يبدو أن نجم منتخب مصر، محمد أبو تريكة، هو فعلا لسان العقل والحكمة، ويبدو أيضا أنه من الذين لم تُغيّر قناعاتهم مباراة في كرة القدم أشعلت الفتنة بين شعبين كاملين. ف أبو تريكة ثابت على مواقفه، يرفض أن يقول سوءا عن الجزائر، حتى وإن حاول بعض الصحفيين جرّه إلى ذلك بأسئلة الغرض منها إذكاء مزيد من نيران الفتنة وإشعالها أكثر. هذه المرة أطل المعني من مجلة “سوبر” الإماراتية وأعلنها صراحة أنه سيناصر الجزائر في كأس العالم بصرف النظر عما إذا كان سيتواجد في جنوب إفريقيا أم لا، بناء على دعوة تلقاها من طرف “الفيفا” باعتباره أحد ممثلي حملة “كرة القدم تعطي الأمل”. وهي التصريحات التي تأتي بعد فترة قصيرة من الكلام الذي قاله المدرب المصري حسن شحاتة الذي أعلن من قناة “دريم” أنه لن يناصر المنتخب الجزائري في كأس العالم. “المؤكد أنني سأناصر الجزائر كنت أم لا في جنوب إفريقيا” وفي ردّه على سؤال صحفي المجلة الإماراتية الذي حاول الحصول على رأيه ما إذا كان سيتعاطف مع المنتخب الجزائير في كأس العالم، رد أبو تريكة ضاحكا بالقول :”سأذهب إلى جنوب إفريقيا حيث مونديال 2010، بعد أن تلقيت دعوة خاصة، وأتمنى أن تخدمني الظروف في ذلك الوقت وألبّي الدعوة، والمؤكد أنني سأشجّع الجزائر، بغض النظر عن وجودي فى جنوب إفريقيا من عدمه“. قبل أن يذكر إثر ذلك الأسباب التي جعلته يناصر الجزائر على الرغم من الهالة الإعلامية وحجم الكراهية المفتعلة بين الشعبين في المدة الأخيرة. “لن أناصر الجزائر بسبب تكريمي هناك واحتفاء الجميع بي فقط“ وقال ابو تريكة إن أشياء كثيرا تفرض عليه أن يشجّع الجزائر في المونديال، مشيرا إلى أنه ليس من هذه الأشياء التكريم الذي حظي به في الجزائر التي قال إنها احتفت به شعبا وحكومة بشكل رائع (في إشارة إلى تكريم يوميتي “الهدّاف“ و”لوبيتور” له شهر مارس الماضي ومنحه جائزة أحسن لاعب عربي ). وقال عن الأمور الأخرى التي تفرض عليه مناصرة الجزائر:“ ما أقصده هو الدين والتاريخ واللغة. إنها أشياء تستحق منا أن نكبر فوق أزمة صنعتها أياد خارجية... الروابط التي تجمع بين الشعبين المصري والجزائري والمتمثلة في الدين، اللغة والتاريخ تُجبرني على مساندة الجزائريين، ولن تقف المشاكل التي تسببت فيها أياد خارجية حائلاً بيننا، فهم عرب ومسلمون ولنا تاريخ يجمعنا، ولذا فلن أخون عروبتي وديني وتاريخي”. وهو دليل آخر على أنه لم ينسق وراء الفتنة التي نفخ فيها الكثير من المطبلين والمهللين للقطيعة العربية التي أعقبت اللقاء الفاصل، ورفض أبو تريكة حينها التصريح بأي كلمة لأنه كان يرى أن الصمت أرحم في مثل تلك الظروف. وبعد أن هدأت العاصفة ها هو اللاعب الرفيع المستوى يقول أنه عربي حتى النخاع بالقول والعمل.و أشار نجم الكرة العربية إلى أنه كان يود المشاركة في كأس العالم ثم الإعتزال، لكن الفشل في التأهل فرض عليه إعادة حساباته، لأن الاعتزال بعد الإقصاء يعد برأيه بمثابة هروب، ما جعله يقرّر الاستمرار . كما أضاف أنه يأمل أن يكون حاضرا في البرازيل في دورة 2014 وإن كان سيبلغ وقتها من العمر 35 سنة. أبو تريكة يصرّ دائما أن يبقى كبيرا في عيوننا و لا تعتبر هذه الطلّة الإعلامية غريبة من لاعب متخلّق ومحترم يصرّ بشكل دائم أن يكبر في عيوننا نحن الجزائريين. حيث يجبرنا أن نحترمه ونكنّ له كل التقدير لأن مواقفه الثابتة تفرض علينا أن نكرمه منزلته الحقيقة، ومنها نصرته القضية الفلسطينية في دورة غانا قبل عامين. ومثلما قال إن الدين، التاريخ واللغة تفرض عليه أن يكون في صف الجزائر التي تحب من يحبها، ومثلما تحب الجزائر أبو تريكة وتتمنّى أن يختم مشواره الكروي بالطريقة التي يستحقها نجم مثله، فإنها لا تظلم أحدا، إلا من ظلموا أنفسهم، بتصريحات وتصرّفات لم يكن هناك داع لها، إلا زيادة الهوة بين شعبين عربيين ما يربطهما أكبر مما يفرّقهما. “صورة تكريه من طرف الهدّاف كانت حاضرة” ورافق المقال الذي نشر حول أبو تريكة صورة جميلة تعبّر بصدق عن تصريحاته، فهو كان يحمل وردة ملفوفة بالعلم الجزائري، والراية الجزائرية على ركبتيه، وهي الصورة المأخوذة من حفل التكريم الذي حظي به لاعب الأهلي العام الماضي حين تم إختياره أحسن لاعب عربي. وقد كانت الصورة معبّرة جدا، وتؤكد مدى حب اللاعب للوطن العربي عموما وللجزائر خصوصا لأنه زار الجزائر ويعرف قيمة هذا الشعب المضياف وليس له أدنى شك في أن المتسبّبين في الفتنة لن ينالوا من الجزائر ومصر على حد سواء، ولسان حال أبو تريكة يقول: “الفتنة نائمة لعن اللّه من أيقظها”. “سأحوّل قصة حياتي إلى كتاب” وفي نهاية حواره مع المجلّة الإماراتية، رفض النجم الخلوق التعليق على المعلومات التي تؤكد أنه رفض عرضاً مغرياً جداً لتحويل قصة حياته في شكل مسلسل تلفزيوني يقُدم في رمضان. وقال أبو تريكة إنه ربما سيقوم بتدوين قصة حياته في كتاب، وعليه فإن النجم العربي الكبير لا يريد أن تكون قصة حياته في شاشات التلفزيون لأنه على دراية أنه سيتم تحريف الكثير من الأمور، لذا يريد أن تكون في كتاب يبقى للأجيال القادمة ويكون قصة صادقة أحسن مما تبينه الصورة التلفزيونية.