رياض بن وادن لقد ناقش الفلاسفة موضوع الفكر واللغة وعلاقتهما ببعضهما البعض..فذهبوا في ذلك إلى آراء عديدة ومتعددة تحددها وتوجهها المدارس المتباينة بين الفلاسفة..وأجمل ما أراه في هذا الموضوع هو ذلك الرأي الذي يؤكد بأنه لا فكر بدون لغة ولا يمكن للغة أن تتطور بدون أفكار!!. وهكذا هي علاقة الأفكار بالفاعلية..فلا قيمة للفكرة إذا لم تكن فعّالة في أرض الواقع لتعطي الجديد للفرد وللمجتمع..تطورهم في بناء حياتهم وتحقيق الازدهار والرقي. والناظر إلى الساحة السياسية أو الثقافية والفكرية بل وحتى إلى القوانين يجدها بأنها تعج بالأفكار الثرية والثمينة..لكن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا لماذا لم تعالج هذه الأفكار مشاكلنا وتضع حدا لهذا التراجع الرهيب الذي مسّ كل شؤون حياتنا!؟ فهل لأن هذه الأفكار أصبحت أفكارا ميتة لا تصلح أم أنه تنقصنا الفاعلية في تطبيقها والامتثال لها!؟. إن المشكلة التي تواجهها كل فكرة عظيمة هو إيمان الناس بها وبفاعليتها..وإذا تحقق هذا الإيمان والاعتقاد بصلاحية هذه الفكرة وأُتبعَ ذلك بالعمل والتطبيق فهذا يؤدي إلى المعجزات..وقبل الإيمان بأي فكرة أو البدء في تطبيقها لابد وأن يقّر كل واحد منا بأننا لسنا في أحسن حالنا وأننا إذا لم نتحرك سريعا فالهاوية هي مصيرنا وأنه نحن الوحيدون فقط من يستطيع الخروج من المأزق الذي وقعنا فيه!!. والفاعلية التي أقصد هو سعي كل واحد منا بأن يكون ذلك المواطن الصالح الذي يؤدي واجباته قبل الحديث عن حقوقه..ذلك المواطن الذي يحسن الدفاع عن حقوقه وهو يؤدي واجباته..المواطن الذي ينكر الفساد ولا يمارسه مهما كان الأمر..المواطن الذي يرفض الرشوة والمحسوبية فلا يسعى إليهما مهما ما يحققان له من امتيازات!!. إن الفاعلية التي تتحقق من خلالها الأفكار العظيمة هي ذلك النشاط الدائم الذي يجعل المواطن فَطنا -أفراد أو سلطة- لا يستقيل بحال من الأحوال ولا يتردد عن إيمانه بالتغيير مهما ما يمارس عليه من إحباط وضغوطات. إذن، فالحقيقة التي وجب أن يعلمها الجميع هي أن حالنا لن يتغير بكثرة ما نردد من أفكار..أو ما نطرح من نقاش أو نعتقد بأن الحل هو أن ننقسم إلى معارضة وموالاة أو أن نصبح جميعا موالين أو معارضين ولكن التغيير الحقيقي يأتي من تلك المجموعة التي تُحدِث الفاعلية وتتفاعل وتُفاعِل المجتمع وتدفعه للتغيير..هذه المجموعة التي لا يمكن أن تخلو من مخلصين في السلطة والمعارضة معا..تعملان جنبا إلى جنب.