تشرع اليوم، محكمة جنايات العاصمة في استجواب 18 متهما متابعين في أكبر ملف فساد طال العمود الفقري للاقتصاد الوطني وأحدث ضجة كبيرة لدى الرأي العام لما فيه من نهب لأموال الشعب وتهريبها للخارج عبر طرق تدليسية من طرف إطارات ومسؤولين نافذين في الدولة ويتعلق الأمر بالمجمع النفطي سوناطراك التي خلصت التحقيقات القضائية بشأنه إلى تورط 18 متهما على رأسهم المدير العام محمد مزيان ونجليه في إبرام 3 صفقات وتضخيم فواتيرها. مئات الملايير بالعملة الوطنية والأجنبية، فيلا، وعقارات، استنزفت وهربت وحولت لفائدة أباطرة المجمع البترولي الذي تحول الى ملكية خاصة بعقود خارج القانون ظلت طيلة سنوات محل تحري من قبل القضاة الذين خلصوا في أخر المطاف إلى إسقاط التهم عن بعض الشخصيات النافذة التي ذكرت في الملف الذي يضم293 صفحة كانت لها يد مباشرة في إبرام هذه الصفقات على غرار وزير الطاقة والمناجم السابق "شكيب خليل" ورئيس ديوانه "رضا هامش"، وغيرهم من الأسماء . وسيواجه المتهمون 18 من بينهم 6 موقوفين على رأسهم نجلا المدير العام لسوناطراك ونائبه وبعض المديرين التنفيذيين تهما ثقيلة تتعلق بقيادة جماعة أشرار، تبييض الأموال، إبرام صفقات عمومية اقتصادية بالاستفادة من السلطة، وتأثير أعوان المؤسسة، استغلال النفوذ الرشوة، المشاركة في اختلاس أموال عمومية ، مخالفة الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري العمل بها بغرض، إعطاء امتيازات غير مبررة للغير، الزيادة في الأسعار خلال إبرام العقود مع مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي وتجاري مع الاستفادة بسلطة وتأثير مسؤول هذه المؤسسة. تعود وقائع الملف إلى معلومات وصلت إلى مصالح الضبطية القضائية عن حركة رشوة واستغلال النفوذ بمؤسسة سوناطراك، لتنطلق سلسلة من التحريات توصلت إلى أن الشركة أمضت 05 صفقات مشبوهة بقيمة حوالي 1100 مليار سنتيم مع مجمع الشركة الألمانية "كونتال ألجيريا فون وارك بليتاك" في إطار مشروع إنشاء نظام المراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مركبات مجمع سوناطراك على مستوى التراب الوطني وان المجمع الألماني دخل السوق الجزائري سنة 2005 واستطاع بتواطؤ مع المدير العام محمد مزيان ونجليه "بشير فوزي" و" محمد رضا" على الحصول على امتيازات غير مبررة وهذا على حساب المصلحة الاقتصادية للشركة . واعترف المدير العام السابق للمجمع النفطي "محمد مزيان" حسب ما جاء في قرار إحالة المتهمين على الجنايات انه شهر نوفمبر 2004، ترأس اجتماعا حضره مدراء تنفيذيون وهم نائبه المكلف بنشاطات المنبع، المدير المكلف بنشاطات المصب، مدير مركز النشاطات المركزية، ومدير الأمن الداخلي للمجمع، لمناقشة عرض الشركة الألمانية التي استقبل من طرفها كل من مسيرها بالجزائر المتهم الرئيسي "آل اسماعيل" وشركائه من الشركة الألمانية، وهذا بطلب من ابنه "محمد رضا" أين تم عرض إمكانيات الشركة الألمانية في التغطية بالمراقبة البصرية والحماية الالكترونية للمركبات الصناعية والإدارية، ويعد هذا الاجتماع انطلاقة تبديد ونهب أموال الشعب. وواصل مزيان اعترافاته بأنه فوض نائبه المكلف بنشاطات المنبع "بلقاسم بومدين" من أجل توقيع العقد وأرسل له موافقته بصفته من طلب الحصول على المشاريع، وعقد بعدها أعضاء المجلس التنفيذي اجتماعا خرج بتوصيات حول الإسراع في مشروع انجاز التغطية بالمراقبة البصرية والحماية الالكترونية لجميع مركبات النشاطات لسوناطراك مع احترام إجراءات منح الصفقات بكل حزم وشفافية ومراعاة احترافية الشركات المتحصلة على الصفقات،وقد تم توقيع العقد بعد مراسلة وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي أعطى موافقته من اجل إمضاء عقد بصيغة التراضي البسيط وتضمن العقد أغطية 123 مركب. كما صرح المدير العام السابق انه كان على علم بان ابنه "مزيان بشير فوزي " مساهم هو الآخر في شركة كونتال الجيريا"، ليتراجع عن تصريحاته فيما يخص توسط ابنه "محمد رضا" الذي يعمل عند الشركة الايطالية الخاضعة للقانون الجزائري "سايبام كونترانتيغ الجيريا" للمتهم الرئيسي "أل اسماعيل" لتحديد موعد له لمقابلة إطارات المجمع ، مضيفا انه تعرف على مدير شركة "سايبام" خلال حفل زفاف ابنه الذي أقامه في تونس ، وانه سبق للشركة الايطالية الاستفادة من صفقات مع مجمع سوناطراك ، كما سلم نجليه مبلغ 300 مليون سنتيم لإنشاء شركة لنقل الوقود. وتبين أيضا من خلال محاضر استجواب المتهم انه كان عل علم بأن "آل اسماعيل" قام بشراء شقة بباريس باسم زوجته ، واقتنى لأبنائه فيلا بمبلغ 65 مليون دينار، ما يدل على انه استغل نفوذه لتمرير هذه الصفقات مقابل عمولات تلقاها لفائدته وفائدة أفراد عائلته، هذا في الوقت الذي أصر فيه على انه لم يمارس أي ضغوطات سواء كانت شفهية أو رسمية على أي إطار أو مسؤول بسوناطراك بخصوص منح امتيازات لكل من مجمع "فون وارك بليتك" و"سايبام".