د / إسلام جمال الدين شوقي خبير اقتصادي مصري إتفق علماء الاقتصاد على أنَّ للاقتصاد سبعة ألوان: ” الرمادي، الأسود، الأحمر، الأبيض، البني، الأخضر، والأزرق”، تتعدد معها القضايا والمبادئ – فيما ألمح البعض إلى لونين آخرين هما: الفضي، والبنفسجي، ثم انفردت بإطلاق لون عاشر، لم يسبقني إليه أحد؛ وهو الأصفر، ليكون معبرًا ومرادفًا للاقتصاد القائم على الطاقة الشمسية حيث لم يسبق للكتابات الاقتصادية المصرية أو الأجنبية أن اطلقت هذا اللون( الأصفر أو أي لون آخر )على الاقتصاد القائم على الطاقة الشمسية. نتناول في هذا المقال الخمسة ألوان الأولى- على أن نستكمل بقية الألوان في الجزء الثاني- وهي : 1- الاقتصاد الرمادي: Gray Economy يعتبر الاقتصاد الرمادي هو ” الاقتصاد غير الرسمي ” ، الذي يُعرف بأنه ) جميع الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المؤسسات والتي لا تُدرج في الإحصائيات الرسمية “ ؛ أي لا تعرف الأجهزة الحكومية قيمتها الفعلية ، ولا تدخل في حسابات الناتج القومي ، ولا يتم تحصيل ضرائب عنها ، ولا يخضع العاملون فيها لأي نظام ضمان اجتماعي). ويرجع مفهوم الاقتصاد الرمادي إلى العالم البريطاني آرثر لويس، الذي وضعه في نموذج التنمية الاقتصادية ؛ والذي يستخدم لوصف فرص العمل أو توليد سبل العيش داخل العالم النامي أساسًا ، وتم استخدامه لوصف نوع من العمل الذي كان ينظر إليه على أنه يقع خارج القطاع الصناعي الحديث . إن الاقتصاد غير الرسمي ، أو القطاع غير الرسمي للاقتصاد ، أو الاقتصاد الرمادي هو جزء من اقتصاد لا يخضع للضريبة ، ولا يخضع لمراقبة أي جهاز من أجهزة الدولة ، وعلى الرغم من أن القطاع غير الرسمي يشكل جزءًا كبيرًا من الاقتصادات في البلدان النامية ، فإنه غالبًا ما يتم وصمه باعتباره مزعجًا ولا يمكن إدارته. ويتنوع الاقتصاد الرمادي- الذي يشكل من 40%-60% من الاقتصاد الكلي في الدول النامية – من حيث رأس المال المُستثمر، والدخل الناتج، والتكنولوجيا المستخدمة، وترجع مشاركة البعض فيه، إلى قدرتهم على التهرب من الضرائب، والتحايل على القانون. 2- الاقتصاد الأسود : Black Economy يُعد كل نشاط تجاري يتم خارج نطاق القوانين واللوائح وبعيدًا عن دفع الضرائب، جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد الأسود، أو ما يطلق عليه: اقتصاد الظل، أو الاقتصاد السري، أو الاقتصاد الخفي. وينتشر هذا النوع في معظم بلدان العالم، ولكن بنسب متفاوتة، وينشط كثيرًا في الدول ذات الأنظمة الضعيفة، والتي ينتشر فيها الفساد، وغياب العدالة الاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة، والتفاوت الكبير بين دخول المواطنين. .. ثلاث خصائص ويتميز الاقتصاد الأسود بثلاث خصائص رئيسة؛ وهي جوانبه غير القانونية، واستخدام غسيل الأموال لإكساب الأموال شكلًا قانونيًا، واتباع طرق ملتوية لتجنب كشف سلطات إنفاذ القانون عن المدفوعات والمعاملات المالية التي تتم. وعلى سبيل المثال، كشفت أستراليا في عام 2018 عن نحو 72 مليار دولار من الأنشطة غير القانونية التي استخدمت عملة "بتكوين" الرقمية؛ لتكون بمنأى عن أعين المسؤولين. ومن أبرز أمثلة الاقتصاد الأسود: الاتجار بالبشر، وسرقة المعلومات الشخصية والمالية ( للوصول إلى الحسابات المصرفية وبطاقات الائتمان)، والمخدرات، والأسلحة، والأموال المزورة، والبرمجيات المقرصنة والمنسوخة بشكل غير مشروع. 3- الاقتصاد الفضي Silver Economy: الاقتصاد الفضي هو” الاقتصاد الذي يهتم بفئة عمرية معينة ( كبار السن 50 سنة فما فوق ) ، ويشمل جميع الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة باحتياجات كبار السن ، وتأثير ذلك على العديد من القطاعات فهو ليس قطاعًا واحدًا بل نظام إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات التي تهدف إلى استخدام إمكانات شراء كبار السن وتلبية احتياجاتهم الاستهلاكية والمعيشية والصحية ، بما في ذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والقطاع المالي والإسكان والنقل والطاقة والسياحة والثقافة والبنية التحتية والخدمات المحلية وخدمات الرعاية الصحية طويلة المدى” . كما أنه من المتوقع أن يتزايد الاهتمام بهذا اللون من الاقتصاد على مدار الثلاثين عامًا القادمة خاصةً وأن كبار السن يمثلون شريحة كبيرة ومتنامية في العديد من الأسواق وخاصةً أيضًا أنه قطاع مليء بالفرص الواعدة والتي تلبي رغبات الشركات الناشئة سواء من الناحية المادية أو اللوجيستية ولذلك يمكن للشباب الاستفادة من ذلك بعمل مشروعات تجتذب هذه الفئة العمرية. 4- الاقتصاد الأحمر : Red Economy وهو ” الاقتصاد الذي تسيطر فيه الحكومة على معظم وسائل الإنتاج والتوزيع ” ، وهذا اللون من الاقتصاد ذا صبغة شيوعية ، وقد فقد هذا الاقتصاد كثيرًا من وزنه بعد سقوط الشيوعية في الإتحاد السوفيتي والصين ، فالشيوعية فكرة قديمة ظهرت في التاريخ أكثر من مرة ، أما بالنسبة للشيوعية الماركسية الحديثة فقد ظهرت في القرن التاسع عشر ، وقد عرفها البعض على أنها حركة فكرية واقتصادية وضعها كارل ماركس تقوم على إلغاء الملكية الفردية وإلغاء الثروات وإشراك الناس كلهم في الإنتاج على حد سواء. ولاشك أن الاقتصاد الأحمر وجه له الكثير من الانتقادات ، وهي التي جعلته يفقد الكثير من وزنه خاصةً في ظل الملكية الجماعية لأدوات الإنتاج، وهدف الإنتاج هو إشباع الحاجات العامة، وقيمة السلعة يحددها قيمة العمل المبذول فيها . ومن الجدير بالذكر أنه من أكبر الانتقادات الموجهة للاقتصاد الأحمر هو إدارة النشاط الاقتصادي عن طريق التخطيط المركزي ( مشكلة المركزية ) ، وتمثل هذه النقطة الجوهرية مشكلة في إدارة الدولة ، فدولة عملاقة كالصين في زمن ماو تسي تونغ أو الإتحاد السوفيتي ؛ كان أصغر قرار يتخذ فيها كان يصعد للقيادة العليا في بكين أو موسكو ليتم الموافقة عليه. هذا بالإضافة إلى غياب المنافسة تمامًا ، فيختفي دافع التطوير وتخفيض التكلفة ، ويصبح الدافع الوحيد ليعمل الناس هو أن ينهو وردية العمل اليومية المحددة من قبل الحكومة ، وفي كل الأحوال يكون العميل ( مشتري السلعة ) مضمون لأنه يجب أن يشتري الإنتاج رغمًا عنه ، لأنه لا يوجد بديل منافس من الأساس والأمثلة على ذلك كثيرة. 5- الاقتصاد الأبيض : White Economy تم تسمية مصطلح “Flat White Economy ” نسبةً إلى مشروب القهوة الأكثر شعبية لدى محبو موسيقى الجاز في جميع أنحاء العالم، فقدصاغه الاقتصادي دوجلاس ماكويليامز في كتابه “الاقتصاد الأبيض المسطح: كيف يحول الاقتصاد الرقمي لندن ومدن المستقبل الأخرى” ويرى ماكويليامز أن محبو موسيقى الجاز ونظامهم الإيكولوجي يمثلون مستقبل الرخاء البريطاني أكثر خضرة والأكثر أخلاقية ، والعمل في الصناعات التي تدفع الاقتصاد تجاه النمو مثل التجارة الإلكترونية والتسويق حيث تبدأ هذه الشركات الإبداعية القائمة على الإنترنت في التجمع ، وينطلق التجار حول هذه الشركات سواء كانت في المطاعم أو المقاهي. وقد أوضح البروفيسور دوجلاس ماكويليامز في كتابه الذي صدر في عام 2015 بعنوان” الاقتصاد الأبيض المسطح كيف يغير الاقتصاد الرقمي، لندن ومدن المستقبل ” ؛ حيث ضاعف الاقتصاد الأبيض فرص العمل في لندن، وزاد من نموها بسرعة كبيرة، وخاصةً من خلال البيع والتسوق عبر الإنترنت، فالاقتصاد الأبيض هو النظام الذي يحيط بصناعة تكنولوجيا المعلومات بمعناها الواسع. ويُعدَ الاقتصاد الأبيض هو المحرك الأكثر أهمية للاقتصاد في بريطانيا ، ويتألف هذا المصطلح من الأعمال الرقمية والإبداعية التي تتجمع حول مناطق ميدان السيليكون في شمال شرق لندن والفنون والترفيه والبحث العلمي والتطوير ، فضلاً عن الإعلان وأبحاث السوق والاتصالات السلكية واللاسلكية.