دعت ياسمينة سلام قراءها، في كتابها المعنون "ذاكرة طبخ الجزائر، تاريخ الوصفات"، لاستكشاف فن الطبخ الجزائري من خلال منظور تاريخ الطعام وأدب فن الطبخ العالمي ومن منظور تاريخ أصالة التراث المحلي الغني الذي تم إثراؤه بمرور الوقت، مع الرجوع إلى غاية فن الطبخ في العصور القديمة. وتم نشر هذا الكتاب في إصدارات الوكالة الوطنية للنشر والاشهار بمناسبة صالون الجزائر الدولي ال25 للكتاب (سيلا)، الذي نُظم مؤخرا، حيث يستند هذا الكتاب الجميل المكون من 110 صفحة إلى عمل وثائقي ثري حول تاريخ الطعام منذ عصور ما قبل التاريخ وقواعد الغذاء الصحي في إمبراطورية كونفوشيوس الصينية (القرن الخامس قبل الميلاد) أو روما لأبيسيوس، وصولا إلى إمكانات فن الطبخ المعاصر. واختارت المؤلفة نشر ما كان يأكله أسلافنا البعيدون وإعطاء القراء الرغبة في استكشاف هذه التغذية معتبرة "أن الطبق هو قصة منطقة (…) وأن ثراء الطبخ في الجزائر هو نتيجة العبقرية المحلية وبصمات الحضارات الأخرى". ياسمينة سلام، التي ابتعدت عن كتاب الوصفات البسيط ، تتساءل عن الأسباب التي جعلت هذا التراث الموروث من جيل إلى جيل "مجهولا كلية".كما تعرض المؤلفة الحاصلة على شهادة في الهندسة الزراعية ملخصات للكتابات القديمة حول فن الطبخ، مثل الألواح البابلية التي يعود تاريخها الى 400 سنة قبل الميلاد، التي تعتبر أول وثائق حول الطبخ، والتي تقدم "وصفات يمكن صنعها اليوم". كما استشهدت المؤلفة ب "كتاب الطبخ" لإبراهيم ابن المهدي، وهو أول كتاب طبخ باللغة العربية ، وكتاب آخر لابن سيار الوراق وهو "أول كتاب يصل إلينا برمته". وتقترح ياسمينة سلام تتبع مسار فن الطبخ الجزائري، بناء أولا على أقدم الأواني المكتشفة في الكتابات والأبحاث القليلة المتوفرة والتي تقدم معلومات عن تغذية النوميديين أو عن الأمويين والعباسيين والأندلسيين أو حتى العثمانيين. من حيث الوصفات، تقدم المؤلفة أقدم الإنجازات المعروفة لفن الطبخ الجزائري مثل "الدجاج النوميدي" و"التمر المحشي" ، نقلا عن أبيسيوس، أحد رموز المجتمع الروماني الراقي، والكسكس الجزائري الذي لم يعد بحاجة الى إظهار تنوعه وأصالته وأصوله منذ تصنيفه كتراث انساني عالمي. كما قدمت ياسمينة سلام مجموعة صغيرة من الوصفات الأصيلة و اختارت أيضا إبراز إثراء فن الطبخ الجزائري تحت تأثير الثقافات المختلفة. ياسمينة سلام، مهندسة زراعية وأستاذة في المدرسة العليا للأساتذة، افتتحت مائدة طعام الضيوف في سنة 2011، بعد تقاعدها، بهدف التعريف بالمطبخ الجزائري التقليدي المحض. وهي عضو في لجنة تحكيم مسابقة "ماستر شاف-الجزائر" (Master Chef Algérie)، وتتدخل أيضا في العديد من الحصص التلفزيونية لنقل تراث طبخ غير معروف أو منسي ومأكولات صحية قائمة على المعرفة الأكاديمية.