لم يكن ما يحدث في تونس من انتفاضة شعب كامل ضدّ السلطة، وما يحدث خصوصا لرئيس الترجي التونسي سابقا سليم شيبوب ليمر علينا مرور الكرام، دون أن نتصل بوسط ميدان إتحاد الجزائر كريم غازي كي نسأله عن علاقته سابقا بالأشقاء التونسيين، وعلاقته بشيبوب المتورط بسبب القرابة التي تربطه بالرئيس المخلوع “زين العابدين بن علي”، فرحب غازي بأسئلتنا وأجاب عنها بصراحته المعهودة. كريم، كي هي الأحوال؟ بخير والحمد لله، كنت في عطلة مؤخرا ركنت خلالها للراحة إثر التعب الذي أنهكنا خلال مرحلة الذهاب، وأنا الآن أتأهب كي أستأنف مع فريقي التدريبات هذه الأمسية (الحوار أجري أمس) تحسبا للفترة المقبلة وما ينتظرنا من تحديات. اتصالنا بك لن يكون لا للحديث عن إتحاد الجزائر ولا الجزائر ككل، بل عن تونس التي سبق أن لعبت فيها، ما رأيك؟ لكن ما الذي سنتحدث عنه بالضبط؟ نريد أن نسألك عن الرئيس السابق للترجي التونسي سليم شيبوب الذي سبق أن لعبت في الترجي خلال عهدته، ما رأيك فيه هل هو شخص طيب أم مشبوه مثلما هو متهم اليوم في تونس؟ لن أبالغ إن قلت لك إنه من أفضل الرجال الذين عرفتهم في تونس، هو شخص طيب للغاية و«راجل” بأتمّ معنى الكلمة و«ما يتشبعش”، شخص يحترم الجميع والكل يحترمه، لا يتعدى حدوده، يقوم بواجباته تجاه فريقه على أكمل وجه، وليس من باب الصدفة أن يحقق كل ما حققه من إنجازات على رأس الترجي. يا أخي أنا أشهد له بأنه شخص محترم، ومن يتهمونه اليوم مسؤولون عن وكلامهم ولا شأن لي بهم، ولو أني أقر بأنه لا يستحق ما يقال عنه. هل ترى أن ما يحدث له أمر لائق اليوم، بعد أن خضع للمساءلة والهروب من تونس؟ لا يستحق ذلك، لأني وطيلة الفترة التي تعاملت فيها معه لم أكتشف فيه صفة الخيانة والسرقة والتلاعب الأموال، بل رأيت شخصا طيبا للغاية، ولا أدري ما سرّ الانقلاب عليه. قيل لي إنك سبق أن دخلت معه في صراعات ومشاكل؟ (يتعجب) أي صراعات ومشاكل؟. مشكلة الصيام، عندما حاول إرغامك على الإفطار في شهر رمضان المعظّم، فهل تؤكد ذلك؟ صحيح ما تقول لكن الأمر لم يحدث مشكلة بيننا، أتذكر أننا عدنا يومها من نيجيريا بعدما لعبنا مباراة لحساب رابطة الأبطال الإفريقية، فتحدث إلينا “سكرتير” الفريق وقال غدا التدريبات صباحا، وحينها تعجبت لأن يوم الغد كان أول أيام شهر رمضان، فقال لنا “من يصم فمن الأفضل أن يبقى في بيته ومن يفطر فليأتي إلى التدريبات”. وما الذي قمت به؟ غبت عن التدريبان بطبيعة الحال نمت إلى وقت الظهر، وفور استفاقتي من النوم رنّ هاتفي فإذا بالرئيس سليم شيبوب يطلب مني أن ألتحق على جناح السرعة بمكتبه كي يقابلني، ركبت سيارتي والتحقت بمكتبه. أكيد أنه استفسرك عن سرّ غيابك عن التدريبات؟ نعم، مباشرة وجه لي سؤال حول غيابي، فقلت له إني صائم ولا يمكنني أن أفطر، فراح يؤكد لي أني مجبر على الإفطار وأني لن أرتكب أي ذنب تجاه خالقي لأن الإفطار حلال علي بحكم أني جزائري على سفر في تونس، بل وراح يروي لي سفريات الرسول صلى الله عليه وسلم على الجمل واضطراره إلى الإفطار في شهر رمضان، كما أنه كان سيجلب لي إمام من الزيتونة كي يفتي لي بالإفطار، غير أني رفضت ذلك رفضا قاطعا وواصلت صيامي. بعدها هل تعرضت إلى مضايقات منه أم لا؟ لا لم أتعرض إلى مضايقات، لكن “سكرتير” الفريق كان في كل مرة يعلمه بأن غازي صائم ويرفض الإفطار. وكيف كان “السكرتير” يتفطن لك؟ بعد التدريبات نجبر على التوجه إلى المطعم، وهناك يحوم ذلك “السكرتير” حول كل الطاولات ويحرسنا إن كنا نأكل أم لا، فيلاحظ أني جالس فقط مع رفاقي أنظر إليهم وهم يأكلون، فيقترب مني ويأمرني أن أشرب الماء مثلا، وعندما أرفض يتفطن لي ويتصل بشيبوب ويعلمه بالأمر، على كل حال عانيت من هذه القضية كثيرا هناك، وكانت من بين الأسباب التي جعلتني أغادر البطولة التونسية. سؤال أخير، بما أنك لعبت هناك هل شعرت يوما أن الشعب التونسي يعاني من التضييق والديكتاتورية، لأنهم اليوم وبعد مغادرة بن علي، صاروا يؤكدون أنهم تحصلوا على الحرية بعد 23 سنة؟ صراحة نعم، كنت أشعر أنهم كانوا يعيشون الرعب من الداخل، الكل يخاف أن يعبر عن رأيه وأن ينتقد السلطة، الكل يخاف لدى ذكر اسم رئيسهم زين العابدين بن علي، لا أدري لماذا؟. لكن المهم أنهم كانوا معقدين بعض الشيء من التضييق الممارس عليهم.