تلقت أحزاب "الصف الثاني" صعقة كهربائية طاقتها 220 فولط، دفعتها إلى التكتل لمواجهة مخلفات الندوب التي أحدثتها الصعقة، لكنها لا تفكر أبدا في ترك المقاعد الزرقاء. عندما اسدل الستار عن الحملة الانتخابية لتشريعيات 10 ماي، ردّد الكثير من قادة الأحزاب "الأغلبية لنا" لكن من كان يردد ذلك صعق كهربائيا ب"220 فولط" وهي عدد المقاعد التي نالها الأفالان في التشريعيات الاخيرة. احتج من احتج من الأحزاب السياسية، فنطق رئيس جبهة العدالة والتنمية جاب الله الذي حلم بالأغلبية فنال سبعة مقاعد، ليقول "إنها مسرحية"، وقالت لويزة حنون إن النتائج "عملية انقلابية"، وتوزعت التنديدات وسط الأحزاب المجهرية التي لم تجد حتى من يغطي ندواتها الصحفية التي ساقت فيها التنديد ب"فبركة" التشريعيات، مثلما تقول. سؤال واحد يطرحه المتتبعون للشأن الانتخابي في الجزائر، وفي هذا الوقت بالذات: لما لم يعلن ولا واحد من الأحزاب المنددة انسحابها من المجلس الشعبي الوطني، طالما رأت نفسها مظلومة وهي التي ساقت خطابات جوفاء في الحملة الانتخابية، أم أن سحر الكرسي الأزرق يمنع الرجوع عن مكسب 30 مليون سنتيم شهريا؟ كان واضحا من البداية تعثر أحزاب بعينها وتقدم أحزاب أخرى، لكن ما اكتُشف، يقر بوجود عديد الأحزاب القديمة، تبكي ظلما اقترفته الانتخابات بحقها وهي التي صادقت على قانون الانتخابات الجديد، دون أن تكتشف أن هناك مادة تقول أن الأحزاب التي لم تحصل على خمسة بالمئة من الأصوات المعبر عنها، ستزاح ولا تدخل في حسابات إقرار المقاعد البرلمانية، وهي مادة استفاد منها الأفالان والأرندي ومرّت على أعين نواب الأحزاب "المندوبة" وصادقوا عليها عن جهل مريع جدا. ولا ينبئ الواقع أن الأحزاب التي تسعى للتنسيق في جبهة مضادة لنتائج التشريعيات، ستسير إلى منتهاها، تبعا لتجارب عديدة أكدت استحالة التفاهم بين الأحزاب، فقرر أول أمس "تكتل الجزائر الخضراء" التواصل مع كل أطياف الطبقة السياسية للتشاور وتنسيق المواقف وبحث إمكانية الخروج بموقف مشترك حيال نتائج التشريعيات المعلن عنها "لتصحيح مسار الديمقراطية ولجم نهم الداعين إلى عودة الجزائر إلى ما قبل 05 أكتوبر 1988". واستفيد من حركة مجتمع السلم أن أعضاء في مجلس الشورى بدأوا يطالبون بعقد اجتماع طارئ، لسحب الثقة من ابوجرة سلطاني، لكن أعضاء آخرين يفضلون انعقاد المؤتمر العادي للحركة العام المقبل للفصل في مصير سلطاني. وانضمت نعيمة صالحي رئيسة حزب العدل والبيان الذي لم يحصل على أي مقعد في الانتخابات التشريعية، إلى كتلة المحتجين على نتائج التشريعيات، وقالت إن حزبها سيواصل النضال السياسي عبر إقامة تحالفات مع أحزاب ذات التوجه المشترك. وأوضحت صالحي، في ندوة صحفية عقدتها بمقر الحزب لشرح موقف حزبها من نتائج التشريعيات، أن تشكيلتها المعتمدة مؤخرا قررت مواصلة "النهج النوفمبري الديمقراطي الذي سيعيد للشعب حقه"، وأشارت إلى أن حزبها "يعتزم إقامة تحالفات مع أحزاب أخرى تتقاسم معها نفس الأهداف من بينها تكريس مبدأ الديمقراطية والتخلص من الوصاية في الداخل والخارج". وقالت صالحي أن نتائج استحقاق 10 ماي الماضي يعكس "عدم وجود نية سياسية في التغيير الذي كان ينتظره الشعب"، وأن حزبها سجل "تجاوزات خلال عملية الاقتراع" منها على حد قولها "حرمان المراقبين ومترشحي الأحزاب من أداء واجبهم ومنع ممثلي الأحزاب من حضور عملية الفرز" دون أن تقدم دليلا واحدا على ذلك.