عكس أفلامه السابقة التي أنجزت بإمكانيات بسيطة ولم تنتظر أو تطلب أي دعم مادي، يتطلب المشروع السينمائي الجديد للمخرج "محمد الزاوي" دعم وشراكة وتمويل، وسيتم تنفيذه في الأيام القليلة المقبلة بالتعاون مع المنتج والمخرج الجزائري المقيم ببريطانيا "عبد الكريم سكار"، ويتعلق الأمر هذه المرة بواحد من أعمدة الغناء الأصيل، الرجل الأزرق "عثمان بالي" (1953-2005) ابن مدينة جانت، الذي سافر بالبيئة الصحراوية عبر فنّه وموسيقاه، فغنى باللغتين العربية والطارقية للإنسانية وتغنى بالسلام. يشترك هذا الوثائقي مع أفلام الزاوي السابقة في أنه أتى صدفة ولم يخطط له مسبقا، حيث بدأ مرافقا للراحل عثمان بالي في إحدى حفلاته التي أقامها بالعاصمة البريطانية لندن سنة 2004 على أساس أن يتولي تنفيذ الصور واللوحات التي ستظهر كخلفية في الحفل، وهنا كانت – يقول الزاوي – "الفرصة للتعرف على عثمان بالي الإنسان والشاعر الفنان، الحريص على تأدية تراث المنطقة لحفظه من الزوال والمجدد فيه، وتلقينه للناس في ترحاله الدائم بين عواصم العالم من كاراكاس إلى مونتريال، رفقة فرقته الموسيقية التي تتكون من أفراد عائلته". كان الراحل عثمان بالي كثير التركيز في حديثه إلى حد الولع بالماء والمطر، ودائم التأمل في الوديان الموجودة بالمنطقة كوادي "اجيريو"، ومن شدة حبه للماء استجاب القدر لصاحب رائعة "آمين، آمين" وأخذ روحه في أحد السيول الجارفة التي ضربت مدينة جانت سنة 2005 وألقت بعثمان بالي ميّتا في 17 يونيو من نفس السنة، ليرحل سفير الفن والثقافة الصحراوية كما شاء، وبالتالي يضيف المخرج في فيلم "بالي الرجل الذي يحلم بالمطر"، سننطلق من تاريخ الشاعر، ونطرح رمزية الماء التي يمكن أن نجدها في الممارسات التقليدية لدى الطوارق"، فعلاقة الفنان بالماء ستأخذ الحيّز الأكبر في هذا الوثائقي الذي سيضبط في 52 دقيقة، خاصة أن المخرج خلال تواجده ببريطانيا رفقة عثمان بالي صوره في كل حالاته وعلى طبيعته، خلال توزيعه دعوات ومطويات على ركاب المترو، أو تجولّه على ضفاف نهر "التايمز" بلندن، أو جلساته التي لا تخلو من العود والشاي في محاولة لخلق جو صحراوي مع جزائريي المهجر، كما سيعتمد المخرج في هذه المادة المسجلة منذ 12 عاما على شهادات بعض من تعاملوا معه فنيا وعرفوه كأسرته وأبناء بلدته التي لا تزال تفخر به وتروي تفاصيل الرحيل المضبوط على إيقاع القدر، دون إغفال البيئة الصحراوية التي ساهمت في تكوين ثقافته وشخصيته المتفتحّة على كل الفنون والثقافات. خيرة بوعمرة