يتوجه البابا بنديكتوس السادس عشر من الجمعة إلى الأحد إلى لبنان، في رحلة تنطوي على حساسيات كبرى ولا تخلو من المخاطر في هذا البلد الذي تخيم عليه الأزمة السورية وحيث كل من كلماته حول التوازنات السياسية والتعددية الدينية في الشرق الأوسط ستكون موضع ترقب وتحليل كبيرين. ولم يشأ البابا الغاء هذه الزيارة التي قد تكون الاصعب خلال فترة ترؤسه الكنيسة الكاثوليكية، بسبب المأساة التي يعيشها العديد من المسيحيين في الشرق، مهد المسيحية بسبب خصوصا تصاعد موجة التطرف. واكد البابا الاحد ان "زيارتي الرسولية الى لبنان وعبره الى الشرق الاوسط باكمله توضع تحت علامة السلام". واضاف ان "الالتزام بالحوار والمصالحة يجب ان يكون اولوية لكل الاطراف المعنية ويجب ان يكون مدعوما من المجتمع الدولي الذي بات اكثر ادراكا لاهمية السلام المستقر والدائم في الشرق الاوسط بالنسبة للعالم اجمع". وسيلقي البابا سبعة خطابات على الاقل خلال هذه الرحلة ال24 الى الخارج منذ انتخابه عام 2005. وابرز المحطات ستكون لقاء السبت في القصر الرئاسي في بعبدا مع المسؤولين السياسيين والدينيين بينهم من المسلمين، ثم القداس الاحتفالي في وسط بيروت على الواجهة البحرية في أمسالاخير من الزيارة. والتوقعات كبيرة لدى الطوائف المسيحية المنقسة بعمق من جراء النزاع السوري. وتامل هذه الطوائف في ان تهدئ كلماته من الوضع المتوتر الذي يعيشه 13 الى 15 مليون مسيحي في الشرق الاوسط. وسيتوخى البابا بالتاكيد الحذر ويمكن ان يخيب آمال اللبنانيين الذين ينتظرون ردودا سياسية. وقد طلب بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام من البابا اعتراف الكرسي الرسولي بالدولة الفلسطينية معتبرا ان هذا الموضوع الجوهري "له تاثير كبير جدا" على المسيحيين في كل المنطقة. وضمنيا يشير الى ان مثل هذا الاعتراف، سيساعد على ترسيخ حضورهم باستقرار. من جهته قال بطريرك انطاكية للسريان اغناطيوس يوسف الثالث يونان ان الزيارة يمكن ان تشكل فرصة للمطالبة بان يجلس الاطراف في سوريا الى طاولة مفاوضات. ومن المتوقع ان يدعو البابا المسيحيين الى العمل من اجل السلام والديموقراطية بتوافق تام مع الاسلام. كما من المتوقع ان يطالب بنموذج من العلمانية يضمن التعددية الدينية كما يمكن ان يعتمد لهجة اكثر حزما لمطالبة المسلمين باحترام الهوية المسيحية. وهذه الرسالة يتوقع ان ترفق بدعوة الى المسيحيين لتجاوز خلافاتهم. ومن المرتقب ايضا ان يكرر الرسالة التي وجهها سلفه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني الذي اكد ان لبنان المتعدد الطوائف مع 34% من المسيحيين، يشكل "رسالة" لكل المنطقة. ومع توقيعه الارشاد الرسولي مساء الجمعة في بازيليك القديس بولس في حريصا شمال بيروت الذي هو ثمرة اعمال السينودوس حول الشرق الاوسط الذي ترأسه في روما عام 2010، يتوقع ان يوجه دعوة قوية الى المسيحيين لمقاومة النزعة الى الهجرة التي تزايدت منذ مطلع 2011 بسبب "الربيع العربي". ومن المتوقع ان يدعو البابا الى حسن معاملة اللاجئين في لبنان -- حوالى 400 الف فلسطيني والان السوريين (55 الف لاجىء مسجلين لكن يمكن ان يبلغ هذا العدد 150 الفا بحسب كاريتاس) وايضا ان يتطرق الى اوضاع "العبودية الحديثة" التي تطال المهاجرين من اجل العمل. وبخصوص سوريا، سبق ان اطلق البابا بنديكتوس السادس عشر دعوات ملحة من الفاتيكان من اجل حل سياسي ووقف المجازر. ومن غير المرتقب ان يكون اكثر وضوحا من ذلك. والطبقة السياسية اللبنانية والطائفة المارونية منقسمة في ما بينها ازاء النزاع السوري ومسالة بقاء الرئيس السوري بشار الاسد في السلطة، حيث ان قسما منها يدعم ذلك والقسم الاخر يعارضه. وكان الاب ميغيل انخيل ايوسو غيكسو سكرتير المجلس البابوي للحوار بين الاديان اعتبر في نهاية الاسبوع في اسطنبول انه على المسيحيين ان يشكلوا "جسرا" مضيفا ان تطلعات الشعب السوري "مشروعة" ويجب الا تعتبر مجرد ثمرة تاثيرات خارجية. ومن المتوقع ان يخص المسلمون البابا باستقبال حار رغم ان بعض الائمة المتطرفين اعلنوا انه غير مرحب به.