عندما تطرّقت “الهدّاف” في السابق القريب فقط إلى كل النقاط السلبية التي أحيطت بفترة التربص التحضيري. عندما تطرّقت “الهدّاف” في السابق القريب فقط إلى كل النقاط السلبية التي أحيطت بفترة التربص التحضيري الذي أقيم في جنوبفرنسا، وبالضبط في مركز “كاستولي”، اتهمنا الكلّ وليس البعض... الجميع ألبسنا يومها ثوب المتهم الذي يسعى إلى زعزعة إستقرار المنتخب، بل راح الكل أيضا يصفنا بطريقة غير مباشرة ودون أن تكون لهم الجرأة لإتّهامنا مباشرة بأننا خونة وبأننا نعمل لصالح أطراف خفية، وأننا نسعى إلى الإطاحة برأس المدرب ربح سعدان ومن معه في الطاقم الفني، بل حاولوا أيضا أن يعطونا دروسا في الوطنية وكأننا أتينا من كوكب آخر وليس أبناء بلد المليون ونصف المليون شهيد ووووو... وغيرها من الإتهامات الصادرة من طرف هذه الأطراف في حقنا غيرة فقط من العمل الجبار الذي كنا بصدد القيام به.. غير أنّنا يومها لم نكترث إطلاقا لما قيل وكُتب عنا، لأن ضميرنا المهني كان يفرض علينا يومها أن نكشف للجمهور الجزائري وبكل صدق وأمانة ما يجري داخل أسوار مركز “كاستولي” بالتدقيق المفصل وقبل فوات الأوان، إلا أننا اليوم وفي وقت الشدّة وبعد أن مني منتخبنا الوطني بخسارة مهينة بثلاثية نظيفة أمام منتخب مالاوي المغمور، وبما أنّه “في وقت الشدّة يبانو الرجال” -كما يُقال- نجد أنفسنا مجبرين على الوقوف إلى جانبه ومنحه فرصة وربما فرصا أخرى لأنها مجرد كبوة جواد تعترض حتى الكبار والعمالقة، ومن عليه أن يتأكد من ذلك فلينظر إلى النتيجة التي آلت إليها مباراة منتخب كوت ديفوار وبوركينافاسو، أو أن يعود قليلا إلى الوراء إلى لقاء العملاق الأرجنتين بنجمه ميسي ونجومه الآخرين ومدربه الأسطورة “مارادونا” أمام منتخب بوليفيا عندما أذلّ بسداسية نظيفة كادت تخرجه من السباق نحو “المونديال”. لا يُوجد أسهل من الإنتقاد من أجل الإنتقاد و”الهدّاف” أوضحت الصورة ضميرنا المهني اليوم يدفعنا إلى تفادي قصف سيارة الإسعاف بالرصاص مثلما يفعل اليوم من حاولوا بالأمس القريب فقط إعطاءنا دروسا في الوطنية، ويدفعنا أيضا إلى الرّفع من معنويات زياني ورفاقه، لأنهم في أمسّ الحاجة إلى ذلك، ويدفعنا أيضا إلى منحهم فرصة في اللقاء القادم أمام المنتخب المالي، لاسيما أن هذا اللقاء سيلعب في ظروف مختلفة تماما، بما أنه سينطلق في حدود الساعة الخامسة مساء وليس على الثالثة إلا ربع مثلما كان الحال في لقاء مالاوي، ثم إن “الهداف” اليوم ليس لديها ما تضيفه للجمهور الجزائري أو لقرائها الأوفياء أكثر مما قالته في الوقت المناسب سابقا وقبل أن “يقع الفأس على الرأس” كما يقال، حيث أوضحت وبأمانة الصورة للجميع، وقالت إن التحضير في جنوبفرنسا في ظل برد قارس للغاية سيكون له انعكاس سلبي على مردود اللاعبين خلال نهائيات أنغولا، بالنظر إلى موجة الحرّ الشديدة التي تجتاح أجواء هذا البلد من جهة، والرطوبة العالية التي يعرف بها من جهة ثانية، كما أنها قالت أيضا إن قضية مغادرة التربص في منتصفه والعودة بعدها للتحضير ستكون مؤثرة سلبا وستلقي بظلالها سلبا كذلك خلال النهائيات، وقالت أيضا إن عدم خوض مباريات ودية تحضيرية كسائر المنتخبات قرار خاطئ وسيكون له تأثير سلبي كذلك، وقالت وقالت وقالت الكثير والكثير، ولم ترق الحقائق التي كشفتها يومها في الوقت المناسب للكثيرين، لكنها اليوم وبعدما انقلب الجميع، أملى عليها ضميرها المهني أن تقف في صفّ أشبال سعدان لأنهم في أمس الحاجة إلى من يرفع معنوياتهم لاسيما أن فرصة بلوغ الدور ربع النهائي لا زالت قائمة في المبارتين القادمتين، وأملى عليها ألا تقصف سيارة الإسعاف التي تحمل منتخبا وطنيا جريحا جراء الخسارة التي مني بها أمام مالاوي حتى لا تزيد من عمق الجرح الذي أصابنا جميعا ولم يصب فقط من تحاملوا اليوم على كل أفراد المنتخب الوطني. لا يمكن أن يتحوّل “الأبطال” بين عشية وضحاها إلى “أقزام” وكسائر كافة الجزائريين تأثرنا للخسارة المهينة التي مني بها منتخبنا أمام منتخب مالاوي المغمور الذي كان يحلم يوما ربما بأن يواجه “موندياليي“ جنوب إفريقيا، ليجد نفسه ينتصر عليهم بثلاثية نظيفة في نهاية المطاف، وكسائر الجزائريين لم نتمكن من رفع رؤوسنا بعد نهاية المباراة وسط الأنغوليين، الماليين، ومختلف الأفارقة والأشقاء العرب وجميع من حضر إلى أنغولا، وكسائر الجزائريين لم نتمكن حتى الآن من إيجاد تبرير مقنع للخسارة بتلك النتيجة الثقيلة، لكننا لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن ننقلب بين عشية وضحاها ضد من وصفناهم جميعا في الجزائر بالأمس القريب بالأبطال والرجال والمحاربين وغير ذلك، ولا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نتحول من وصف أشبال سعدان بالرجال والأبطال إلى أقزام أو دمى متحركة، لاسيما أنّ المنافسة لازالت في بدايتها، وخاصة أننا نعرف أن المباريات الأولى غالبا ما تكون صعبة حتى لو تعلق الأمر بمواجهة منتخب مغمور لا باع له في كرة القدم، فلنمنحهم فرصة أخرى، ولننتظر على الأقل ردّ فعلهم خلال اللقاء القادم أمام منتخب مالي والذي يليه أمام أنغولا، ولنصدر أحكامنا في نهاية المطاف حتى نعطي كل ذي حق حقه، وحتى لا نظلم أحدا. ... ولا يمكن أن نقطع رؤوس من أخرجوا الجزائريين للإحتفال ولا يمكننا بأيّ حال من الأحوال أيضا أن نقطع رؤوس من أخرجوا كافة الجزائريين إلى الشوارع للإحتفال بالوصول إلى نهائيات كأس العالم، كما لا يمكننا أيضا أن نقطع رؤوس من أعادوا للجزائر أجواء الإستقلال التي لم تعرفها منذ 82، ولا يمكننا أيضا أن نصوب سهامنا نحو سعدان الذي ألبسه البعض ثوب البطل الشهم المحارب، وانقلبوا عليه اليوم وصوّبوا سهامهم نحوه لمجرد سقوطه الأول، بعدما كانت هذه السهام مصوّبة نحونا دفاعا عنه، حيث ذهبوا في بادئ الأمر إلى اتهامنا لما انتقدنا خياراته التكتيكية بأننا لا نحمله في قلوبنا ونسعى إلى سحب البساط من تحت رجليه حتى نحقق مآربنا، ونجحوا إلى حد بعيد في إدخال هذه الفكرة في رأسه إلى درجة أن الرجل صار في مختلف تصريحاته يقول إن بعض الإعلاميين يريدون رأسي ويسعون إلى زعزعة استقرار المنتخب بشتى الطرق، وها هم اليوم ينقلبون عليه ويُحوّلون تلك السهام التي كانت موجهة لنا نحوه، كما لا يمكننا أن نقطع رأس زياني ورفاقه وهم الذين وصفناهم بالرجال الأحرار وأبناء الشهداء الأبرار. حرارة ورطوبة أنغولا تقتل الجالس في مكانه فما بالك من يجري على الثانية زوالا وحتى يكون الجمهور الجزائري في الصورة، فإننا اليوم نضطر مرة أخرى لكي ننقل لهم الصورة الحقيقية للظروف التي واجه فيها أشبال سعدان نظيرهم المالاوي، ظروف كانت قاهرة في الحقيقة لنا كرجال إعلام في المقصورة المخصصة لأداء مهامنا، حيث أنهكتنا الحرارة الشديدة التي لم تكن تقل يوم الإثنين عن 35 درجة، وأنهكتنا الرطوبة العالية إلى درجة أننا لم نقدر على التنفس ونحن في المدرجات، وهي المعاناة نفسها التي تعرض لها العدد القليل من الأنصار، فما بالك من كانوا فوق المستطيل الأخضر يلهثون ويركضون وراء الكرة ويحاولون العودة في النتيجة بعد تلقيهم الهدف المباغت إثر سوء تفاهم بين حارس المرمى وخط محور الدفاع، فما بالك بمن لم يسبق لأغلبيتهم أن لعبوا في ظروف كهذه وفي عزّ الظهر، فما بالك عندما يتعلق الأمر بلاعبين ألفوا اللعب في أجواء باردة جدا في مختلف البطولات الأوروبية وأجروا تحضيرا لهذه الدورة في أجواء فصل الشتاء قبل أن يجدوا أنفسهم مجبرين على المشاركة في هذه المنافسة في أجواء فصل صيف حار شبيهة بأجواء الصيف في الجزائر خلال شهر أوت، وتضاف لها فقط الرطوبة العالية التي تقطع النفس على من يحاول بذل أي مجهود. في الجزائر حوّلنا مبارياتنا تقريبا كلها إلى الليل بسبب الحرارة وحتى نبرّر بالأدلة المقنعة ما نحن بصدد سرده، نلفت إنتباه الجميع إلى أمر حدث معنا في البطولة الجزائرية، حيث صارت الرابطة الوطنية تبرمج كافة المباريات التي تلعب في شهري أوت وسبتمبر بداية من الساعة الخامسة مساء بسبب عدم قدرة اللاعبين على اللعب على الساعة الثانية زوالا في ظل موجة الحرارة الشديدة التي تجتاح بلادنا في تلك الفترة، بل إن الرابطة صارت تبرمج مباريات الفرق التي تمتلك ملاعب مزودة بالأضواء الكاشفة ليلا لضمان الفرجة من جهة، وتفادي الحرارة الشديدة في النهار من جهة ثانية، فما بالك الآن أن نفرض على من تعودوا على اللعب في ظل برودة طقس قارسة، بل وعلى أرضية مكسوة بالثلوج ومن أجبروا أيضا على التحضير في أجواء باردة في جنوبفرنسا أن يلعبوا في وضح النهار وفي عز ظهر بلد لا تقل الحرارة فيه عن 35 درجة ورطوبة عالية للغاية، وأن يقدموا ما هو مطلوب ومرجو منهم... الأمر صعب وصعب جدا في الحقيقة إن لم نقل مستحيلا. أمام مالي سيلعبون على الخامسة وننتظر منهم وجه “أم درمان” ولن نخسر شيئا الآن إن صبرنا على لاعبينا مزيدا من الوقت وانتظرنا منهم ردّ فعل قوي أمام المنتخب المالي، لاسيما أن هذه المباراة لن تلعب على الساعة الثالثة إلاّ ربع، بل على الخامسة مساء، وهو الوقت الذي تنخفض خلاله درجة الحرارة وتختفي تلك الشمس الحارقة، ما يُساعدهم على الظهور بالوجه الذي تعوّدنا عليه سابقا خلال الإقصائيات المزدوجة إلى نهائي كأسي إفريقيا والعالم 2010، ولو أننا نبقى نتخوّف فقط من أن يلقي عامل الرطوبة العالية بظلاله سلبا على مردودهم يومها ونتخوّف أيضا من العامل النفسي الذي يبدو على الورق في صالح زملاء كانوتي بما أنهم قلبوا الخسارة أمام منتخب البلد المنظم أنغولا وحوّلوا الخسارة ب (4-0) إلى تعادل تاريخي في ظرف 11 دقيقة، عكس منتخبنا الذي استهل مشواره بخسارة مفاجئة أمام منتخب مالاوي وبثلاثية لم يكن يتوقعها حتى أشد المتشائمين في الجزائر، ومهما يكن فإن الواقع سيكون مختلفا فوق الميدان بما أن اللاعب الجزائري قادر على رفع التحدي في أوقات الشدة والصعاب، ولذلك فلنقف إلى صفهم ونرفع معنوياتهم ونمنحهم فرصا أخرى، لأن ست نقاط كاملة لازالت في اللعب خلال المبارتين القادمتين، ولأن “مونديالا” بأكمله لا زال في انتظارهم الصائفة المقبلة، ولننتظر وجه رجال “أم درمان” هذا الخميس أو بعده ما دامت ثقة كافة الجزائريين كبيرة في زياني ورفاقه، وما دام كل من هو جزائري مقتنع بأننا نمتلك تشكيلة قوية لم نكسب مثلها منذ سنوات عدة.