ابتكر علماء كوريون جنوبيون في جامعة يونساي طريقة لإنتاج غلاف تقني ذكي عديم اللون، يرمّم الشقوق داخل الأسمنت حال حدوثها، من دون الحاجة إلى تدخل البشر. ونجحوا في ذلك بإضافة مادة كونكريتية - بلاستيكية تعمل بمثابة غلاف للأسمنت، تتكوّن من كريات منمنمة، تملأ الصدوع حال حصولها. وملأ العلماء هذه الكريات الصغيرة بمادتين كيميائيتين، تكمل الواحدة عمل الأخرى، وتمتلكان ذاكرة للشكل، وتعملان تمامًا كما تعمل صفائح الدم الحمراء على اندمال الجرح، الذي يصيب الإنسان. وهذا يعني أن تصدّع كرة الأسمنت الكيميائية سيؤدي إلى سيلان سائل منها يشبه الدم، يأخذ على عاتقه مهمة ملء الصدع. ويتولى ضوء الشمس، المباشر أو غير المباشر، إكمال المهمة، لأنه يؤدّي إلى تصلب السائل المتجمع في الصدع بشكل كريات من جديد. تجري هذه العملية بشكل تلقائي لرأب التصدعات الصغيرة، التي لا تُرى بالعين المجرّدة، لكن المهندس المعماري يعرف أن التصدعات الكبيرة والخطرة ليست سوى هذه الصدوع المجهرية في بدايتها. بعبارة أخرى، معالجة التصدعات في صغرها يعني منح المبنى عمرًا طويلًا. لا يعمل ميكانيزم الكريات الأسمنتية مدى الحياة بالطبع، لأن عدد الكريات في الغلاف الخارجي للأسمنت محدود، ويمكن أن ينتهي بعد رأب الآلاف من التصدعات المجهرية. هذا شيء يعترف به العلماء الكوريون، الذين طوّروا هذا الأسمنت الذكي، لكنهم واثقون من أنه سيختصر الكثير من كلفة الترميم وإعادة البناء، ويقلل استهلاك الأسمنت على المستوى العالمي، ويؤدي بالتالي إلى انخفاض كميات غاز ثاني أوكسيد الكربون، التي تنبعث من مصانع إنتاج الأسمنت. وتتحدث دائرة البيئة الألمانية عن أن 130 مليون طن من الأسمنت المستعمل ذهبت إلى النفايات في العام 2010 في ألمانيا وحدها. ويرتفع مجموع الأسمنت المستعمل في أوروبا والولايات المتحدة واليابان إلى 700 مليون طن سنويًا. وهذا يعني إطلاق نحو 500 مليون كيلوغرام من ثاني أوكسيد الكربون سنويًا. وهذه ليست المشكلة الوحيدة التي تتعلق باستعمال الأسمنت في البناء، لأن إنتاج الأسمنت من أكثر الطرق تلويثًا للبيئة بثاني أوكسيد الكربون. وأحصى علماء الأممالمتحدة أن إنتاج الطن الواحد من الأسمنت، وبحسب مكوناته، يؤدي إلى انبعاث ما بين 650-700 كيلوغرام من غاز ثاني أوكسيد الكربون.