وضع صندوق الاستثمار الأمريكي "تي. روو برايس"، الجزائر ضمن قائمة الدول الموصوفة اقتصادياتها ب" الصاعدة"، وتوقع الصندوق أن تتحول الجزائر إلى واحدة من الأسواق التي تشهد نموا استثماريا معتبرا في السنوات القليلة المقبلة. ولم يخف هذا الصندوق المعروف بقوة سيولته المالية، التي تقدر بملايير الدولارات، نيته في العمل من أجل إنشاء صندوق مشترك لاستقبال مساهمات المتعاونين، تخصص عائداته لمساعدة الاقتصاديات الصاعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي تعد الجزائر واحدة من دولها، وذلك بهدف الاستثمار في شركات المنطقة، من خلال شراء أسهمها. غير أن المشكل يكمن في أن اهتمامات "تي. روو برايس"، تتعلق فقط بشراء أسهم الشركات والمؤسسات العمومية، التي عادة ما تملك أسهما في البورصة، وهو الأمر الذي يبقى غير متوفر في الحالة الجزائرية، نظرا للعجز الذي تعاني منه بورصة الجزائر، بسبب الهزات التي تتعرض لها من حين إلى آخر، فضلا عن أن الشركات الجزائرية لا زالت لم ترق بعد إلى مستوى يمكنها من تحديد أسهمها عن طريق البورصة. وجاء هذا التصريح مناقض تماما لما أورده آخر تقرير صادر عن البنك العالمي، والذي رتب الجزائر في المرتبة 112 فيما يتعلق بتقدم الإصلاحات، ومدى مواءمتها مع المعايير الدولية التحفيزية لاستقبال رؤوس الأموال الأجنبية، بالرغم من وجود دول من منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط في قائمة الدول التي كيفت اقتصادياتها مع المتطلبات العالمية الجديدة، تما مثلما تعلق الأمر بالتقرير الآخر، الذي وضع الجزائر في المرتبة ال 99 عالميا من حيث تفشي الفساد والرشوة. وفشلت الجزائر، بحسب التقرير الجديد، في تحقيق سلسلة من الشروط التي حدد على إثرها الترتيب، ومن بينها إجراءات تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال التجارية، وتخفيض الحد الأدنى لرأس المال اللازم لبدء النشاط التجاري، كما لم تنجح في إلغاء شرط الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لبدء النشاط التجاري (إنشاء الشركات)، الأمر الذي حال دون تمكن العديد من المستثمرين في إنشاء شركات لهم بالجزائر، على عكس دول منافسة في استقبال رؤوس الأموال، مثل مصر والصين والهند وفييتنام وتركيا. وعلى صعيد مؤشر سهولة قيام المساهمين بإقامة الدعاوى القضائية، الذي يعتبر أحد مكونات مؤشر حماية المستثمرين، لم تتحصل الجزائر ولو على نقطة واحدة من عشرة، وهو تقرير يطعن في مصداقية قطاع العدالة، الذي قال إنه يستغرق وقتا طويلا قبل أن يحسم في أي ملف استثماري، على عكس الجارة المغرب، التي تحصلت على نقطة واحدة، والإمارات العربية المتحدة على نقطتين فقط. كما عجزت عن تخفيض الوقت والتكلفة المرتبطتين ببدء ممارسة النشاط التجاري، وكذا تخفيض رسوم تسجيل الملكية من قيمة الأملاك العقارية إلى مبلغ ثابت ومنخفض، وعجزت عن التخفيف من حدة الإجراءات البيروقراطية التي تواجه شركات البناء في الحصول على تصاريح البناء وتراخيصه، وتفتقر إلى مجمعات خدمات الاستثمار الموحدة لخدمة التجار ورجال الأعمال، ومراكز خاصة للمعلومات الائتمانية. ووضع تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2008، الذي يعد الخامس في سلسلة من التقارير السنوية التي يصدرها البنك الدولي بالاشتراك مع مؤسسة التمويل الدولية، مصر في قائمة البلدان التي قامت بأكبر عدد من الإصلاحات على مستوى العالم في عام 2006/2007، متقدمة على جميع البلدان الأخرى القائمة بالإصلاح على مستوى العالم في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في تنفيذ إصلاحات، التي تستهدف تسهيل ممارسة أنشطة الأعمال التجارية، حيث حققت تحسينات في خمسة من بين المجالات العشرة التي خضعت للدراسة في هذا التقرير. كما انضمت المملكة العربية السعودية، التي حلت في المرتبة السابعة من حيث سرعة الإصلاحات على مستوى العالم والثانية على مستوى هذه المنطقة، إلى مصاف البلدان الخمسة والعشرين المتصدرة لقائمة سهولة ممارسة أنشطة الأعمال على مستوى العالم، بعد تبنيها لإجراءات بدء النشاط التجاري ، ملغية شرط الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لبدء النشاط التجاري، والذي كان يُعتبر أعلى حد لرأس المال على مستوى العالم محمد مسلم