نشرت : السبت 13 يونيو 2015 10:11 نجدد التوبة قبل رمضان لأن التوبة منزلة عليّة من بلغها فقد بلغ الخير كله ، يقول ابن القيم - رحمه الله - عن التوبة : "وهي أول منازل السائرين إلى ربهم وأوسطها وآخرها " فهي ليست منزلة العصاة المجرمين بل هي منزلة الأنبياء المصطفين قال تعالى : "وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى" فهي منزلة عزيزة منيفة من بلغها بلغ السؤدد والخير والرفعة وتهيئ أن يكون عبدا صالحا منيبا - وهؤلاء هم أهل جنة الرضوان - . - نجدد التوبة قبل رمضان لأننا نرى من أنفسنا ومن غيرنا الحرمان من الخير في شهر رمضان فلا جد في العبادة ، ولا اجتهاد في القيام ، ولا صرف وقت للتلاوة ، ولا يد تبذل الخير والمعروف .. فحُرمنا خيرات بسبب عيشنا في ظلمات الذنوب ، فتجديد التوبة قبل رمضان أصبح أمرا لازما حتى لا نحُرم الطاعة فيه فنخسر خسارة لا تعدلها خسارة. - نجدد التوبة في رمضان وفي كل آن. لأن الذنوب جراحات - ورب جرح أصاب مقتل - كثير منا يعصي ربه ولا يرى أثر ذنبه ومعصيته ويتعجب من هذا ! وما علم المسكين أن حرمانه من أثر الطاعة أعظم عقوبة يعاقب بها. (أذنب عبد سنوات فناجى ربه ليلة فقال :رب كم أذنبت ولا أرى لذنوبي أثراً؟ فهتف به هاتف : يا عبدي...ألم أحرمك لذيذ مناجاتي). فذنوبنا تحرمنا لذيذ المناجاة وحلاوة الطاعة التي هي جنة الدنيا المعجلة . فلذا كان لازما علينا تجديد التوبة قبل رمضان. - نجدد التوبة قبل رمضان لأن القلوب قست ، والأفئدة تصلبت وكأنها قدت من صخر ، فلا هي تخشع عند التلاوة، ولا العيون تدمع عند سماع قوارع الآيات، تدخل المسجد الجامع والقارئ يقرأ فلا تشعر بهمس من خشوع ، ولا ترى بكاءا للعيون، فحري بالنفوس أن تجدد التوبة قبل رمضان حتى تلين القلوب وتفوز بمرضاة الله. - نجدد التوبة قبل رمضان لأننا نرى الموت ينزل بالناس في كل لحظة ، ونشاهد يد المنون تخطف هذا وتطرح ذاك. تردي التي قد استعدت لعرسها ولكنه قد سبق قضاء الله بانتقالها للدار الآخرة والحكم عليها بالموت. فهذه الموعظة - أعني موعظة الموت - ينبغي أن تكون حاملة لنا للمسارعة للتوبة وأن لا نستجيب لطول الأمل الذي تُكذّبه لوقائع أمامنا ، فالوحى الوحي، والنجاة النجاة قبل حلول الموت بنا. - نجدد التوبة قبل رمضان لأن الفتن قد أحاطت بنا من كل مكان. قتل هنا ، وهلاك هناك ولا ثم نجاة إلا باللجوء إلى الرحمن قبل أن يحل بنا ما حل بغيرنا فلا نستطيع ساعتها فعل طاعة ، ولا نملك وقتها دفع مصيبة . رمضان يا إخوتي نور للأرض وهداية للعالمين ، والخاسر من حُرم خيره وخيراتها . أدرك رمضان يا مؤمن بلقاء الله ووعده ووعيده.