دخلت القوات الجوية الروسية على خط المواجهات الكبرى في الأزمة السورية، توسعت رقعة أهدافها، أصابت مناطق خاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر، تناست أن مهمتها المعلنة ضربُ مواقع داعش، انتبهت إلى ذلك في اليوم الثالث من الغارات فقط. هاجمت على إثرها مدينة القريتين في ريف حمص وهي ليست من مدن العمق في مناطق سيطرة تنظيم الدولة كالرقة أو دير الزور اللتين تُعدان أهمَ معاقله في سوريا. سبقت الطائراتِ الروسية طائراتُ التحالف، قصفت المناطقَ الخاضعة لسيطرة داعش، ولم تنجح في دحرها، نتائجها تحققت فقط على أرض (كوباني) في دعم الأكراد المدعمين أصلا من أربيل المتحالفة مع ؤسرائيل. تحت سماء واحدة وقنابلَ متعددة غربيةٍ وروسية وسورية سقط المئات من المدنيين، استبيحت أرواحهم، دمرت حياتهم، وتلاعب العالم بمصائرهم .. شردتهم الحرب، قذفت أمواج البحر جُثثهُم .. وذرفت الشعوب دموعا تبرر ؤنسانية مهدورة. طائرات الروس الحديثة تسجل توقيعها في سماء سورية وتدخل الصراع الدائرَ في البلاد جنبا إلى جنب مع طائرات النظام وطيران التحالف الدولي، لتغدوَ السماء خريطة جوية عسكرية معقدة لطائرات، القاسمُ المشترك بينها أنها جميعا تشارك في حصد أرواح المدنيين. دفع التدخل العسكري الروسي والإيراني الحرب إلى شفا صراع دولي شامل. وفيما "تبدو أمريكا وحلفاؤها الآن وكأنهم المجموعةُ الوحيدة التي ليست لديها خطة"، بحسب الجنرال الأمريكي ديفيد بترايوس. تظهر روسيا وحلفاؤُها بمظهر الواثق مما يريد.. جنود على الأرض ( الجيشُ السوري، ميليشيات حزب الله اللبناني وخبراءُ عسكريون إيرانيون.) وخطةٌ لزحف بري تقول الأنباء إن قوات إيرانية ستدعمه. خففت واشنطن من وجودها العسكري في العراق، لا يعتزم باراك أوباما التورط عسكريا في الشرق الأوسط، وقعت اتفاقية مع إيران وأنهت صراعها معها أو تكاد، أخرجت أمريكا عسكرها من أفغانستان، ووقفت متفرجة على ساحات عربية متأججة من اليمن إلى العراق وصولا إلى سوريا دون نسيان الأزمة الليبية التي تراوح مكانها منذ فترة طويلة. أما قضية فلسطين فأصبحت في الجيب الإسرائيلي. ما يسمى أصدقاءَ "الثورة السورية" لم تعد بيدهم حيلة، سلاحهم لا يتم تحويلُه إلى أي جهة أخرى إلا بموافقة أمريكية.. والنظام السوري لم يعد يهتم بتهديدات أمريكية لا تضر. أما السعودية وحلفاؤها في الخليج الذين يمثلون الداعمين الرئيسيين للمعارضة السورية فهم مستغرقون في حربهم على الحوثيين، في حين أن تركيا مشغولة بالتمرد الكردي. ويبقى السوريون يرددون دائما وأبدا (ما إلنا غيرك يا الله).