* الاحتجاجات ضد قانون العمل قضت على شعبيته احتقان الشارع الفرنسي جراء رفضه مشروع قانون العمل جعل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وحكومته في مأزق حقيقي يصعب الخروج منه، كيف لا والاحتجاجات العمالية المستمرة منذ قرابة الشهرين تهدد البلاد واقتصادها المتهاوي في حال لم يتم التراجع عن مناقشة المشروع الذي تصفه الفئات العمالية في باريس بالظالم في حقهم والخادم في العديد من بنوده للشركات الليبرالية المتوحشة، بل أكثر من ذلك فإن هذه الاحتجاجات إن استمرت فستهدد مستقبل هولاند وترغمه على الاستقالة من قصر الإليزيه، مثلما أجبر الجنرال شارل ديغول على التخلي عن الحكم، بعدما صوت غالبية الفرنسيين في أفريل 1969 ب "لا" على الاستفتاء الذي دعا إليه حول مسألة اللامركزية وإعادة تنظيم مجلس الشيوخ. وسعت النقابات الثماني المعارضة لتعديل قانون العمل إلى البناء على تعبئة عارمة، إذ تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص (300 ألف بحسب الكونفديرالية العامة للعمل "سي جي تي" و153 ألف بحسب السلطات) في أنحاء فرنسا في آخر احتجاج لها على مشروع القانون الذي يهدد الأمن الوظيفي في رأيهم. وساهم الحزم الذي أبداه الرئيس الفرنسي في إيضاح التباس ساد أوساط الحكومة، فقد اضطر رئيس الوزراء مانويل فالس إلى ضبط وزير المال ميشال سابان الذي تحدث عن تعديلات محتملة للمادة الأكثر إثارة للخلاف في مشروع القانون. وتمنح هذه المادة الشركات، وليس القطاعات المهنية، اليد العليا في التفاوض في شأن تنظيم أوقات العمل، الأمر الذي ترفضه النقابات المحتجة رفضا قاطعا. وتحتج النقابات على مشروع قانون العمل الذي طرحته الحكومة الفرنسية على الرأي العام، معتبرة أنه ضارب في الليبيرالية ولا يخدم العمال، ويضع مستقبلهم بين أيدي أرباب العمل، خاصة وأنه يحاول أن يخفف على المقاولات التعقيدات التي تواجهها عند عزمها على تسريح أحد عمالها. الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وبدل النزول عند طلب الفئات العمالية، استكانة للمواجهة، إذ قال إنه سيواجه موجة الاحتجاجات الشعبية المتواصلة منذ أكثر من شهرين في فرنسا وشملت تظاهرات وقطع طرق وإغلاق مرافق نفطية وصناعية ومن الممكن أن تتكثف احتجاجا على مشروع تعديل هذا القانون. هولاند وفي رده عن هذه الاحتجاجات، قال: "رغم أن التعديل أدى إلى انقسام الأكثرية الاشتراكية في البرلمان الفرنسي ويهدد بشل البلاد إلا أنني سأصمد لأنني أعتقد أنه إصلاح جيد، الواجب الأول للسلطة التنفيذية في مواجهة إغلاق الطرقات يكمن في ضمان حرية التنقل وحسن سير الاقتصاد، ونؤكد الوقت ليس مناسبا لزعزعة الاقتصاد الفرنسي". وتظهر استطلاعات الرأي العام الفرنسي بشكل واضح حجم الرفض في أوساط الشارع الفرنسي للسياسات التي يتبعها هولاند والتي فشلت فشلا كبيرا على مختلف المستويات الداخلية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي أو على المستوى الخارجي في الوقت الذي يعد فيه هولاند الرئيس الأقل شعبية في تاريخ الجمهورية الفرنسية وفق استطلاعات الرأي.
* الإعلان عن يوم تعبئة تاسع في 14 جوان المقبل
ويعد الاحتجاج الأخير التحرك الثامن ضد مشروع القانون الرامي إلى إعطاء مرونة للشركات وفق الحكومة ويراه المعارضون خطرا على الوظائف وفي الأيام الأخيرة اشتدت الاحتجاجات وأغلق المحتجون الطرق إلى مصاف لتكرير النفط ومستودعات للوقود ما شكل تحديا كبيرا للحكومة التي تخشى شلل البلاد قبل أسبوعين على بدء بطولة كأس أوروبا لكرة القدم 2016. يذكر أن تسع محطات نووية من 19 في البلاد شهدت في الأيام الأخيرة انخفاضا في الإنتاج وفق الكونفدرالية العامة للعمل لكنه لم يؤثر على وصول التيار الكهربائي حسب الهيئة التي تدير الشبكة لكن العمال وأرباب العمل لا يخفون استياءهم المتفاقم من الأزمة التي تثير تخبط الاقتصاد الفرنسي، وتهدف الإضرابات المتناوبة التي تنظمها اتحادات عمالية في فرنسا إلى إجبار الحكومة على سحب خطة إصلاح وأدت إلى إغلاق بعض المصافي وحصار مستودعات بترول وتعطل إمدادات الوقود. في موازاة ذلك، أفاد مصدر حكومي فرنسي أن جميع الطرق المؤدية إلى مستودعات النفط التي قطعها المتظاهرون فتحت باستثناء واحد ما يزال موظفوه مضربين. وقال ناطق باسم وزارة الدولة لشؤون النقل "فتحت الطرقات إلى جميع الخزانات وبات دخولها متاحا باستثناء مجمع غارجانفيل (منطقة باريس) الذي ما زال مضربا". وتسبب إغلاق المحتجين الطرق إلى المستودعات والمصافي بمشكلات في إمداد محطات الوقود في الأيام الستة الأخيرة. وما ينذر بتفاقم الأوضاع وشل فرنسا تماما، الإعلان عن يوم تعبئة تاسع في 14 جوان المقبل، على أن يقتصر الحشد على باريس. وتم اختيار الموعد ليتزامن مع بدء النقاشات حول نص مشروع القانون في مجلس الشيوخ. وأعلنت النقابات كذلك تنظيم "تصويت مواطني" أي استشارة عامة واسعة النطاق حول مشروع القانون تجري حتى 14 جوان في الشركات والإدارات والمؤسسات التعليمية. نورالدين علواش