بينما تعكس ملامح وجهه مدى التركيز والحماس دائما، برهن المدرب كارلو أنشيلوتي المدير الفني لفريق ريال مدريد الإسباني عمليا على إمكانياته العالية وأكد أنه مدرب يمتلك خبرة لا تضاهى في بطولات دوري أبطال أوروبا... وقاد أنشيلوتي فريق ريال مدريد لفوز رائع 4-0 مساء أمس الثلاثاء على مضيفه بايرن ميونيخ الألماني في إياب الدور نصف النهائي لدوري الأبطال ليطيح بحامل اللقب ويحجز مكانه في المباراة النهائية للبطولة المقررة بالعاصمة البرتغالية لشبونة في 24 ماي المقبل، ورفع الفوز التاريخي في مباراة الأمس من أسهم أنشيلوتي إلى عنان السماء خاصة وأنها المرة الأولى التي يتأهل فيها الريال للنهائي منذ 12 عاما كما تحقق هذا بشكل رائع من خلال الفوز 5-0 على بايرن العنيد في مجموع المباراتين. وأشاد البرتغالي كريستيانو رونالدو مهاجم الريال كثيرا بمدربه أنشيلوتي قائلا: "إستحق الفريق التأهل للنهائي بعدما سقط في الدور قبل النهائي بالمواسم الثلاثة الماضية على التوالي. لجأ أنشيلوتي لتغيير كل شيء في الفريق، العقلية والأداء الخططي وكل شيء". وعلى مدار السنوات الماضية التي شهدت إخفاق الفريق في التأهل للنهائي الأوروبي، تعاقب على الريال عشرة مدربين مختلفين لم يحالف التوفيق أي منهم حتى مع بلوغ الفريق الدور قبل النهائي في كل من المواسم الثلاثة الماضية، والمدربون العشرة هم كارلوس كيروش وخوسي أنطونيو كاماتشو وماريانو غارسيا ريمون وفاندرلي لوكسمبورغو ووخوان رامون لوبيز كارو وفابيو كابيلو وبيرند شوستر وخواندي راموس ومانويل بيليغريني وجوزي مورينيو، ويتشابه أنشيلوتي في الكثير من الأمور مع آخر مدرب سابق فاز مع الريال بلقب دوري الأبطال في 2002 وهو المدرب الإسباني فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الإسباني، وعلى غرار دل بوسكي، يشتهر أنشيلوتي بشخصيته الجيدة الودودة وعلاقته الجيدة بالجميع. ولكن هذا وحده ليس كافيا لتحقيق النجاح. وتعاقد أنشيلوتي مع الريال ليبدأ عملية الانتقال والتحول في الفريق إلى "الوضع الطبيعي" بعد الضجيج الذي أثاره مورينيو في المواسم الثلاثة التي قضاها في تدريب الفريق وخاصة في الموسم الماضي الذي استعدى فيه العديد من الجهات ومن بينها عدد من أعضاء الفريق، وكانت أول مهمة لأنشيلوتي، الذي واجه انتقادات هائلة في بداية عمله مع الفريق، هي إعادة الهدوء والإستقرار إلى الفريق فيما أطلق عليه البعض عملية "إحلال السلام" في الريال، وكان من بين إجراءات هذه العملية العودة إلى الإستعانة بلاعبين مثل حارس المرمى إيكر كاسياس والمدافع البرتغالي بيبي وزميله المدافع سيرخيو راموس حيث منح لكل منهم دورا بالفريق بعدما عانوا من مشاكل عدة مع مورينيو في الموسم الماضي. كما انضم كريستيانو رونالدو إلى قائمة أصحاب المشاكل والخلافات منع مواطنه مورينيو في أواخر الموسم الماضي ولكنه كان أحد عناصر النجاح للريال في الموسم الحالي كما أشاد بمدربه الإيطالي أنشيلوتي على الدور الهائل الذي لعبه في تغيير شكل الفريق، وإضافة لهذا، أعاد أنشيلوتي للاعب فابيو كوينتراو دوره بالفريق بعدما ظل منبوذا من قبل مشجعي الريال عبر سنوات كما جعل من النجم الأرجنتيني آنخل دي ماريا أحد أهم الأوراق الرابحة للفريق في الموسم الحالي رغم المشكلة التي ظهرت بين اللاعب والجماهير في بداية الموسم، ولكن أنشيلوتي لم يبث فقط "السلام الاجتماعي" في الفريق وإنما قاد الفريق لاستعادة لقب كأس ملك اسبانيا بالفوز على برشلونة 2/1 في النهائي كما أطاح ببايرن من المربع الذهبي لدوري الأبطال بالفوز عليه 5-0 في مجموع المباراتين ليرد بقوة على الانتقادات التي واجهها في بداية الموسم والتي تركزت حول عدم قدرته على الفوز بالمباريات الكبيرة، كما أظهر الفريق تحت قيادة أنشيلوتي تطورا رائعا في الأداء الخططي وهو ما تجلى بوضوح في المواجهة مع بايرن وخاصة في اثنين من أهداف هذه المواجهة، وعلقت صحيفة "آس" الأسبانية الرياضية على هذا بقولها "النصر لأنشيلوتي الذي قاد كلا من المباراتين (أمام بايرن) بحكمة وحنكة"، ويستطيع أنشيلوتي الآن أن يكتب إسمه بحروف من ذهب في تاريخ اللعبة إذا قاد الريال للفوز باللقب العاشر له في دوري الأبطال علما بأنه سيكون الخامس لأنشيلوتي حيث سبق له الفوز باللقب مرتين كلاعب ومثلهما كمدرب.