أفتتحت صبيحة أمس الاثنين فعاليات ملتقى الجزائر الدولي الأول حول "التراث الثقافي المغمور بالمياه" بحضور نخبة من الخبراء والمختصين لبحث مقاربات الحماية والتثمين، وآليات ناجعة لبلورة تصور استشرافي ومخطط وطني عملياتي وفقا للمرجعيات الدولية المعمول بها. الملتقى الذي تنظمه وزارة الثقافة والفنون تزامنا و تاريخ مصادقة الجزائر على اتفاقية منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" 2001 والمتعلقة بحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه والمؤرخة في 26 فيفري 2015 ، افتتح بمحاضرة مستشار التراث الثقافي العالمي منير بوشناقي حول اكتشاف الميناء القديم لمدينة تيبازة الأثرية من خلال علم الآثار التحت المائي، عقب كلمة مدير المكتب الجهوي لليونسكوايريك فالت، والكلمة الافتتاحية لوزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي التي دعت فيها الفاعلين في المجال إلى ضرورة تفعيل وتسهيل كل الإجراءات اللازمة للشروع في العمل الميداني بالتنسيق مع كل القطاعات والهيئات ذات الصلة، قصد وضع الآليات المناسبة لحماية هذا الإرث وتثمينه وفق ما تنص عليه المرجعيات القانونية والاتفاقيات المبرمة، اعتبارا أن تنفيذ اتفاقية عام 2001 تهدف أيضاً إلى ضمان إسهام التراث الثقافي المغمور بالمياه في تجسيد الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة كونه جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي للبشرية ومكوناً أساسياً لنظم إيكولوجية مائية محددة، ويرتبط ارتباطاً مباشراً بأهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة، "إننا نهيب بكل الفاعلين بضرورة العمل على إدراج التراث الثقافي المغمور بالمياه في مفهوم الاقتصاد الأزرق الذي يهدف أساسا إلى التطوير المستدام في التنمية الاقتصادية للجزائر، لاسيما في قطاع النشاطات البحرية وريادة الأعمال والبحث والابتكار"، مشيرة إلى أن تلك التطورات التي عرفها مجال البحث في التراث الثقافي المغمور بالمياه في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، من حيث المفاهيم الكبرى التي تؤطر مناهج البحث والاستكشاف الميداني، والتكنولوجية المستعملة في مختلف مراحل الاستقصاء والصون والتثمين، كما أكدت الوزيرة على الاهتمام الخاص الذي أولته الدولة الجزائرية بهذا الإرث الثقافي، حيث ذكرت في كلمتها أنه "مباشرة بعد المصادقة على اتفاقية 2001، تم تعيين قيادة القوات البحرية الجزائرية (وزارة الدفاع الوطني)، بوصفها الجهة المخولة باستلام المعلومات المتعلقة باكتشاف التراث الثقافي المغمور بالمياه الموجود في المنطقة الاقتصادية الخالصة"، وذكّرت الوزيرة بأول عملية بحث واستكشاف ومسح أثري دولية مشتركة في أعالي البحار تحت لواء اليونسكوالتي تمت شهر أوت من سنة 2022 بمشاركة الدول التي عبرت عن اهتمامها بهذا الإرث المشترك وفي مقدمتها الجزائر، تونس، إيطاليا، فرنسا، ودول أخرى، حيث عرفت هذه البعثة العلمية الرفيعة المستوى مشاركة الجزائر بباحثين من المركز الوطني للبحث في علم الآثار والذي كان قد سبق له تسجيل مشروع بحث وطني لإعداد الخريطة الأثرية الوطنية للتراث الأثري المغمور بالمياه.
وبعد أن أشارت مولوجي للجهود التي تبذلها الوزارة بتوجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون لحماية التراث الثقافي الوطني، الذي يتعرض لمحاولات النهب والاتجار غير المشروع، ومنه الدعوة لضرورة تفعيل وتسهيل الاجراءات اللازمة للشروع في العمل الميداني، كشفت عن الأهداف التي يسعى إليها ملتقى الجزائر الدولي حول التراث الثقافي المغمور بالمياه، والمتمثلة في وضع خطة وطنية تنفيذية في مجال البحث وتحديد المؤشرات والنقاط المرجعية لتأطير الحماية والتثمين وفقا لمبادئ ومرجعيات اتفاقية 2001 عبر تطبيق مناهج البحث والاستكشاف الحديثة، وكذا وضع الخريطة الأثرية للتراث المغمور بالمياه كأولوية وطنية وعملية استعجالية لاستكمال الخريطة الأثرية الوطنية الشاملة.
عرفت الجلسة الأولى من الملتقى الذي تتواصل اشغاله لغاية مساء اليوم، تقديم خمس مداخلات تعلقت الأولى منها بموضوع التراث الثقافي المغمور بالمياه في الجزائر، الاطار المؤسساتي، قدمها البروفيسور توفيق حموم عضوالمجلس الاستشاري والعلمي والتقني لليونسكولاتفاقية 2001 حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، وشرح العقيد رمضان يوسف، خبير قانوني مكلف بمتابعة ملف التعاون الدولي في مجال حماية التراث الثقافي المغمور حسب اتفاقية 2001، دور قيادة القوات البحرية في حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، وتتطرق الاستاذ نزيم بن صالح من المركز الجامعي لتيبازة، في مداخلته للخريطة الأثرية الوطنية للتراث المغمور بالمياه، واختتم ميشال لور، خبير دولي في علم الاثار المغمور بالمياه وعضوسابق بالمجلس الاستشاري والعلمي والتقني لليونسكو، الجلسة الأولى بموضوع "عندما يلتقي الماضي بالمستقبل ، علم الآثار الآلي، بوابة نحو تراث الأغوار.