فشل ذريع وعلى كافة المستويات أظهره “الخضر” في مواجهة تانزانيا، فيما لا يختلف اثنان على أن الفشل الأكبر كان على مستوى الكرات الثابتة، حيث أتيحت العشرات منها للاعبين دون أن يستغلوها ويحولوها إلى أهداف، رغم أن الأمر يتعلق بنقطة قوة المنتخب الجزائري في السنوات الأخيرة، وهي نقطة أشاد بها الكثير من الفنيين بل وربطوها بسبب تأهل “الخضر” إلى كأس العالم بجنوب إفريقيا، لكن ما أظهرته مباراة تانزانيا أن هذا السلاح تلاشى وصار دون أي خطورة حتى على المنتخبات المتواضعة. أكثر من 35 بين مخالفة وركنية ولا كرة في الشباك ولم يسبق منذ سنوات طويلة أن أتيح ل “الخضر” عدد هائل من الكرات الثابتة كما حصل سهرة أول أمس، حيث كان المجموع أكثر من 35 بين ركنية ومخالفة قريبة من مربع العمليات، حتى أن الأمر وصل بالحكم الطوغولي كوكو إلى أن جامل لاعبي “الخضر” بعدد من المخالفات على مقربة من منطقة الجزاء، لكن كل هذه الكرات لم تكن كافية لأن تسجل منها إصابة واحدة، ولا حتى أن تنفذ بالطريقة المناسبة والسليمة. مدافعو تانزانيا قصيرون وأغلب الكرات كانت إليهم في القائم الأول وقد كان من الواضح – حسب التقنيين – أنه كان هناك سوء استغلال فضيع لهذه الكرات، حيث كانت تنفذ كلها في القائم الأول أمام دهشة الجميع، يحدث هذا بالرغم من أن أغلب مدافعي تانزانيا لهم قامات قصيرة، وتساعدهم هذه الكرات عكس ما لو كانت إلى القائم الثاني، إلى درجة أن “النية” التي كان ينفذ بها رفقاء بودبوز وبلحاج مخالفاتهم، جعلت 4 من مدفاعي تانزانيا يقفون في القائم الأول، وكان تخمينهم صائبا لأن أغلب الكرات كانت تصل إليهم وتشتت بكل سهولة. 40 مليون كانوا يُطالبون بالكرات في القائم الثاني إلاّ سعدان ولا يدري أحد ما هو السبب الذي أجبر اللاعبين على تنفيذ مخالفاتهم باتجاه القائم الأول، هل هي نصيحة من سعدان بحكم معاينته المنتخب التانزاني عبر أشرطة الفيديو؟ أم أن الأمر يتعلق بمشكل في الكرة التي لم تكن ترتفع بشكل جيد (خاصة أن المبررات موجود دائما)، لأن 40 مليون جزائري كانوا يطالبون بالكرات في القائم الثاني، إلا المدرب رابح سعدان الذي يبدو أنه لم يتكلم عن هذه النقطة تماما في غرف حفظ الملابس، وإن كان قد تكلم عنها ولم يكن هناك تجاوب من اللاعبين فالأمر خطير. سلبيات الإعتماد على فريق محترف عدم العمل على الكرات الثابتة وكان المحاضر لدى “الفيفا” الدكتور السعيد حدوش قد أكد لنا في عدة مناسبات أنه من الصعب إيجاد وتحقيق الانسجام بين لاعبين يلعبون كلهم في البطولات الأوربية، لأن مواعيد “الفيفا” قليلة جدا ومن الصعب تجميعهم وتصحيح الأخطاء، وهي نقطة يشاطره فيها الفنيون، لأنه حتى تكون الكرات الثابتة نقطة قوتك، ينبغي العمل عليها كثيرا في التدريبات، خاصة مسائل التنفيذ والتمركز وأشياء أخرى، وهو أمر لا يحصل في حصة تدريبية واحدة أو حصتين. بسكري: “اللاعبون صاروا لا يعملون في التدريبات على الكرات الثابتة” هذا وأكد محلل التلفزيون الجزائري مصطفى بسكري أنه من غير المعقول أن تضيع كل هذه الكرات الثابتة دون أن يتم استغلالها في وقت أنها كانت نقطة قوة “الخضر” في سنوات سابقة، قبل أن يضيف: “من الواضح أن المشكل هنا في أن اللاعبين لا ينفذون الكرات الثابتة في التدريبات أو لا يشتغلون عليها أصلا، خاصة أننا شاهدنا سوء استغلال لها، وأحيانا سوء تمركز، فضلا عن سوء تفاهم بين اللاعبين في عدة مناسبات”. الكرات الثابتة أخافت “كابيلو”ولم تُشكّل أي حرج على التانزانيين ويبدو أن مباراة تانزانيا قد جعلت حكاية الكرات الثابتة التي كانت مصدر قوة المنتخب الجزائري رواية قديمة، لأنه لا مبرر لعدم استغلال ما بين 35 بين مخالفة قريبة من منطقة العمليات وركنية أمام منتخب تانزاني متواضع، لم يجد مدافعوه أي صعوبة في إخراج كل الكرات من منطقتهم، وبين هذه الكرات الثابتة التي أشاد بها المدرب الإيطالي للمنتخب الإنجليزي “كابيلو” وغيره ممن شاهدوا المنتخب الجزائري من فنيين عالميين، وما وقع سهرة أول أمس حين لم تشكل أي حرج على فريق تانزانيا، فإن أشياء كثيرة تغيرت وذكرتنا بالسنوات العجاف. صراع على من يُسدّد في إحدى اللقطات هذا وتبقى النقطة السلبية الأكبر في الكرات الثابتة أن المدرب سعدان لم يحدد من ينفذها، حيث تصارع اللاعبون في إحدى المخالفات في اللحظات الأخيرة قرب خط ال 18 على من ينفذها، فظفر بها زياني وأساء تنفيذها، ثم أمر الحكم بإعادتها فنفذها يبدة الذي سددها مرة أخرى بطريقة سيئة، قبل يلومه زملاؤه خاصة من كانوا يريدون أن يكونوا مكانه، وهي علامة استفهام كبيرة تطرح هنا، لأن الأمر يتعلق بمنتخب وطني كبير تأهل إلى كأس العالم، وليس مجرد فريق في بطولة القسم الأول أو الثاني الجزائري يتصرف لاعبوه كما يحلو لهم. حاج عدلان اعتبر الأمر غير معقول وربطه بالمشكل الذهني هذا واعتبر اللاعب الدولي السابق حاج عدلان الأمر غير مقبول تماما، مشيرا إلى أن منتخبا بهذا المستوى كان من المفترض أن يحدد فيه من يسدد المخالفات مسبقا، ولا يصل الأمر باللاعبين إلى حد الصراع على الكرة، وهو الكلام الذي قاله في التلفزيون الوطني (كنال ألجيري) لأنه لم يعد هناك شيء يمكن أن يخبأ عن الجمهور الذي شاهد هذه الأمور على أرضية الميدان وغيرها، حاج عدلان اعتبر أن المشكل أيضا ذهني وعندما يتوقف العقل عن التفكير يكون من الصعب على القدمين التجاوب وتحدث أمور كالتي شاهدناها سهرة أول أمس.