مرّة أخرى يطلّ علينا الناخب الوطني وحيد حليلوزيتش بتصريحات فيها من الغرابة، ما يثبت لنا غرابة هذا الشخص الذي نبقى نؤكد من جديد أن نتائجه مع المنتخب الوطني جيدة وفي تحسن من لقاء لآخر، غير أن خرجاته الإعلامية تبقى مثيرة للجدل في كل مرة، فمن شاهدوا حصة “كنال فوت” على قناة “كنال بلوس” مؤخرا استغربوا التصريحات التي أدلى بها والتي قال فيها بصريح العبارة: “قد تتكرر تجربتي في كوت ديفوار مع الجزائر أيضا، وأغادر قبيل أن أنهي عقدي، ولا أعتقد أني سأنهي مسيرتي مع الجزائر... حقيبتي جاهزة والعروض لا تنقصني”. وهي تصريحات لا وصف لها سوى أن البوسني يلمّح من الآن للرحيل من العارضة الفنية للمنتخب في أي لحظة، فقد يكون ذلك عن قريب عقب المباريات الثلاث التي سيخوضها المنتخب، وقد يكون ذلك في منتصف المشوار، المهم أن التصريحات صارت مفهومة ومفادها أن الرجل لا يرغب في التعمير مطوّلا بالجزائر، ولا يرغب في إنهاء العقد الذي يربطه بالمنتخب والذي مدته ثلاث سنوات. وهي التصريحات التي تضاف إلى مختلف تصريحاته الغريبة مؤخرا، والتي لم تجد لا حسيبا ولا رقيبا عليها يطالب منه أن يكف عن الكلام الكثير في كل مرة من دون فائدة. العروض التي وصلته من قطر تكون قد أفقدته تركيزه ويكون المتتبعون قد لاحظوا أن تصريحات البوسني وحيد حليلوزيتش تغيرت كثيرا مقارنة بتصريحات الرجل يوم أتى حديثا إلى صفوف المنتخب، فيومها كان يتحدث عن مشروع ينوي تطبيقه مع المنتخب على مدار السنوات الثلاث التي سيقضيها معه، بل وصل الأمر به في العديد من المرات إلى الحديث عن رغبته حتى في رؤية زملاء بوڤرة وهم يلعبون على طريقة “البارصا”. لكن العروض التي وصلته مؤخرا من قطر وكم هي كثيرة ومغرية أيضا، أخلطت عليه الأمور نوعا ما وجعلته يغير من لهجته فصار في كل مرة يتحدث عن رحيل وشيك وعن حقيبة جاهزة وعروض لا يفتقدها، فماذا الذي يجعله يتحدث بهذه الطريقة إن لم يكن حقا قد فقد تركيزه مع المنتخب، بسبب الأموال الطائلة التي تكون قد عرضت عليه من قطر؟. بدأها بحرب على الإعلاميين وكأن الإعلام هو هاجسه وغيّر الرجل من طريقة تعامله مع الإعلاميين، وصار في كل مناسبة بل وفي كل ندوة صحفية يعقدها، إلا ويلوم الإعلاميين على ما يكتبونه وعلى اتصالاتهم الهاتفية به، وعلى انتقادهم له على خياراته... إلى غير ذلك، وكأن الإعلام الجزائري هو هاجسه الحقيقي، فالرجل لم يقتنع بمدحنا إياه وثنائنا على نتائجه المتمثلة في عدم تكبد الخسارة في خمس مباريات له على رأس العارضة الفنية حتى الآن، ولم يكفه أننا قلنا إن روراوة لم يخطئ لما منحه مهمة تدريب “الخضر”، وربما يريد منا أن نهلل لخياراته أيضا تحسبا للفترة المقبلة. اختلطت عليه الأمور في الخيارات التي يقوم بها وحتى في الخيارات التي قام بها للفترة المقبلة يبدو أن الأمور قد اختلطت عليه، لأن البوسني الذي يقول إنه يسعى إلى تشبيب المنتخب، همّش من يلعبون مع فرقهم، واستدعى من هم في عطلة مدفوعة الأجر منذ فترة من الزمن، ولما وجهت له الانتقادات على ذلك امتعض واستاء وصار يتهم الإعلاميين بعدم الموضوعية. كما أن انتقادنا للتربص الذي برمجه بلاعبين اثنين طيلة أسبوع كامل في باريس لم يعجبه أيضا، فراح يؤكد أنّه يعرف أكثر من أي شخص آخر ما الذي يقوم به وأن التربص سيكون مفيدا. لم يهضم حتى الآن خرجة من اعتزلوا في عهده وتفيد مصادرنا الخاصة أن ما أزعج البوسني أيضا، هو اعتزال كوادر المنتخب في عهدته، ونخص بالذكر اعتزال عنتر يحيى، بلحاج ومطمور، إذ أنه وفي الوقت الذي كان ينوي الاعتماد على هذه العناصر مستقبلا، تلقى صفعة قوية بعد اعتزالهم. ولعل ما جعله يمتعض أكثر هو اتخاذهم هذا القرار في عهده كمدرب للخضر، وأياما قليلة قبيل خوض تحديات في غاية الأهمية، ففرض ضغطا رهيبا على الثلاثي وعلى “الفاف” كي تقنعهم بالتراجع عن قرارهم هذا، لكن ما إن فشلت مساعي هيئة روراوة في إقناع عنتر، بلحاج ومطمور عن العدول عن قرارهم ازداد غضب الرجل من هذه القضية، ومن خرجة مترف الذي طالبه بأن لا يستدعيه مجددا إلى صفوف المنتخب، فصار يشعر بإحباط جعله يصرح في كل مرة بكلام يحمل الكثير من الغرابة، وآخر هذا الكلام “حقيبتي جاهزة والعروض لا تنقصني وأنا جاهز للرحيل في أيّ لحظة”. لا ينقصه شيء مع المنتخب وهو من يتحدث عن الرحيل والغريب في الأمر أن موضوع رحيل حليلوزيتش من عدمه لا أحد تطرق إليه حتى الآن، لأن الاتحادية الجزائرية لكرة القدم راضية تمام الرضا عن مسيرته منذ توليه العارضة الفنية، وما قاله روراوة عقب الفوز في غامبيا “لهذا السبب كنت مصرا على جلب حليلوزيتش حتى يعيد القطار إلى سكته الحقيقية” لخير دليل على ذلك، ناهيك عن أن الرجل وفرت له كل الإمكانات الضخمة، وحتى طلبه بإجراء تربص بلاعبين اثنين وفي باريس تمت تلبيته. كما أن الجمهور الجزائري بدوره راض عن التحسن الملحوظ الذي لمسه على مستوى طريقة اللعب والجانب التكتيكي، وتحسن مردود الآلة الهجومية، وحتى الصحافة كانت ولا زالت تثني على نتائجه الجيدة وتحسن مردود المنتخب، والانضباط الموجود داخل المجموعة، كما أنه من الناحية المادي يعدّ المدرب الأول في تاريخ الكرة الجزائرية الذي يتقاضى أكبر أجرة شهرية وسنوية. غير أن فكرة الرحيل والحقيبة الجاهزة هذه طرحت على لسان البوسني الذي يبدو أنه يبحث عن حجج كي لا ينهي عقده حتى نهايته ويغادر إلى أين؟ نحو البطولة القطرية مثلا. وليد م.