للإيمان حلاوة عجيبة يجدها من عاش في كنف الله وساحته، وهذه الحلاوة واللذة تنشآن لدى المسلم بممارسة العبادة والالتزام بأوامر الله ونواهيه وا قبال على الطاعات، ومما يدل على أن ا يمان حلاوة، قوله عليه الصلاة والسلام "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة ا يمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ نجاه الله منه كما يكره أن يلقى في النار"، فالذي يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أكثر مما يحب غيرهما، والذي يحب أخاه المسلم وليس من أجل مصلحة دنيوية وإنما يحبه لله، والذي يكره أن يعود في الكفر بعد أن نجاه الله منه كما يكره أن يلقى في النار لابد أن يجد لذة وحلاوة لذلك في قلبه، وقد عبرت رابعة العدوية على تلك اللذة بقولها "لو يعلم الملوك ما نحن فيه من السعادة لقاتلونا عليها". ومما يدل عليه أيضا قوله عليه الصلاة والسلام "النظرة سهم من سهام إبليس من تركها مخافة الله أبدله الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه"، ومعناه أن النظرة الواحدة إلى امرأة أجنبية أوإلى ما من الله به على خلقه من زينة الحياة الدنيا سهم من سهام إبليس السامة التي تصيب قلب المؤمن فيتأثر إيمانه، ويبعده عن الله عز وجل، فمن جاهد نفسه وترك هذه النظرة مخافة الله، فإن الله سيبدله إيمانا ولذه عجيبة يجدهما في قلبه. وثمرة هذه الحلاوة وهذه اللذة أن يصبح ا يمان مختلطا بدم المسلم ولحمه لا يستطيع مفارقته، وهذا المعنى هو الذي جاء في كلام هرقل عظيم الروم تعليقا على جواب أبي سفيان بن حرب عندما سأله هل يرتد أحد ممن آمن بمحمد عن دينه سخطة له، أي كرها له؟ فأجاب أبو سفيان أن لا، فقال هرقل عند ذلك "وكذلك ا يمان حين تخالط بشاشته القلوب"، فا يمان حين يخالط القلوب يهون كل شيء عند صاحبه، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن قوم كانوا قبلنا من أتباع الرسل السابقين تمكن ا يمان من قلوبهم فهان كل شيء عندهم فقال "لقد كان فيمن قبلكم يؤتى بالرجل فيحفر له حفرة فيوضع فيها ثم يؤتى بمنشار من حديد فيوضع فوق رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط من حديد ما بين لحمه وعظمه يصدقه ذلك عن دينه".