افتتاح السنة القضائية الجديدة بولايات جنوب البلاد    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44330 شهيدا و 104933 جريحا    عميد جامع الجزائر يدعو الى الاستلهام من دروس الثورة التحريرية المجيدة لمواجهة التحديات الراهنة    حوادث الطرقات: وفاة 41 شخصا وإصابة 193 آخرين خلال أسبوع    السيد بلمهدي يشرف على انطلاق الدورة الثانية لتأهيل محكمي المسابقات القرآنية    اختتام الحملة الوطنية للتوعية والتحسيس حول سرطان البروستات    الألعاب الإفريقية العسكرية: الجزائر تتوج بثلاث ذهبيات جديدة في الجيدو وأخرى في الكرة الطائرة    بورصة الجزائر: شركة توسيالي الجزائر تحصل على التأشيرة لإصدار قرض سندي    منظمة التحرير الفلسطينية تدعو الأمم المتحدة إلى إلزام الكيان الصهيوني بإنهاء وجوده غير القانوني على أرض دولة فلسطين    مولوجي تستقبل رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني    العدوان الصهيوني: 2500 طفل في غزة بحاجة إلى إجلاء طبي    تدشين "دار الصنعة" بالجزائر العاصمة, فضاء ثقافي جديد مخصص للفنون والصناعات التقليدية    أوبك+: تأجيل الاجتماع الوزاري القادم إلى 5 ديسمبر المقبل    البرتغال تستضيف الندوة ال48 ل أوكوكو    عطّاف يدعو إلى مبادرات فعلية وجريئة    سوناطراك تشارك في صالون كوت ديفوار    ركاش يروّج لوجهة الجزائر    شركات مصرية ترغب في المشاركة    الحكومة تدرس آليات تنفيذ توجيهات الرئيس    الحسني: فلسطين قضيتنا الأولى    إرهابي يسلم نفسه ببرج باجي مختار    معسكر تحيي ذكرى مبايعة الأمير عبد القادر    رئيس الجمهورية يجدد دعم الجزائر الثابت لفلسطين    كأس افريقيا 2024 سيدات/ تحضيرات : فوز الجزائر على اوغندا وديا (2-1)    منتدى دولي للفن التشكيلي المعاصر: فنانون جزائريون مقيمون بالخارج يبرزون ارتباطهم بتقاليد الممارسة الفنية الوطنية    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    ميناءا عنابة وجيجل بمواصفات عالمية قريبا    مرافقة الدولة مكّنت المؤسسات المصغّرة من إثبات جدارتها    الارتقاء بالتعاون العسكري بما يتوافق والتقارب السياسي المتميّز    الإطار المعيشي اللائق للمواطن التزام يتجسّد    الجزائر تؤكد على حماية العاملين في المجال الإنساني    أوامر لإعادة الاعتبار لميناء الجزائر    198 مترشح في مسابقة أداء صلاة التراويح بالمهجر    حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة    إرث متوغِّل في عمق الصحراء    عطال يتعرض لإصابة جديدة ويرهن مستقبله مع "الخضر"    انطلاق تظاهرة التعليم التفاعلي "خطوتك"    مدرب فينورد ونجوم هولندا ينبهرون بحاج موسى    انتقادات قوية لمدرب الترجي بسبب إصابة بلايلي    8 عروض وندوتان و3 ورشات في الدورة 13    بللو يدعو المبدعين لتحقيق نهضة ثقافية    "فوبيا" دعوة للتشبث برحيق الحياة وشمس الأمل    فحص انتقائي ل60900 تلميذ    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    كأس إفريقيا 2024: المنتخب الوطني النسوي يواصل تحضيراته بحضور كل اللاعبات    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    ترقب تساقط بعض الأمطار وعودة الاستقرار يوم الجمعة    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فضيحة البنك الدولي

منذ عام 2003 والبنك الدولي يصدر تقرير سهولة الأعمال بشكل سنوي، مقيّماً البيئة الاستثمارية في الدول من خلال 10 عوامل مرتبطة بالأعمال التجارية ابتداءً من سهولة بدء النشاط التجاري والحصول على التمويل، ودفع الضرائب وحتى سهولة الحصول على الكهرباء!
ويعد هذا التقرير إحدى أهم الأدوات التي تستند إليها حكومات العالم لتقييم تقدم خطط تحسين المناخ الاستثماري فيها. وتكمن قوة هذا التقرير في عدة نقاط منها صدوره من مؤسسة عالمية معتبرة ومستقلة مثل البنك الدولي، وأنه أحد أقدم المؤشرات المرتبطة ببيئة الأعمال، إضافةً إلى أن الكثير من التقارير والمؤشرات العالمية تستند إليه عند النظر إلى البيئة الاستثمارية. وفوق ذلك كله، فهو مرجع يُستخدم بكثرة من المستثمرين عند الدخول إلى الأسواق، ولذلك فإن أثره على الاستثمار الأجنبي لا يمكن إغفاله.
هذه النقاط جعلت من وصف (الفضيحة) وصفاً غير مبالغ فيه تعبيراً عمّا حدث في البنك الدولي خلال الأسبوع الماضي. فقد أظهر تحقيق بدأته اللجنة الأخلاقية في البنك الدولي في جوان الماضي، أن مسؤولي البنك ضغطوا على الموظفين خلال تقريري 2018 و2020 لتحسين ترتيب الصين لكسب ودها حتى تزيد من تمويلها للبنك الدولي. هذه الضغوط وصلت إلى حد تهديد بعض الموظفين بالفصل إن لم يمتثلوا لأوامر رؤسائهم. وأظهر التحقيق أن موظفي البنك تلاعبوا بعدد من العوامل لتحسين ترتيب الصين، من خلال رفع أوزان العوامل ذات الأداء الجيد للصين، وخفض أوزان الأخرى ذات الأداء الجيد، ليرتفع بعدها ترتيب الصين من المرتبة 85 إلى 78 عالمياً. وهذه ليست المرة الأولى التي تتكشف فيها تلاعبات للبنك الدولي في هذا التقرير، فقد استقال كبير الاقتصاديين في البنك (بول رومر) عام 2018 بعد أن صرح بأنه لا يستطيع الدفاع عن نزاهة التقرير.
وكانت البلغارية كريستالينا غورغييفا هي بطلة الفضيحة، حين كانت المدير التنفيذي للبنك الدولي آنذاك، وقد رفضت غورغييفا هذه الاتهامات واصفةً إياها بالاتهامات الباطلة. ولكن مَن عملت معهم غورغييفا في الماضي لم يبتعدوا كثيراً عن مثل هذه التصرفات. فهي كانت ضمن فريق الأميركي بول وولفويتز الذي استقال من رئاسة البنك عام 2007 إثر فضيحة إدارية بعد اتهامه بالتدخل في ترقيات وحوافز الموظفين، وسبق لها العمل مع الفرنسي ستراوس كان الذي استقال من رئاسة صندوق النقد الدولي عام 2011 بعد اتهامات وُجهت إليه بالتحرش الجنسي. واليوم تشغل غورغييفا منصب مدير صندوق النقد الدولي! ولا غرابة في أن يطيح بها الصندوق من رئاسته خلال الأيام القادمة، لا للتشكيك في نزاهتها، ولكن لكي لا ترتبط سمعتها الحالية بسمعة الصندوق.
وعودة لتقرير سهولة الأعمال، فهو تقرير لطالما انتُقد من الكثيرين بسبب ضعف منهجيته، فهو لا يعتمد على بيانات كميّة، بل على استبيانات يعبئها محامون ورجال أعمال وأكاديميون، وهو لا يستند بذلك إلى وقائع فعلية، بل إلى آراء شخصية بحتة يسهل التلاعب بها. والتقرير يتعمّد في كثير من الأحيان إثارة الجدل بتفضيل الدول بعضها على بعض، مما يجعلها تتنافس فيما بينها لتحسين بيئتها الاستثمارية وبالتالي جذب الاستثمارات الأجنبية إليها. وهذه إثارة رخيصة لا تليق حتى بمؤسسة محلية مغمورة، فماذا عن مجموعة عالمية تعتمد عليها الدول في الاستشارات لتحسين نموها الاقتصادي وتمويل خططها التنموية! والمتأمل في تقرير سهولة الأعمال يجد الكثير من النتائج المستغربة، فآخر تقرير يوضح تفوق كل من المجر وأرمينيا ورومانيا وكوسوفو في سهولة الأعمال على إيطاليا والسعودية والمكسيك!
وتصرُّف البنك الدولي حيال هذه الحادثة فيه تجرّد واضح عن المسؤولية، فقد أوقف التقرير عن الصدور، بعد أن أصبح ورقة محترقة لا يمكن الأخذ به، وألقى بكامل المسؤولية على غورغييفا دون النظر إلى أن هذه الممارسات هي ممارسات مؤسسية لا يمكن أن يقوم بها فرد دون تأييد مؤسسي، ولم تقم غورغييفا بهذا التصرف –إن كانت هي المسؤولة فعلاً- إلا وهي مدركة أنها ستفلت بفعلتها دون عواقب.
إن مثل هذه التقارير أو المؤشرات العالمية تستخدمها الدول كدلائل على قياس أدائها لكونها جاءت من جهات مستقلة وغير مستفيدة من أي نتيجة تخرج بها هذه التقارير. وقد تبني الدول بعض استراتيجياتها بناءً على هذه المؤشرات، وما فعله البنك الدولي هو فضيحة أثّرت بالفعل على سمعته ونزاهته. وهو دليل على أن الدول يجب أن تنظر إلى هذه التقارير بحذر لكونها قد يساء استخدامها. ولطالما كتبت المؤسسات الدولية في بداية تقاريرها الدورية الديباجة المعتادة، وهي أن هذه التقارير (براغماتية)، وأنها لا تخدم أي أجندة، وأن الهدف منها هو تحسين جودة الحياة، أو دعم الاقتصاد العالمي، أو زيادة الرفاهية المعيشية، أو غيرها من الأهداف التي قد تبدو سامية في ظاهرها، وسامّة في باطنها. وما فضيحة البنك الدولي إلا دليل آخر على أن الكثير من هذه التقارير تقارير مسيّسة وموجّهة من دول لخدمة أهدافها.
الشرق الأوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.