بينما ظل الحديث على مدار سنوات طويلة مضت منصبا على اعتبار بطولة كأس القارات بروفة أو مجرد "فاتح شهية ومقبلات" قبل بطولة كأس العالم ، جاءت بطولة كأس القارات المقامة حاليا بالبرازيل لتضع حدا لهذا التعريف. ومع وصول أربعة منتخبات سبق لها الفوز بلقب كأس العالم إلى المربع الذهبي للبطولة ، تجاوزت البطولة مرحلة "البروفة" واعتبرها "مقبلات" إلى مرتبة جديدة من الأهمية والإثارة. وتصدر المنتخب الأسباني بطل العالم وأوروبا المجموعة الثانية في الدور الأول للبطولة ليلتقي في الدور قبل النهائي يوم الخميس المقبل مع نظيره الإيطالي ، الفائز بلقب بطولة العالم أربع مرات سابقة ، بعد نحو عام من مباراتهما سويا في نهائي كأس الأمم الأوروبية (آورو 2012) . وفاز المنتخب الأسباني في هذه المباراة 4/صفر ليحصل المنتخب الإيطالي (الآزوري) على لقب الوصيف ولكنه شارك في البطولة الحالية ممثلا عن القارة الأوروبية في ظل مشاركة الماتادور الأسباني فيها كبطل للعالم. وتصدر المنتخب البرازيلي ، الفائز بلقب بطولة العالم خمس مرات سابقة وبطولة كأس القارات ثلاث مرات سابقة ، المجموعة الأولى بالدور الأول ليلتقي في المربع الذهبي بعد غد الأربعاء مع منتخب أوروجواي ، الفائز بلقب كأس العالم مرتين سابقتين وبطل أمريكا الجنوبية ، في مواجهة مكررة لنهائي كأس العالم 1950 . وانتهت مباراة 1950 بفوز أوروغواي المفاجئ 4/2 على البرازيل باستاد "ماراكانا" الأسطوري في ريو دي جانيرو ليتوج منتخب أوروغواي بلقبه العالمي الثاني. وعاد المهاجم البرازيلي الشاب نيمار دا سيلفا ليبهر ويجذب الجماهير إليه مجددا ويثير الحماس في مدرجات الملاعب البرازيلية حيث سجل ثلاثة أهداف بواقع هدف واحد في كل من المباريات الثلاث التي خاضها المنتخب البرازيلي في مجموعته بالدور الأول. كما استعاد المهاجم الأسباني فيرناندو توريس حاسة التهديف وعز الشباك خمس مرات منها أربع مرات في مباراة تاهيتي ليتصدر قائمة هدافي البطولة مع نهاية فعاليات الدور الأول. كما أبهر دييجو فورلان نجم منتخب أوروجواي واللاعبان الإيطاليان المخضرم أندريا بيرلو والشاب ماريو بالوتيللي الجماهير خلال مباريات الدور الأول. وتركت البطولة الحالية انطباعا رائعا لهؤلاء الذين حضروا إلى البرازيل فقط لمتابعة فعاليات البطولة والتعرف على الأجواء قبل عام واحد من بطولة كأس العالم ومن بينهم يواخيم لوف المدير الفني للمنتخب الألماني. وتغلبت المنتخبات الثمانية المشاركة في كأس القارات على درجات الحرارة العالية بالبرازيا وعلى المسافات الشاسعة التي تقطعها للتنقل بين المدن المضيفة للبطولة لتقدم بطولة رائعة على مختلف المستويات والأصعدة. وقال لوف "انبهرت بشكل عام بمستوى العديد من الفرق في كأس القارات وبعد موسم طويل". وكان المدرب الفرنسي جيرار هوييه المدير الفني السابق لليفربول الإنجليزي وعضو مجموعة الدراسات الفنية بالاتحاد الدولي للعبة (فيفا) بين هؤلاء الذين أعربوا عن تشككهم فيما إذا كانت الكرة الحديثة السريعة بما تضمنه من ضغوط هائلة أمرا ممكنا في ظل الظروف الجوية الصعبة. ولكن المستوى الفني كان رائعا في مباريات الدور الأول حتى وإن حرصت كل الفرق على تهدئة إيقاع الأداء تدريجيا لادخار طاقاتها. ورغم هذا ، جاءت العديد من الأهداف في البطولة عبر الهجمات السريعة. وشهدت البطولة الحالية تحطيم الرقم القياسي لعدد الأهداف التي تشهدها أي نسخة في تاريخ بطولة كأس القارات حيث سجلت المنتخبات الثمانية 58 هدفا في 12 مباراة بمتوسط يقترب من خمسة أهداف في المباراة الواحدة مقابل 56 هدفا في بطولة عام 2005 بأكملها والتي أقيمت بألمانيا وبلغ فيها متوسط التسجيل 5ر3 هدف للمباراة الواحدة في 16 مباراة شهدتها البطولة. وحتى في حالة استبعاد ال24 هدفا التي اهتزت بها شباك منتخب تاهيتي في مواجهة أسبانيا وأوروجواي ونيجيريا ، سيظل متوسط التهديف نحو ثلاثة أهداف أيضا. وحسمت مباريات الدور الأول من خلال الهجوم أكثر منها من خلال الدفاع فلم يحتفظ أي فريق بشباكه نظيفة بل إن منتخبا مثل الآزوري الذي اشتهر بصلابة دفاعه اهتزت شباكه ثماني مرات في المباريات الثلاث بالدور الأول. وكانت السرعة العالية هي مفتاح الأداء كثيرا رغفم عدم وجود ضغط مكثف على المنافس مثلما كان الحال بالنسبة لبوروسيا دورتموند الألماني في الموسم الماضي. وكان الالتزام واللعب النظيف عاملا آخر لظهور البطولة بشكل رائع حيث شهدت مباريات الدور الأول 34 إنذارا وحالتي طرد ليكون أقل عدد من البطاقات الصفراء والحمراء في نسخ البطولة منذ 2001 . وقال لوف إن اللاعبين يجب أن يكونوا بحالة بدنية رائعة في بطولة كأس العالم العام المقبل بينما اعترف فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الأسباني بعد فوز فريقه 3/صفر على نيجيريا مساء أمس الأحد "الإجهاد مرتفع للغاية". واستنفد دل بوسكي ولويز فيليبي سكولاري المدير الفني للمنتخب البرازيلي وتشيزاري برانديللي المدير الفني للآزوري التغييرات الثلاثة في كل من المباريات الثلاث لفرقهم في الدور الأول كما حرص منتخبا أسبانيا وأورؤوجواي على الدفع في مباراة تاهيتي بتشكيل مغاير بنسبة هائلة عن التشكيل الأساسي لكل منهما. وأصبحت الراحة أمرا ضروريا وجوهريا في البطولة الحالية وستكون هكذا في بطولة كأس العالم منتصف العام المقبل. وقد تواجه المنتخبات المتأهلة لمونديال 2014 من مختلف القارات اختبارا في غاية الصعوبة بالنهائيات في مواجهة منتخبات أمريكا الجنوبية وهو ما ينذر به تأهل منتخبا البرازيل وأوروجواي للمربع الذهبي بكأس القارات الحالية بعد عروض قوية في الدور الأول وهو ما يؤكد استفادة هذه المنتخبات من إقامة البطولة بقارتها. وسبق لمنتخبات أمريكا الجنوبية أن احتكرت اللقب في كل من البطولات الأربع التي أقيمت لكأس العالم في دول أمريكا الجنوبية وكذلك في النسخ الثلاث التي استضافتها المكسيك والولايات المتحدة. وكان اللقب الوحيد الذي أحرزته المنتخبات الأوروبية خارج قارتها في بطولات كأس العالم هو لقب مونديال 2010 الذي ذهب للماتادور الأسباني. وما الجماهير البرازيلية حاليا هو أن منتخبها أفاق من كبوته وأصبح كالمارد الذي استيقظ وعاد لدائرة الصراع بقوة رغم نتائجه المتواضعة في المباريات الودية خلال الشهور الماضية وتراجعه للمركز 22 في التصنيف العالمي لمنتخبات اللعب قبل أيام من بدء فعاليات البطولة. وقال المهاجم البرازيلي الخطير فريد "الآن ، وصلنا إلى ما بين 70 و80 بالمئة فقط من مستوانا العالي. ولكننا الآن فريق يكافح من أجل الفوز بلقب". ويسعى المنتخب الإيطالي للفوز بلقب البطولة الحالية ليكون الرابع له في تاريخ كأس القارات والثالث على التوالي وليكون اللقب أكبر دعم ودافع للفريق قبل 12 شهرا فقط على انطلاق فعاليات المونديال.