حاورتها: سامية حميش حياة بنت طيبة، إعلامية فذة تصنع الحدث يوميا بكتاباتها عبر صفحات جريدة "اليوم"، تفضل العمل الميداني الذي يبعدها عن شبح الروتين، وتعتقد بأن الصحفي في الجزائر لم يفتك حقه كما يجب على كل المستويات و لا يعامل على أساس أنه نخبة المجتمع في كثير من الأحيان، فضلا عن مشاكل أخرى تتخبط فيها هذه الفئة.
* _بعد أكثر من عشرية في المجال الإعلامي، كيف تقيمين تجربتك الصحفية اليوم؟ البداية أود أن أعرف بنفسي، حياة بن طيبة صحفية في القسم الوطني بجريدة "اليوم" حاليا، متحصلة على شهادة ليسانس في العلوم السياسية تخصص علاقات دولية، أحببت الكتابة منذ نعومة أظافري وكنت أنظم قصائد في الشعر الحر والخواطر وأنا في الثانوية و الجامعة وأحببت التحليل السياسي في الجامعة، أين استشعرت شغفي بالعمل الصحفي والإعلام بشكل عام وكنت حينها مولعة بقراءة كتابات الدكتور سليم قلالة، عرفت لأول مرة العمل الصحفي عن كثب بجريدة "الفجر" وكتبت مقالات مقتضبة في القسم الثقافي سنة 2004 وكنت حينها متربصة، بعدها تطوعت للكتابة في صفحة الأسرة والمجتمع بجريدة البصائر، وبعد سنوات عدت للعمل كصحفية بجريدة "اليوم" في القسم المحلي، إلا انني غيرت القسم وتوجهت إلى التحرير في القسم الوطني لأنه يتلاءم مع تخصصي في الجامعة و كذا إعجابي بصفحات "الحدث" لارتباطها الدائم بالمستجدات على الساحة الوطنية. * يقال أن أغلب الإعلاميات الجزائريات يفضلن الأقسام الثقافية والاجتماعية، كيف اخترت القسم الوطني بجريدة "اليوم"، وهل شكل ذلك تحديا بالنسبة لك؟ لا أظن بأن جل الصحفيات يخترن قسمي المجتمع والثقافي، يبقى الخيار يراعي ميولات كل واحدة منهن، فكثيرات تفضلن هذه الأقسام لأنها تتلاءم مع اهتماماتهن وعطائهن في تلك الأقسام، أما بالنسبة لي فاختياري للتحرير في القسم الوطني ليس تحديا، بل لأنني أحب صفحات "الحدث " بما تحمله من أخبار ونشاطات سياسية ومستجدات وطنية تستدعي المتابعة والتغطيات المتواصلة إلا أنه في حال تغيير القسم أحبذ التحرير في قسم المجتمع. _هل تعتقدين أن مواقع التواصل الاجتماعي تسهم اليوم في إيصال كلمة الصحفي بعيدا عن الضغوطات والرقابة؟ في رأيي مواقع التواصل الاجتماعي باتت متنفسا لكثير من الاعلاميين الذين يطلقون على صفحاتهم اسم "بيتي أو منزلي "، حيث يحق لهم تحليل الأحداث السياسية والاجتماعية ونشرها عبر صفحاتهم بعيدا عن مقصات الرقابة والضغوطات، حيث تجد صحفي يغطي حدثا ما فيكتفي في مقاله بنشر الخبر دون تعليق، إلا أنه يهب إلى صفحته عبر الفايسبوك أوالتويتر ليغرد برأيه الشخصي أين يقدم تحليلاته لمواقف سياسية أو تعقيبا على تصريح وزاري أو إطلاق الانتقادات اللاذعة أوالساخرة تعبيرا عن أفكاره بكل حرية.
* رغم الكم الهائل من الجرائد الصادرة اليوم، يرى الكثيرون أن الصحافة المكتوبة حققت الكم دون النوع..ما رأيك؟ فتح المجال الإعلامي لظهور المئات من العناوين سلاح ذو حدين، ففي الجانب الإيجابي أسفر عن فتح الآفاق للتوظيف لعدد كبير للمتخرجين من الجامعة الذين في وقت ما كانت تنخرهم البطالة، إلا أنه في نفس الوقت فتح مجالا للعبودية باستغلال الصحفيين مقابل أجور زهيدة وتكريس الرداءة في بعض الأحيان، حيث نصطدم في كثير من المرات بمقالات يجهل أصحابها حتى التفريق بين الفعل والمصدر، لذا في اعتقادي أن المتخرجين من الجامعة والوالجين لعالم الإعلام حديثا بحاجة إلى تكوين جيد ومتابعة في الجرائد التي يتوظفون بها.
*هل يعود جزء من الرداءة الإعلامية التي نراها اليوم إلى غياب الحقوق المهنية والاجتماعية للصحفيين؟ نعم في رأيي يعود جزء من الرداءة الإعلامية التي نراها اليوم إلى غياب الحقوق المهنية والاجتماعية للصحفيين، فالصحافي الذي يتلقى أجرا زهيدا لا يغطي احتياجاته الأساسية مقابل مطالبته بملء الصفحات، حيث يعمل تحت وطأة الضغوطات يمكن أن نطلق على العمل الاعلامي في ظل هذه الظروف بالاستعباد، فكيف يمكن مطالبة صحفي بالعطاء والإتقان اذا لم يكن مرتاحا ماديا، ومنهم من لا يتمتع حتى بحقه في الضمان الاجتماعي، أظن بأنه حان الوقت لإعادة الاعتبار للصحفيين بتنظيم القطاع الخاص الذي يقبع في الفوضى حاليا ومنذ عدة سنوات خلت، وذلك من خلال التدخل العاجل لوزارة الاتصال للفرض على مدراء الجرائد قوانين من شأنها تفعيل شبكة أجور لائقة والعمل على حل مشاكل الصحفيين الاجتماعية، خاصة منها السكن.
* تصنف الجزائر في المرتبة فوق المائة في حرية التعبير في ترتيب مراسلون بلا حدود، هل ترين أن هذه المرتبة تعكس الواقع أم فيها تجني؟
تصنيف تقرير مراسلون بلا حدود الجزائر في مرتبة ما بعد المائة فيما يخص حرية التعبير مبالغ فيه، فالجزائر قطعت أشواطا لا بأس بها في تكريس حرية الصحافة، ويبدو ذلك جليا من خلال التعددية الإعلامية والعناوين الجريئة التي تتصدر الصحف والمواضيع التي أصبحت حديث العام والخاص، كانت في يوم ما حظرا محظورا لا يجوز حتى النطق بها سوى ما بين الشخص و نفسه، طبعا الخطوط الحمراء لازالت موجودة لكن يمكن القول بأن حرية الإعلام في تحسن متواصل و الديمقراطية تحتاج أيضا إلى نضال متواصل ولا تكرس بشكل تام بين ليلة وضحاها.
* يعتبر البعض أن الصحافة اليوم هي مهنة من لا مهنة له، مارأيك؟
تجربتي في مجال الإعلام لم أندم عليها أبدا، ففي تقديري لا يوجد أي صحفي أوصحفية ولج قطاع الإعلام مكرها أو مضطرا ،فغالبا الصحفي يختار هذا المجال حبا في التحرير والعمل الصحفي الذي يضعه دائما في واجهة الأحداث والتغطيات بعيدا عن روتين العمل الإداري، والمهنة التي يعشقها صاحبها يكون فيها العطاء أكثر على غرار كل المهن ، إلا أنني من جهة أخرى أعتقد بأن الصحفي في الجزائر لم يفتك حقه كما يجب على كل المستويات ولا يعامل على أساس أنه نخبة المجتمع في كثير من الأحيان، فضلا عن مشاكل أخرى تتخبط فيها هذه الفئة. وفي الأخير، أشكر جريدة "الحوار" على هذا الفضاء الخاص بالإعلاميين وإتاحة الفرصة لطرح أفكارهم وانشغالاتهم، وهي إحدى الصفحات التي ميزت هذه اليومية الرائدة في حلتها الجديدة، أتمنى لها مزيدا من النجاح.