قدم يوم الأحد بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي بالعاصمة عرض "امرأة بظل مكسور" للمخرج جمال حمودة ضمن منافسة المهرجان الوطني للمسرح المحترف, وهي مسرحية تلخص عذابات امرأة, وتجعل الرجل شريكا فيها بدل تحميله كل المسؤول. المسرحية المأخوذة عن النص المونودرام للكاتبة كنزة مباركي بنيت على سردية عالية, حيث انطلقت الممثلة رجاء هواري في البوح وحدها منذ البداية بآداء بارد لبضع دقائق قبل أن ترتفع بريتم العرض. وقالت المسرحية بالفظ "الرجل والمرأة ذئبان" وهي تبرئ الرجال من مآسي النساء, بل وتعتبر أن المرأة هي التي تختار أن تكون في وضع الضحية, كل هذا بعد سرد آلام وأوجاع المرأة في محيطها. تعتقد البطلة في العرض أن معاناتها بدأت من محيطها الضيق وبالضبط من المرأة ذاتها التي تسعى لوأد حرية وحياة شقيقتها, وأخذت نموذج الجدة التي تحتكم للتقاليد البالية. ورافق الممثلة الرئيسية ممثل صامت من خلال العبور والمكوث على الركح في كل مرة, في رمزية الى الدور الخلفي للرجل في كل حالات المرأة الشريكة, ولكت ايضا في انتقال من الطبيعة الموندرامية للنص إلى التعدد ليصير مسرحا. ورغم أن الممثل الشريك لم يقل اي كلمة إلا أن مروره وجلوسه أو سقوط كانت حركات تتبنى خطابا على الخشبة له دلالته وإشارة لحضور الرجل في فكرة المرأة اثناء سعيها إلى تفسير محنها ومآزقها في الحياة. استمد العرض قوته من الحركة التي لجأت إليها الممثلة, حيث اشتغلت على جسدها خلال كل أطوار العرض, وأدت ما يشبه الرقص التعبيري. اعتمد المخرج على الكثير من المقاطع الموسيقية والأغاني من التراث الجزائري والعربي, كأنه أراد أن يتوغل في أفكار وحالات هذه المرأة التي تتحدث بصوت عال وتخفي صوتا داخليا. وكان العرض باللغة الفصحى, لكنه انطلق بجملة عامية لا مبرر لها, خاصو وأن لغة المسرحية كانت شفافة وواضحة, وهي لغة بوح وإحساس, ما لم يتطلب من الممثلة الكثير من المجهود لتبليغها, حيث كانت الحركات والأداء الجسدي في فترات الصّمت. اعتمد المخرج ديكورا بسيطا, كرسيّ يشبه مقعد الاعتراف وطاولة ومئزر مطبخ في إشارة إلى أعباء البيت, وديكور خلفي بمقعد للرجل خلف مقعد الممثلة مباشرة.
يتواصل المهرجان الوطني للمسرح المحترف إلى غاية 31 ديسمبر بالمسرح الوطني محي الدين بشطارزي بالعاصمة, ويدخل المنافسة غدا الاثنين مسرح باتنة بعرض "العطب" ومسرح بجاية بعرض "عودة الحراقة".