قدمت جمعية نوميديا الثقافية لبرج بوعريريج، أول أمس بالجزائر العاصمة، العرض الشرفي لمسرحية "نزهاو.. في الحرب" من إخراج حليم زدام انطلاقا من نص عالمي يستنكر عالم الحروب ويفسح المجال للفرد التعبير عن رغبته في الحياة والسلام أمام أهوال الموت والصراع. وتابع جمهور المسرح الوطني الجزائري، أحدث إنتاجات جمعية نوميديا الثقافية بعنوان "نزهاو.. في الحرب" من إخراج عبد الحليم زدام عن نص "نزهة في الريف" للكاتب الاسباني فارناندو أرابال، تحدث فيها عن عبثية الحرب من خلال محاولة التعمق في أفكار الذات الإنسانية لفهم الدوافع والمشاعر المتناقضة التي تجتاح الإنسان وهو في غمرة صراعه من أجل البقاء. وعبر مواقف إنسانية تميل إلى الكوميديا الساخرة، تتشكل أحداث المسرحية في مكان ما في العالم حيث الحرب مشتعلة والعالم مقسم بين معسكرين، وبينهما شابين تم تجنيدهما في الحرب (فارس بن عبد الرحمن وعقبة بوعافية) ولا يعرفان شيئا عنها ولا عن دواعيها، تجمعهما الأقدار في ميدان المعركة عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكنهما يتقاسمان نفس مشاعر الخوف ويحملان نفس السؤال المصيري: متى تنتهي الحرب؟ إلا أن الإجابة على هذا السؤال سنتعرف عليها من خلال مواقف كوميديا تخفف من وطأ القنابل وصوت الرصاص الذي حرم الأفراد من العيش في سلام. ويتزايد عدد الممثلين فوق الخشبة بانضمام شخصيتان جديدتان بملامح كاريكاتورية وهما عجوزان سائحان (الممثلان عمار دامة وعيسى فراطسة) بأطوار غريبة يقرران الخروج في نزهة في أرض المعركة دون الإكتراث للعواقب، وبين قدرتهما على تجاهل صوت الرصاص وإضفاء الحياة على المكان، تظهر أيضا شخصية طفلة (الممثلة هادية بوبكري) تتجول بعربة مملوءة بالدمى لكنها تشبه في مساعيها شخصية متعهد الموتى في أفلام الرعب. واعتمد زدام على المبدأ الذي كتبت من اجله مسرحية المؤلف الإسباني أرابال، حيث تتحكم الصدمة في مجرى الأحداث الدرامية لتظهر من خلالها إبعاد أخلاقية وأخرى إنسانية وذلك عبر هذه القصة. ومع تعديلات تناسب رؤيته الدرامية، اختار المخرج إقحام شخصية الفتاة الصغيرة والسائحين بدل الاحتفاظ بشخصيات الأب والأم اللذان يقرران زيارة ابنهما في أرض المعركة. ووسط ديكور مجرد، اختزلت سينوغرافيا (عقبة بوعافية) هذا العمل المسرحي الجديد عالم الحرب الذي تحركت من خلاله الشخصيات والمتمثل في ستائر مثبتة توحي إلى أرض قاحلة غير مغطاة وصخور مرمية وتربة جافة وممرات محتملة إلى جانب عمود كهربائي وحيد على يسار الخشبة كان عبارة عن مركز الاتصال يحمل رقم 47 وفيه كان الجندي يتلقى الأوامر من قيادته الوهمية التي تهاتفه في كل مرة. كما ظهرت الخيارات الذاتية للمخرج فيما يخص إستعمال الموسيقى والأغاني، فاختار موسيقى البلوز التي تترجم المشاعر الدفينة لدى الفرد وأطلق العنان لأغاني كانت نكهة تلك النزهة الغريبة على صوت ألفيس بريسلي وبيبي كينغ وجامس براون وأيضا المغني والشاعر رينو.