عمود في الميزان يكتبه كل إثنين: زين الدين بن مدخن وأنا أصل نيويورك في زيارة قصيرة تملكتني فكرة الحديث عن أحد أبرز الشخصيات في حياة الثورة التحريرية المباركة وحتى بعد الاستقلال والمعروف برشيد كازا أو SOLLY. هذا الشخصية أسرت فضولي منذ الوهلة الأولى التي سمعت عنها وازداد اهتمامي لكثرة ما قرأت عنها، وفي نيويوك توطد هذا الشعور وتحول إلى رغبة جامحة للكتابة في بعض شأنه، لأنها إحدى العواصم التي كانت مسرحا لنشاطه وركحا لإنجازاته، أثناء مرحلة عرفت بصعوبتها وتعقيد أطرافها، فمآثر الرجل وقصصه أقرب إلى أفلام الجوسسة متقنة الإخراج، ولست مؤهلا لذلك بأي معيار، لكن جرني إليه بعض الأحداث التي حدثت وتحدث بين الفينة والأخرى في وطني، حيث أدركت حينها مدى افتقادنا لرجال أوفياء للوطن يعطونه بغير حساب ولكن في صمت بعيدا عن الأضواء من أمثال رشيد كازا أدركت أهمية الدبلوماسية البديلة التي تتدخل حين تعجز القنوات الرسمية أو حين لايمكن تفعيلها. أدركت أهمية أن تكون لك روافد وروابط حتى مع الخصوم تفعلها عند الحاجة مثلما كان يفعل SOLLY. كيف يمكن أن تكون متأهبا لردة فعل الخصم حين يبلغ الاحتقان البلوماسي ذروته، أدركت ذلك وأنا أتابع رد فعل المملكة المغربية على الإنجاز الدبلوماسي للجزائر التي عزلتها دوليا وحصرتها في زاوية حادة بين جدران المنتظم الدولي، وكيف دفعتها نحو خرق الأعراف الدولية والدوس على المواثيق الأممية، كل ذلك عجل باستعانتها أي المملكة بدول مجلس التعاون الخليجي لفك الحصار واستجلاب الدعم والمساندة. وقد كان لها ذلك – وفي خضم هذا السجال لا أستبعد أن تحريك الدعي مهني وأذنابه وحادث غرداية وما قد يأتي …. إذ يكون من تفاعلات هذا الصراع، فأيقنت حينها حاجة الجزائر لأمثال رشيد كازا يتدخلون حين لا ينتظرهم أحد فيجتهدون في فك الطلاسم وتفكيك الألغام دون أن يهتم بهم، تمتما مثل المصور البارع، الكل يعجب بالفيلم والممثلين أو المخرج لكن لا أحد يلتفت إلى جودة عمل المصور الذي أفلح في ترجمة كل ذلك إلى لوحة فنية غاية في الجمال. كذلك كان المرحوم رشيد كازا فنانا يتقن التمثيل والتصوير والإخراج معا فلوحاته يعجب بها الجميع لكنهم لا يعرفون صاحبها. ولا يضيره ذلك لأنه صنيعة ثورة علمت الرجال أن التضحية سبيل العظماء ونكران الذات سلوك ينفرد به الأوفياء والموت في سبيل الوطن بعث من جديد. فرحم الله رشيد كازا وجميع الشهداء ولا نامت أعين الجبناء