عرفت القائمة الرسمية التي وجّها لها الناخب الوطني وحيد حليلوزيتش بعض التغييرات الإضطرارية ما إن انطلق تربص سيدي موسى التحضيري للقاء إفريقيا الوسطى يوم الأحد، والبداية كانت بالإستنجاد ب حشود مكان مفتاح المصاب وبعدها بالإستنجاد ب بونجاح تحسبا لغياب جبور المصاب. وهو ما أعادنا إلى الوراء لاسترجاع حكايات بعض اللاعبين القدامى في المنتخب الوطني ممن تم انتدابهم في آخر لحظة وفي ظرف قصير تمكنوا من فرض أنفسهم وحجز أماكن أساسية وقول كلمتهم مع المنتخب. إجماع على أن حشود استحقها وأنه سينجح ورغم أنّ عبد الرحمن حشود الذي يُجمع الكل على أحقيته بتلقي الدعوة يعدّ وافدا جديدا على المنتخب إلا أن مهمته تبدو سهلة نوعا ما مقارنة ب بونجاح، لأن حشود لعب حتى الآن لسنوات عدة في القسم الأول سواء مع أهلي البرج أو فريقه الحالي وفاق سطيف فضلا على أنه سبق له أن لعب مع المنتخب المحلي ولو أنه لم يحصل على فرصه إلا نادرا في عهد بن شيخة الذي كان يفضّل عليه مفتاح، وهي كلها عوامل تجعل من مهمته سهلة نوعا لفرض نفسه في كتيبة البوسني حليلوزيتش. بونجاح المفاجأة التي يعرفها الحراشيون وحليلوزيتش وتبدو مهمة رأس الحربة الحراشي بونجاح في فرض نفسه بسرعة صعبة نوعا ما بما أنه مجهول بالنسبة للكثيرين، فما عدا الحراشية الذين يؤمنون بنجاحه بالنظر إلى الإمكانات الهائلة التي كشف عنها منذ استقدامه وربما من يعرفونه يوم كان يلعب في ناديه السابق رائد غرب وهران الذي سجل معه 39 هدفا الموسم الفارط فإنّه مجهول بالنسبة لكثيرين، ناهيك عن نقص خبرته وعدم خوضه من قبل أي تجربة مع المنتخب، غير أن حليلوزيتش لديه نظرة أخرى عنه بما أنه متأكد من إمكاناته بعدما ضمه إلى كتيبته، فالرجل عاينه من قبل خلال “الداربي” العاصمي أمام إتحاد الجزائر وعاينه من خلال لقطات فيديو للقاءات سعيدةوسطيفووهران ووقف على إمكاناته المعتبرة. مصابيح من حمام بوحجر إلى“الخضر”، تألق وصار نجما الحديث عن بداية قصة حشود وبونجاح مع المنتخب الوطني يعود بنا لاسترجاع بعض الأمثلة للاعبين انضموا في الظروف نفسها إلى المنتخب ونجحوا، وتبدو قصة علي مصابيح شبيهة بقصة بونجاح لأنه انطلق من نادي حمام بوحجر (أحد أندية الأقسام السفلى بعين تيموشنت) وما إن انقضى شهران على انضمامه إلى مولودية وهران حتى تلقى أوّل دعوة إلى صفوف المنتخب الوطني وكان ذلك في أكتوبر 1995، وبعد أن خاض مباريات ودية معه كان ضمن قائمة اللاعبين الذين تنقّلوا إلى جنوب إفريقيا للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا سنة 1996 وهداف المنتخب الوطني في تلك النهائيات، ومن هناك سطع نجم مصابيح وصار ركيزة من ركائز المنتخب وهدافا من أبرز هدافيه على مدار التاريخ. آيت عبد الرحمن لم يكن ضمن الحسابات فصار بطلا لإفريقيا آيت بن عبد الرحمن واحد من المدافعين الذين تألقوا مع شبيبة القبائل في نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات لكنه لم يحصل على فرصه كما كان يتمنى، ومن حسن حظه أن الإصابة التي تعرض لها أدغيغ في نهائيات كأس إفريقيا بالجزائر تطلبت استدعاءه، إذ أن أدغيغ تعرض للإصابة في لقاء كوت ديفوار وهو ما تطلب الإستنجاد ب بن عبد الرحمن الذي شارك في لقاء مصر الذي انتهى بفوز الجزائر بثنائية نظيفة، قبل أن يشارك أساسيا في لقاء نصف النهائي أمام السنغال (2- 1 لمصلحة الخضر)، وحتى إن كان قد غاب عن النهائي أمام نيجيريا إلا أنه توّج بكأس إفريقيا الوحيدة للجزائر. معيش عوّض ماجر المصاب ووصل للمربع الذهبي مع “الخضر” في المغرب وهاب معيش الذي برز هو الآخر لدى قدومه من النصرية إلى مولودية الجزائر وبرز أيضا مع المنتخب لفئة أقل من 23 سنة لكنه لم يكن يوما ضمن مخططات المشرفين على المنتخب الوطني الأول، خدمته الظروف سنة 1988 بعد الإصابة التي تعرض لها ماجر قبل نهائيات كأس إفريقيا التي جرت بالمغرب، حيث رفض المسؤولون في بادئ الأمر تعويض ماجر وتنقلوا بتعداد منقوص من لاعب واحد إلى الدارالبيضاء على أمل أن يشفى ماجر ويعود قبل أن يفكروا في توجيه الدعوة ل صالح عصاد، ليهتدوا في النهاية إلى تدعيم التعداد بوسط ميدان ووقع إختيارهم على معيش بما أن القوانين كانت تسمح لهم بذلك آنذاك، فتألق في لقاء الزائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) وأدى مباراة كبيرة في نصف النهائي أمام نيجيريا وهي المباراة التي خسرتها الجزائر بركلات الترجيح، لكنه تعرض إلى إصابة بليغة بسبب تدخلات لاعبي المنافس قبل أن يفضل لوحده الإنسحاب من المنتخب سنة بعد ذلك. إبراهيمي ساعدته مهزلة “زيغنشور” وتحطّم بعد فضيحة كعروف إبراهيمي واحد من اللاعبين المحليين الشبّان الذين خدمتهم مهزلة منتخبنا الوطني في “زيغنشور” سنة 1992 حيث قررت الإتحادية بعدها ضخ دماء جديدة في منتخبنا ومنح الفرصة للشبان فأوكلت المهمة للمدرب مزيان إيغيل الذي كوّن فريقا شابا وضم إبراهيمي المتألق مع وداد تلمسان ضمن صفوفه سنة 1993 ومنحه فرصته في التصفيات القارية لكأس إفريقيا 1994، وكسب اللاعب ثقة مدربه بعدما تألق في أول لقاء في داكار أمام السنغال عندما فازت عليها الجزائر هناك بهدفين مقابل هدف من توقيع كل من إبراهيمي ومفتاح، ليشارك اللاعب من جديد أمام منتخب غانا ويسجل ثنائية قادت الجزائر لتحقيق فوز ثمين قادها إلى “الكان”، قبل أن تحطّم قضية مشاركة اللاعب كعروف أحلام الجزائر في التواجد بتونس وأحلام إبراهيمي في الذهاب بعيدا مع “الخضر”. ثقة حشود وبونجاح تساعدهما، ووداعا للأسماء دون نتائج وقد يذهب البعض الذين اعتادوا على الإنتقاد من أجل الانتقاد دون أن يفقهوا في الكرة شيئا إلى حدّ التشكيك في كفاءة حليلوزيتش بعد ضمه لأسماء مغمورة إلى صفوف المنتخب الوطني، غير أن هؤلاء عليهم أن يدركوا أن منتخبنا لم يجن في السنتين الأخيرتين أي شيء من سياسة الاعتماد على الأسماء التي كانت مع سعدان وواصلت المسيرة مع بن شيخة ولا زالت ضمن التعداد مع البوسني، فلا انتصارات كسائر المنتخبات ولا أهداف تسجل ولا إنجازات تذكر إلى درجة أن البعض صار يهلل لتعادل سلبي في تانزانيا رسّمنا به إقصاءنا من نهائيات كأس إفريقيا 2012، وعليهم أن يدركوا أيضا أن سياسة ضخ دماء جديدة في عروق المنتخب بلاعبين شبان هي الأنسب لإعادة الهيبة التي فقدناها ولو بعد سنوات عدة، ثم أن حشود وبونجاح أو جابو أو زماموش أو تجّار وكل المحليين الذين سيدعمون المنتخب اليوم قادرون إذا وضعوا الثقة في النفس على إحراج المحترفين وحجز أماكن ضمن التشكيلة الأساسية، وعلى من تعوّدوا على إطلاق العنان لألسنتهم ألا يقللوا من قيمة المادة الخام الموجودة محليا وألا يشجعوا سياسة الإستيراد من الخارج والتهليل لمن يسمى ب سيباستيان أو ميشال أو خوليو.