لا ننكر أنّ الفضل في التعادل التاريخي الذي حققه “الخضر” أمام المنتخب الإنجليزي يعود إلى العناصر التي كانت حاضرة فوق الميدان ، لكن الفضل الأكبر يعود إلى “الشيخ” سعدان الذي وضع خطة تكتيكية ناجعة، سمحت بالظفر بأول نقطة في المونديال الإفريقي ومنحت الأمل في بلوغ الدور الثاني، إذ يكفي الفوز في اللقاء الأخير أمام المنتخب الأمريكي مقابل خسارة المنتخب السلوفيني بفارق هدفين أمام الإنجليز ليبلغ منتخبنا الدور القادم. سعدان هو من كان كابيلو يكفي أن تذكر إسم “كابيلو” في كلّ مرة ترغب فيها بالتفاخر بمدرب من المدربين، مثلما يحدث عندنا في الجزائر عندما نتحدث عن إنجاز أي مدرب لناد محلي، لكن سعدان هو من كان “كابيلو” أول أمس الجمعة بتكتيكه الناجع الذي جعل نجوم إنجلترا حاضرة جسديا فقط. سعدان تحدث بلغة الواثق من نفسه قبل المباراة لما أكد أن منتخبه جاهز لأجل تحقيق نتيجة إيجابية وهو كلام لم يأت من فراغ، بل عن قناعة الرجل وتأكده بخبرته أن لاعبيه سيكونون في الموعد فلا مشاكل منصوري وكل من صاروا لا يلقون السلام عليه أثنت من عزيمته في الصمود في وجه الإنجليز، ولا كل الهزات التي عرفها المنتخب خلال تواجده هنا في جنوب إفريقيا جعلته يشك للحظة في قدرة أشباله على التفوّق على مدرب قدير في الجهة المقابلة اسمه كابيلو. تكتيك مذهل والتطبيق بحذافيره من اللاعبين ولا بد من الإعتراف أن الإعتماد على رأس حربة واحد وهو مطمور الذي لم يسبق أن لعب في هذا المنصب سوى مرة واحدة أمام كوت ديفوار بأنغولا (لعب خلف غزال)، كان عملية إنتحارية، لاسيما أن المنافس إسمه إنجلترا، لكن رد المدرب كان فوق الميدان بتكتيك مذهل أذهل الجميع وطبّقه اللاعبون بحذافيره، فنوّع المدرب بين 4/5/1 و3/5/2 ودافعت عناصره بطريقة جيدة واكتسبت معركة وسط الميدان رغم وجود لاعبين مثل جيرارد، لامبارد وغيرهما. وحتى من ناحية الانتشار، فإن موقعنا في أعلى المنصة المخصصة للصحفيين سمح لنا بالوقوف على تموقع جيد للاعبينا على أرضية الميدان، حيث لم يتركوا مساحات شاغرة للمنافس، ففي الخط الخلفي ضيق حليش ورفاقه الخناق على روني ورفاقه، فضلا عن نجاح بلحاج وبوڤرة في سدّ المنفذين الأيمن والأيسر حيث لم نسجل توزيعات دقيقة ناحية رأسي الحربة روني وهيسكي، ولعل ما ساعدهما على ذلك هو الدور الذي لعبه قادير في التغطية من جهة بوڤرة اليمنى، أين كان يهاجم ويدافع، كما لا ننسى أيضا أن ننوّه بالدور الذي لعبه لحسن ويبدة في الاسترجاع في خط الوسط إذ أنهما بانتشارهما الجيد كسبا “أم المعارك” أمام العمالقة الإنجليز، وحتى مطمور الذي بدا لنا من قبل أنه سيكون معزولا في الهجوم تحرك وقاوم بالكرة ودونها وأقلق جون تيري وكاراڤير. روني، لامبارد، تيري وهيسكي بدوا أقزاما ضحايا تكتيك سعدان لم يكن كابيلو فقط، بل أنّ نجوم الإنجليز سقطوا سقوطا حرا، فمن كان يتوقع أن يعجز روني عن تسديد كرة واحدة في إطار المرمى، ومن كان يراهن على سقوط لامبارد أمام مراوغات زياني القاتلة، ومن كان يراهن كذلك أن يبقى جون تيري يتفرج على بودبوز وهو يُبدع بالكرة، ومن كان يعتقد أن يسقط “هيسكي” بصلابته وقوته البدنية الهائلة وسط عنتر يحيى وحليش، فهذه الأسماء تحوّلت سهرة أول أمس إلى دمى لا تقدر على مسايرة النسق العالي الذي لعب به رفاق حليش ورسمه الشيخ سعدان. النقطة السلبية الوحيدة أننا لا نُسجّل ويبقى عيبنا الوحيد أننا منتخب لا يعرف كيف يزعزع شباك المنافسين، ما يجعلنا نؤكد مر أخرى أننا في أمس الحاجة إلى رأس حربة حقيقي يجسّد الفرص المتاحة، وليس فقط إرباك المدافعين وإقلاقهم، وهو أمر على سعدان أن يحاول معالجته قبل مباراة الولاياتالمتحدةالأمريكية.