يكفي منتخبنا الوطني ثلاث نقاط وهدف أو هدفين في مرمى الولاياتالمتحدةالأمريكية كي يقتطع تأشيرة التأهل إلى الدور القادم وسيتحوّل تجسيد ذلك إلى إنجاز تاريخي كبير لم يسبق لأيّ جيل من الأجيال الجزائرية التي تعاقبت على حمل ألوان المنتخب وتمثيلها في المحفلين الدوليين السابقين بإسبانيا سنة 1982 ومكسيكو سنة 1986 أن حققه، لكن هذا الجيل الجديد الذي أعاد الجزائر إلى المشاركة في هذا المحفل الكروي العالمي بعد غياب دام 24 سنة، يرغب الآن ويحلم في تحقيق هذا الحلم بالوصول إلى الدور القادم وعدم الإكتفاء في كل مرّة بالمشاركة من أجل المشاركة والخروج في نهاية المطاف من الدور الأول. “سنخوض لقاء كأس حقيقي ولن نرضى بغير التأهل” بالأمس فقط خلال الحصة الأخيرة بملعب “أوغو” اقتربنا من أغلبية اللاعبين بغية محاورتهم، ومن خلال كافة التصريحات التي خرجنا بها، لمسنا إجماعا منهم على ضرورة الفوز على الولاياتالمتحدةالأمريكية وبلوغ الدور القادم مهما كان الثمن. فالكلّ أجمع على أنّ لقاء الأربعاء “هو لقاء كأس حقيقي، بما أنّه سيجمع منتخبين يبحثان عن تحقيق الفوز بأيّ وسيلة بغية التأهل، لكننا لن نرضى بغير الفوز لكي نصل إلى المحطة المقبلة”، قال اللاعبون الذين أضافوا: “نحن في أوجّ العطاء، وفي أفضل لياقة وأحوال، وعلينا أن نستغلّ الفترة الزاهية التي نمرّ بها حتى ندخل التاريخ، أجل نرغب في دخول التاريخ من بابه الواسع، لأن الجزائر أخفقت في التأهل إلى الدور الثاني في مشاركتيها سنتي 1982 و1986، وعلينا أن نكسر قاعدة الخروج من الدور الأول، بتخطي هذا الدور هذه المرّة وقيادة المنتخب إلى الدور القادم”. “حلم يُراودنا ونحبّ مثل هذه التحدّيات” وتطرّق حليش وعدد من رفاقه اللاعبين إلى ذلك وأكدوا لنا في مختلف تصريحاتهم أنّ الصمود في وجه المنتخب الإنجليزي، والمردود الرائع الذي قدّموه، والنسوج الكروية التي أمتعوا بها الحضور، والنسق العالي الذي لعبوا به، والمستوى الرفيع الذي ميّز طريقة لعبهم، هي كلها عوامل جعلتهم يسترجعون الثقة في النفس وجعلتهم الآن يؤمنون أكثر من أي وقت مضى بأنّهم قادرون على تحقيق إنجاز التأهل، وأضافوا: “حلم التأهل صار يراودنا الآن، نحن منتخب يحب التحديات والمواعيد الكبرى، وها هو تحدّ آخر ينتظرنا بعد كل التحديات التي كسبناها سابقا، وعلينا الآن أن نكون في المستوى أمام منتخب الولاياتالمتحدةالأمريكية، حتى نحقق الحلم الذي يراودنا وحتى يتسنى لنا دخول التاريخ من أبوابه الواسعة”. “دخول التاريخ غرضنا وإسعاد الشعب الجزائري هدفنا” وإن كان لاعبونا يعترفون بصعوبة المأمورية أمام منافس قوي من طينة المنتخب الأمريكي، إلاّ أنهم يقرّون في آن واحد أن لا شيء سيثني عزيمتهم في اقتطاع تأشيرة المرور إلى الدور المقبل... واستطردوا قائلين في مختلف التصريحات التي تحصلنا عليها أمس منهم: “لن نترك الفرصة تمرّ علينا دون أن نحقق شيئا فريدا من نوعه، دخول التاريخ غرضنا الأول حتى تحقق الجزائر ما لم تحققه من قبل، وإسعاد الجماهير في الجزائر غرضنا أيضا لأن الشعب الجزائري يستحقّ أن يفرح مثلما فرح كثيرا بتأهلنا إلى هنا”. “ما سُرق في 82 سيُسترجع في 2010“ طموح لاعبينا يبقى طموحا مشروعا لأننا نملك تشكيلة قوية قادرة على رفع التحدّي عندما تكون في أفضل أحوالها. صحيح أننا لم نشعر منذ مجيئنا بعودة الروح إلى المجموعة سوى في لقاء إنجلترا، إلا أنّ منتخبنا يبقى منتخبا قادرا على رفع التحدّي في الأوقات الحرجة، ومباراة الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تختلف في اعتقادنا عن لقاء إنجلترا بما أنها مباراة مصيرية وحاسمة فعلا، ولاعبونا عوّدونا على أن يكونوا في يومهم أيام الحسم والصعاب، بالتالي علينا أن نتوقع مع هذا الجيل تأهلاً نسترجع من خلاله ما سُرق منّا سنة 1982 على يد الألمان والنمساويين عندما تآمروا علينا حتى يتأهلا سويًا على حسابنا. جيل مجنون يُصيبه الجنون في المواعيد الكبرى! وعذرا للاعبينا على هذا الوصف إن قلنا عنهم إنهم يُشكّلون جيلا مجنونا بأتم معنى الكلمة، ونحن هنا لا نقصد بالجنون “الهبل“ وغير ذلك، بل نقصد أنه جيل التحدّيات الكبرى والصعاب، جيل ينهزم أمام سلوفينيا ويبسط سيطرته بعدها على منتخب إنجلترا ويخطف منها تعادلا ثمينا ويضع نفسه في أكثر من مناسبة في موقع قوّة، ويكون في أكثر من مناسبة أيضا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز... جيل يتعادل أمام رواندا ويفوز على زامبيا ومصر، يخسر أمام مالاوي بثلاثية نظيفة ويخرج بعدها كوت ديفوار من السباق. أليس هذا بجنون أم ماذا!؟ نعم، إنه جنون أشبال سعدان الذي نتمنى أن يكونوا بحقّ مجانين أمام الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد غد الأربعاء، حتى يحققوا حلمهم وحلمنا ويتسنى لنا أن ندخل التاريخ معهم من أبوابه الواسعة. من أعاد الجزائر إلى “المونديال“ قادر على قيادتها إلى الدور الثاني ولنا كلّ الثقة في هؤلاء اللاعبين رغم الهزّات الإرتدادية التي عوّدونا عليها من حين لآخر، لأن ما حدث مثلا في الفترة الأخيرة بعد أن عوّدونا على تكبّد الخسارة تلو الأخرى أمام منتخبات عادية جعل الشك يتسرّب إلى أنفسنا في قدرة هذا المنتخب على مسايرة نسق الكبار، وسرعان ما زال ذلك الشكّ سهرة الجمعة المنقضي عندما جابهوا الإنجليز بكل قواهم واختطفوا نقطة غالية بطعم الانتصار، ثم أن ثقتنا في هذا الجيل استلهمناها من الطريقة التي وصلوا بها إلى “المونديال“، عندما أزاحوا الكبير والصغير من طريقهم. وهنا لا يسعنا إلا نؤكّد أن من يقود الجزائر إلى “المونديال“ بعد غياب دام 24 سنة عن هذا المحفل الكروي العالمي، قادر لا محالة على قيادتها إلى الدور الثاني هذه المرّة إن شاء اللّه.