المنتخب الوطني فرانسيس جيلو(مدرب سوشو الفرنسي): “بودبوز سيكون اكتشاف المونديال إذا منحه سعدان الثقة“

في هذا الحوار، يتطرق مدرب نادي سوشو الفرنسي إلى العديد من الجوانب الخاصة باللاعب الشاب والواعد رياض بودبوز، والذي يراه محدثنا من بين العناصر التي يعلّق عليها نادي منطقة “الفرانش-كومتي” آمالا عريضة من أجل قيادة النادي إلى الألقاب،
خاصة وأنه صغير السن والمستقبل أمامه مازال طويلا من أجل البرهنة على أنه يستحق مكانة في أقوى الأندية الأوروبية، وأصرّرنا في هذا الحديث الذي جمعنا بالمدرب فرانسيس جيلو على معرفة رأيه من جانب واحد فقط، وهو عن انضمام بودبوز إلى المنتخب الجزائري والإضافات التي بإمكانه أن يضيفها إلى الفريق الوطني في التحديات القادمة وخاصة المونديال القادم في جنوب إفريقيا، والذي عبّر عنه جيلو أنه من أحسن الفرص من أجل أن ينسجم بودبوز مع أجواء “الخضر” بشكل جيد، الأمر الذي سنعكس بالإيجاب على نادي سوشو الذي يلعب له حاليا بالإضافة إلى المنتخب الوطني الجزائري...
في البداية، هل من تعليق على الهزيمة غير المتوقعة التي منيتم بها في موناكو؟
في حقيقة الأمر ليس من عادتي العودة للحديث عن أمور ماضية، ومباراة موناكو يجب أن نتفق على أنها كانت من التجارب المريرة التي لا تستحق أن نضخمها كثيرا ولا نقف عندها مطولا بالرغم من أنها كانت في يدنا ولم أفهم إلى غاية الآن كيف ضيعناها بتلك الطريقة التي لم أتجرعها إلى غاية الآن، وما يجب أن نتفق عليه هو أننا لا نستطيع أن نتحكّم في بعض الأشياء التي تظهر بغتة، فالتأهل كان بين أيدينا، وكل آمالنا كانت معلّقة على هذه المنافسة من أجل أن نذهب بعيدا فيها ولم لا التتويج بها، خصوصا أن نادي سوشو من بين الأندية التي تملك تقاليد عريقة فيها، ولا يضيع فرصة التتويج بها كلما سنحت الفرصة في ذلك.
هذا يعني أن الصدمة كانت قوية عليكم، أليس كذلك؟
صدقني أن الأجواء كانت صعبة للوصف بعد المواجهة لأننا لم نصدق حجم الصدمة التي أصابتنا بعد أن أعلن الحكم عن نهاية اللقاء، وشخصيا تيقنت بعد اللقاء أن الحظ يمثل نسبة كبيرة في مثل هذه المنافسات، لأن تلقي هدف التعادل من كرة ميتة يعني أن النتيجة النهائية لا تبتسم دائما للفريق الذي يلعب جيدا، الأمر الذي أثر في معنوياتنا كثيرا، ودفعنا ثمنه غاليا عندما تمكن نادي موناكو من تسجيل هدف الفوز في آخر لحظات اللقاء، ويبقى هدف بودبوز الذي سجله من 50 مترا أجمل ذكرى، لأن الباقي أعتبره شخصيا بمثابة الكابوس الذي أصبح يطاردنا إلى غاية الآن، كيف لا، ونحن نرى التأهل يدير لنا ظهره قبل دقائق قليلة من نهاية المواجهة.
حديثك عن هدف بودبوز يقودنا للحديث عن هذا اللاعب الذي أصبح قريبا من الانضمام إلى المنتخب الوطني بعد تصريحات سعدان أمس على صفحات “الهداف” أنه من بين أولوياته في الفترة القادمة على غرار فغولي فابر والآخرين ممن أبانوا عن إمكانات كبيرة وسيعاينهم من أجل ذلك؟
شيء جميل أن يفكر سعدان في التنقل شخصيا إلى الدول التي ينشطون فيها من أجل معاينتهم والحديث إليهم، هذا دليل على أنه هناك اهتمام من طرف المسؤولين في بلادكم بأن كل اللاعبين الذين يمتّون بعلاقة مع الجزائر هم أيضا يستحقون النظر إليهم، وعلى هذا الأساس، فإن معنويات بودبوز أو أي لاعب آخر ستكون مرتفعة جدا بعد هذا الأمر، وسيكون من المهم جدا أن يحس اللاعب أن هناك من يلاحظه في المواجهة، خاصة إذا تعلّق الأمر بالمسؤول الأول عن العارضة الفنية للمنتخب الجزائري الذي يستعد للمشاركة في المونديال، وشخصيا اكتشفت مدى تعلّق الجزائريين المقيمين هنا في فرنسا ببلدهم الأصلي الجزائر، ورياض واحد من المئات من هؤلاء، وعلى هذا الأساس أتمنى أن يوفّق في أن يقنع الناخب الوطني بأنه جدير بحمل الألوان الجزائرية في المواعيد القادمة وأنا أخص بالذكر المونديال القادم.
طرحنا سؤالا على مدرب ليون الذي يوجد في صفوفه لاعب من أصول جزائرية وهو إسحاق بلفوضيل حول رأيه في المنتخب الأصلح للاعبه، وها نحن نعيد الكرّة معك الآن، من هو المنتخب الذي ترغب في أن يكون معه بودبوز بكل صراحة؟
أرغب في أن أراه في منتخب يرتاح في اللعب فيه، سواء كان المنتخب الجزائري أو الفرنسي، وسأبرر كلامي هذا من منطلق واحد، تخيّل النتائج الإيجابية التي ستتمخّض من مشاركة بودبوز في المونديال سواء مع هذا الطرف أو ذاك، حيث سيكون الأمر مفيدا لنا بكل المقاييس، وإذا سارت الأمور كما ينبغي فإن لا شيء سيمنعني من القول أن رياض قد قطع شوطا مهما في مسيرته الكروية، لأنه سيستفيد من خبرة أطول وهذا بالاحتكاك بالمستوى العالمي، وعلى حد رأيي، الجزائر ستنافس منتخبين قويين جدا وهما إنجلترا والولايات المتحدة، الأمر الذي سيكون دون شك مفيدا لمنتخبكم الوطني، لكن الأمر الذي لا أشك فيه مطلقا هو أن لاعبا مثل بودبوز سيكون فعّالا في وسط ميدان منتخب الجزائر، خاصة وأنه يمتاز بمتانة في لعبه، وهو من نوع اللاعبين الذين يجيدون التفاوض في الصراعات الفردية على أرضية الميدان بالإضافة إلى فنياته المعتبرة التي ترشحه ليكون من بين اكتشافات المونديال، هذا إن منحه سعدان طبعا ثقته.
لكن مرور اللاعب بكل أصناف المنتخب الفرنسي قد يجعل المسؤولين على منتخب “الديكة” يشنون هجوما معاكسا من أجل ضمه إلى صفوفهم، هل تعتقد أن هذا الأمر قد يكون حجر عثرة أمام سعدان ويحول المسؤولون الفرنسيون دون التحاق بودبوز؟
قلت لكم سابقا إن كل شيء متوقف على رغبة اللاعب والوجهة التي يحبذّ اتخاذها، ولا أرى سببا يجعله يرضخ للضغوط من أي طرف كان خاصة وأن الأمر سيتعلق بتمثيل ألوان علم شعب بأكمله، أما فيما يخص رد فعل المسؤولين الفرنسيين، لا أعرف إن كانوا سيقفون مكتوفي الأيدي أمام مساعي الجزائر في خطف بودبوز وبعض اللاعبين الذين مروا على مختلف أصناف المنتخب الفرنسي، لأن هذه الأمور الإدارية يوجد مسؤولون عنها ولا يحق لي أن أحشر نفسي فيها، لأني ببساطة تقني ومهمتي هي الميدان ولا شيء سوى ذلك، لأن الباقي لديه أشخاص يتكفلون به، ولكن أعيد ما قلته، وهو أن بودبوز ومع صغر سنه فهو من بين الآمال التي يجب أن نتفق على أنها ستكون من بين المفاجآت السارة في المونديال القادم إن هو شارك مع الجزائر، وحتى مع نادي سوشو أعتبره ورقة مهمة فيه، لأنه سيكون دائما تحت مراقبتي من أجل أن أرفع مستواه دائما.
من دون شك تعرف اللاعبين الجزائريين، ما هي فكرتك عن المنتخب الذي يحوزه سعدان بين يديه؟
لكي أكون صريحا معكم أقول إنني أعرف بعض اللاعبين فقط وليس الكل، ولا يمكن أن أقارن نفسي بسعدان الذي يعرف جيدا نوعية اللاعبين الذين يحوزهم بين يديه والطريقة التي تسمح له بتقديم الإضافة من خلال جلب هذا اللاعب أو ذاك، فضلا عن أن المنتخب الجزائري كان حديث العام والخاص، وفي فرنسا على وجه التحديد بسبب وجود العديد من الجالية الجزائرية فيها، والطريقة الرائعة والبطولية التي مرت بها الجزائر إلى كأس العالم ما هي إلا دليل قاطع على أنه ينبغي أن يولي الجميع احتراما شديدا له، وهناك نقطة مهمة أريد الإشارة إليها، بما أن سعدان يفكّر في توجيه الدعوة إلى بودبوز وبعض اللاعبين كما ذكرتهم سابقا، فذلك دليل قاطع على أن هناك عمل قاعدي ورغبة شديدة في إنشاء منتخب ما بعد 2010، وكلها دلائل تجعلني أقول إنه يجب انتظار المنتخب الجزائري في المستقبل لأنه سيكون في مستوى كل المنتخبات الأخرى ولن يقل شأنا عنها وهذا بعد أن يصل-المنتخب الجزائري- إلى تحقيق درجة كبيرة من الوعي التكتيكي بالإضافة إلى الانسجام الذي يُعتبر عاملا مهما في الوصول إلى بر النتائج الإيجابية وفي كل المنافسات.
لكن المنصب الذي يلعب فيه بودبوز يطرح العديد من علامات الاستفهام، خاصة وأن زياني ومغني ينشطان في المنصب نفسه، وباعتبارك مدربا، هل تعتقد أن سعدان مهتم بجلب بودبوز لأنه يملك مباريات في رجليه أكثر من الثنائي سالف الذكر؟
من جهة أقول نعم، لأنني أعتبر بودبوز من بين الأوراق التي لا يمكنني الاستغناء عنها مهما كانت الدواعي والأسباب، ولعل أكبر دليل على ذلك هو أنني أشركه بالرغم من صغر سنه ووجود لاعبين يفوقونه سنا ولا يشاركون ويبقون على دكة البدلاء، هذا لا يعني أني أتعامل بالعاطفة، أكثر مما يدل على أني أنتظر منه الكثير ولا أشك مطلقا في أنه سيكون عند حسن ظني، كما يجب الإشارة إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون هناك لاعب واحد فقط في منصب واحد، بل المنافسة تفيد كثيرا وبكل المقاييس، وكل لاعب من الثلاثة(مغني، زياني ومع قدوم بودبوز المحتمل) سيشعر أن مسؤولياته تجاه المنتخب الوطني زادت بشكل كبير ولا يحق لأي أحد أن يمر جانبا، وعلى ضوء هذا، إقول إن بودبوز سيشكّل رفقة البقية ثلاثيا رائعا يمكن الاعتماد عليه، خاصة أن بودبوز يملك طريقة لعب خاصة به، الأمر الذي سيفيد كثيرا المنتخب الجزائري ويمنح الإضافة التي يرجوها منه ناخبكم الوطني والشعب الجزائري بصفة عامة.
لكن زياني ومغني يعانيان من نقص منافسة رهيب، ما يدل على أن سعدان قد يفعل كل شيء من أجل أن يكون بودبوز ضمن التعداد، ما رأيك؟
على حد علمي زياني ينشط في فريق فولفسبورغ الألماني ومغني الذي أعرفه جيدا يلعب في إيطاليا مع لازيو روما، وما قلتموه لي قبل قليل عن نقص منافستهما لا يمكن أن نعتبره في أي حال من الأحوال الحجة التي يجب اتخاذها من أجل الزج بلاعب لا يعرف أجواء المنتخب الوطني من أول مرة وهنا أقصد بودبوز، وإشعاره بمسؤولية زائدة هو في غنى عنها. ليس لأنه سيتهرب منها لأني أعرف إمكانات بودبوز جيدا بحكم أني مدربه وأعرف أنه قادر على رفع التحدي مهما كان نوعه، بل أريد أن أشير إلى أن عدم معرفة رياض بأجواء المنتخب الجزائري جيدا قد لا يفيد في الفترة الراهنة، بل يجب أن يكون انسجامه مع أشبال سعدان تدريجيا بلعب العديد من المباريات الودية، لأن ما يهم حاليا هو ضمان استعداد جيد للمونديال القادم، وهي الوسيلة المثلى التي ستسمح للثنائي زياني -مغني من أن يسترجع كافة إمكاناته ويتجاوز سلبيات نقص المنافسة للأول والإصابة للثاني كما كنتم قد أشرتم إليه في البداية.
هل هناك لاعبين في سوشو من أصول جزائرية في الفئات الصغرى؟
للأسف الشديد لست ملمّا كثيرا بالفئات الصغرى، لكن ما يمكنني قوله أن العديد من اللاعبين من جنسيات مختلفة وعلى وجه الخصوص الإفريقية توجد في العديد من الأندية الفرنسية وليس سوشو فقط، وأنا أعرف الذي تصبون للوصول إليه، وهو خطف هؤلاء من الآن(يضحك)، لكن يمكنكم أن تتأكدوا أن هناك مساعدي ومدرب الحراس بوراس الذي لن يترك أي أحد يخطفهم.
الظاهر أنك تميل كثيرا إلى الجزائر، هل هذا يعني أن “الخضر” كسبوا مناصرا جديدا في المونديال القادم؟
أكيد، فأنا أتعاطف مع الجزائر كثيرا وأعتبر تواجدها في المونديال أقل شيء يمكن أن يصل إليه هذا البلد الذي يعتبر بلد كرة قدم حقيقية، بالإضافة إلى هذا، فإن نادي سوشو استفاد كثيرا من لاعب جزائري في الفترة السابقة وهو زياني كريم الذي كانت مساهمته كبيرة في التتويج الرائع بكأس فرنسا وأدى قبلها موسما استثنائيا، بالإضافة إلى أن اللاعب الذي اتصلت بي من أجل إبداء رأيي فيه وهو بودبوز جزائري أيضا، ما يعني أن علاقة حب وطيدة تولّدت بين سوشو والجزائريين في الفترة الأخيرة وأنا أتشرف بذلك كثيرا، فضلا عن امتلاكي للعديد من المعارف من الجالية الجزائرية هنا في فرنسا ويناصرون سوشو بدورهم.
ماذا تريد أن تضيف في النهاية؟
أتمنى أن تكون مشاركة المنتخب الجزائري إيجابية في المونديال ويؤدي المشوار الذي ينتظره منه كل المتتبعين، وعلى هذا الأساس، أعيد ما قلته سابقا، وهو أن بودبوز سيكون اكتشاف العالم في دورة جنوب إفريقيا القادمة، لأنه يملك قدما سحرية بأتم معنى الكلمة، وبإمكانه أن يكون في الموعد من أجل إدخال السعادة للشعب الجزائري الذي أبلغ له سلامي الحار بالمناسبة وأطلب منه أن يثق في إمكانات لاعبيه فقط.