ورد في حديث: وأجملوا في الطلب. أي بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة، بغير كد ولا حرص. فيض القدير. فلكي أكون متوكلا. هل يجب علي فعل السبب من غير حرص ولا تعب، أو كد، وأسلم لله وأرضى، والله يكفيني؛ لأن التوكل سبب للزرق، أم يجب علي أن أجتهد وأحرص على الرزق، فأكون بذلك قد حققت التوكل المطلوب شرعا؟ أسأل؛ لأنني أشعر أنني مقصر في العمل بسبب انشغالي عنه بالدراسة، فهو عمل إضافي إلى جانب الجامعة، ولا أستطيع أكثر من ذلك. فهل يكفيني الله بذلك؟ الإجابة الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فيُشرع لك -أخي السائل- أن تبذل الأسباب المباحة في طلب الرزق مع الحرص، وما نقلته عن المناوي في فيض القدير فيه نقص، وتمامه يبين أن مراده بنفي الحرص، هو الحرص على الطرق المحرمة والشبهات. فقد قال المناوي في فيض القدير في شرح حديث: فاتقوا الله وأجملوا في الطلب: (وأجملوا في الطلب) بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة، بغير كد ولا حرص، ولا تهافت على الحرام والشبهات .. اه. فالمعنى إذاً عدم الحرص والتهافت على المحرمات والشبهات، وليس عدم الحرص على تحصيل الرزق بالطرق المباحة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَلَا تَعْجَزْ. رواه مسلم. قال القرطبي في المفهم: قوله: “احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز” أي: استعمل الحرص، والاجتهاد في تحصيل ما تنتفع به في أمر دينك ودنياك، التي تستعين بها على صيانة دينك، وصيانة عيالك، ومكارم أخلاقك، ولا تفرط في طلب ذلك، ولا تتعاجز عنه … اه. فإذا أردت أن تصيب حقيقة التوكل، فلا بد من فعل الأسباب الممكنة، ومن زعم أن التوكل لا حاجة معه إلى الأسباب، فهو ضال؛ كما قال شيخ الإسلام. فقد قال رحمه الله في مجموع الفتاوى: مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ يُغْنِي عَنْ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا، فَهُوَ ضَالٌّ. والله تعالى أعلم.