكة، تقرأ الأخبار أو لا تقرأها، ترتشف فنجان القهوة، تنفث دخان سجارتك « ، وامرأة لا تملك إلا أن تقدم قرابين الولاء والخضوع، «وأنا كما الفراشة أحوم حولك أردد على أسماعك أجمل أشعار الحب والعشق التي أحفظها، وأقدم لك ولائم الولاء والطاعة «، وهي تفعل كل الذي تفعل إيمانا منها أن «الرجل حياة المرأة»، «الرجل ذاكرة المرأة»، ولا تملك هذه المرأة التي تنازلت عن عرشها لتكون مجرد تابعة، فراشة في حقل الرجل، تقدم له الحب والعشق، على أطباق الولاء والطاعة، إلا أن تنسحب من مملكته خاسئة حسيرة، «الليلة أغادر معبدك الورقي، أتخلى عن إقامة الصلوات المهداة لك كل صباح، أتوقف عن حفظ التراتيل التي أقدمها لك كامرأة فاضلة كل مساء عندما تعود متعبا، وأجثو عند قدميك أقدم لك قرابين الحب والوفاء»،وكما كان ذلك حاضرا في بداية المجموعة من خلال قصة أنوثة، فهو حاضر أيضا في آخر قصة والتي توشحت بعنوان «لحظة انعتاق»، وفي هذه العناوين الأربعة، أنوثة، جسد لك، حب في الكف، لحظة انعتاق، إصرار واضح على حضور المرأة في علاقتها بالآخر الرجل... يتبع