تطرق حسان خليفاتي، الرئيس المدير العام لشركة " اليانس للتأمينات" في لقاء خص به الحوار، إلى الأطر التي يسير بها قطاع التأمينات في الجزائر، كما تحدث ضيف " الحوار" عن تداعيات قانون المالية 2017 على سوق التأمينات، كما استعرض العديد من المشاكل التي تعتري سوق التأمينات بالجزائر، وقضايا أخرى نكتشفها في هذا الحوار. للإشارة حسان خليفاتي من مواليد 1968، متزوج وأب لثلاثة أطفال، حاصل على شهادة الليسانس من كلية التجارة، ودراسات عليا في ذات التخصص، كما نال دبلوم "M B A" من إنسيم إيكام موريال بالكندا. 11 سنة تمر على وجودكم على ساحة التأمين الجزائرية، هلا قيّمت لنا تجربتكم خلال هذه الفترة؟ "أليانس للتأمينات" تجربة ثرية، وهي تارة نقول إننا حققنا نجاحا، وتارة أخرى نصطدم بالفشل، لكن الفشل بالنسبة لنا يعطينا دفعا ونفسا جديدا لتدارك الأمور، والعمل على إيجاد صيغ للنهوض مجددا، لكن قصة " أليانس" تعتبر بالنسبة لي ولكل الإطارات التي تسيير الشركة في جميع الأحوال تجرية غنية، وفريدة من نوعها، كونها تأسست في ظروف جد صعبة وجد حساسة، لأن بالرجوع إلى عام 2004، وهي السنة التي تأسست فيه شركة " اليانس للتأمينات" كان مجمع الخليفة قد دخل في أزمة خانقة، ورغم ذلك استطعنا أن نتحدى الصعاب السائدة في السوق الجزائرية آنذاك وخاصة النظرة المريبة للقطاع الخاص في ظل تغيير القوانين، وظهور المنافسة غير الشريفة في السوق، نقص الإطارات، ومشاكل بالجملة كان يعاني منها قطاع التأمينات، كل هذه المشاكل في بعض الأحيان كانت تظهر لنا استحالة تخطيها، لكن بالمثابرة وإيماننا الكبير بأهمية الخدمة التي سنقدمها للزبون الجزائري والعمل الجاد، تمكّنا بحمد الله أن نجد للشركة مكانا لها على الخارطة الاقتصادية، كما أننا كما هو معروف في عالم الأعمال أن ثمة أمور لم نستطيع تحقيقها، لكن يبقى الأمل وطموحنا واسع للعمل أكثر فمسيرة الألف ميل كما يقال تبدأ بخطوة.
*ما تقييمك لسوق التأمين في الجزائر، وماهي تأثيراته على المنظومة الاقتصادية؟ سوق التأمينات الجزائرية من حيث الفرص، يمكن وصفها أنها سوق واعدة، ويمكنها أن تلعب دورا كبيرا في تطوير الاقتصاد الوطني، لكن المعطيات الحالية في سوق التأمينات في الجزائر تبين أنها سوق غير منظمة كما يجب أن تكون، وهي تتطور بوثيرة بسيط جدا، لكن لحد اليوم لم نستطيع استغلال كل الإمكانيات، باعتبار سوق التأمينات قطاع حيوي، لأنها تمثل سوق مالي مثلها مثل البنوك والبورصة وهي تعلب دورا عظيما في دفع عجلة الاقتصاد ورقيه، والجزائر خرجت من مرحلة الاحتكار ودخلت عهد الانفتاح، ففي سنة 2006 دخلنا مرحلة الإصلاحات جديدة، لكن رغم ذلك السوق الجزائرية اليوم لا يعمل بالمرونة الكافية، وكانت لنا عدة لقاءات مع وزار المالية بصدد التفكير في إعادة النظر في قانون التأمينات 95_ 07، وخلق ديناميكية جديدة مع أخذ الاعتبار للظروف الاقتصادية التي تحيط بالجزائر، سواء على مستوى الداخلي والخارجي.
*قلت في إحدى التصريحات إن الإصلاحات التي أتت بها حكومة سلال لن تعطي ثمارها ما لم يتم إصلاح المنظومة المصرفية، ما تفسيرك؟ المنظومة المالية في اقتصاديات العالم برمته تمثل العمود الفقري ومحور مركزي يدور حوله الاقتصاد، ومدامت الجزائر قد دخلت عهد الانفتاح على السوق العالمية، وما تفرضهما رياح العولمة من تحديات اقتصادية جد مهمة، كل هذا يجب أخذها بعين الاعتبار من أجل ضمان مكان لنا في الاقتصاد العالمي، لكن إذا نظرنا إلى السوق الجزائرية فإن أغلب العوائق التي تعتري المستثمر إلى جانب مشكلة العقار والبيروقراطية تقابلها مشكلة البنوك والتمويلات، لأن القاعدة الاقتصادية تقول إن بالمال نخلق ثروة، وننشط الاستثمار، ونتمكن من استرجاع مال السوق الموازية، فالمال يخلق المال، مائة دينار داخل البنك عند استثمارها تعطي نجاعتها، أحسن من أن تترك خارجه، وما يسمى بالنظام الاقتصادي الجديد الذي تحدثت حوله الحكومة في الصائفة الماضية لن تكون له فعالية ما لم يتوج بإصلاح سلس للقطاع المالي بكل فروعه، من بنوك وشركات تأمين، وصناديق الاستثمار، إدارة الضرائب، من أجل تفعيل السوق، عدا ذلك في اعتقادي، لن نتوصل إلى النتائج المرجوة.
*كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول " التنويع الاقتصادي"، ماذا تقترحون لذلك؟ منذ خمسون سنة ونحن نتحدث عما نسميه بالتنويع الاقتصادي، لكن قبل الحديث عن ذلك يجب القيام بالإصلاحات الهيكلية، وهذا لا يعني وضعها في قانون المالية، بل الإصلاحات تبدأ من الإدارات الاقتصادية، من الجمارك، والضرائب، وأملاك الدولة، أي الإدارة العمومية بشكل عام إلى الإدارات المالية التي تعد عصب المؤسسات، هذا ما يجعلنا ويساعدنا على التنويع في الاقتصادي، صحيح أن الحكومة تقوم بجهد كبير مع وزارة الصناعة ومع الجماعات المحلية ومطالبة الولاة بالعطاء أكثر في الساحة وأكثر مواكبة للاستثمار والمستثمرين، لكن الخوف من أن نطلب من الولاة العمل أكثر من قدراتهم الشخصية وجهدهم، لأن هؤلاء لديهم مهام أخرى في ولايتهم، منها الاجتماعية والأمنية والإدارية، فكيف نثقل عليهم بزيادة الاستثمار والإصلاحات الهيكلية، يمكن أن تعطي الوسائل الكفيلة بدفع وتنويع الاستثمار، لأن الجزائر اليوم في رأيي الشخصي ليس لديها عجز في الإمكانيات، بل نحن نعاني من سوء التنظيم وغياب الإصلاحات وإرادة في تحقيق الإصلاحات. اليوم الحكومة خلقت مبادرات في المالية، والصناعة، والفلاحة، وكذا في مجال النقل، لكن لابد من وضع مشروع كامل على مدى سنوات لتحقيق الأهداف التي نصبو إليها، لأن تنويع الاقتصاد يجب أن يتبع بتهيئة المناخ العام للاستثمار، فمثلا إذا فكر أحد من فتح مصنع لنشاط ما يحتاج إلى سنة تدبير تليها سنة مفاوضات، وسنتين للإنجاز وسنة لانطلاق المشروع الفعلي، أقول إن تنويع الاقتصاد لن يقوم بجرة قلم، بل بقرار سياسي لأن الأخير سيعطي البعد ويحدد الاتجاه، لكن القرار العملي يجب أن يكون بين يدي كبار المسؤولين في الدولة، إذ لديهم القدرة الكافية التي تمكنهم من فتح باب الحوار مع المستثمرين، وتكون لهم القدرة للتشجيع على التنويع الاقتصادي، والخطأ للأسف الذي وقعنا فيه حين نقول إن تنويع الاقتصاد من مهام الدولة، وهي التي تستثمر، أرى أن الدولة ليست من تقوم بتسيير الفنادق، والشركات الصناعية، أو مركز تجاري، وليس من مهامها الاستثمار، بل دور الدولة يكمن في بناء الإطار، المراقبة، تقنن، تقوم بإصلاح هيكلي للجباية، وطبعا الحماية الاجتماعية، أو شيئا من هذا القبيل، بل على الدولة الرجوع إلى دورها الاستراتيجي القانونين وتشجع وتؤطر تنويع الاقتصاد، وتترك الاستثمار للقطاع الخاص الوطني، خاصة والدولي أيضا، وعليها المحافظة على الجباية، وتسهر على احترام القانون، وحقوق المستهلك، كقوة عمومية.
*هل ما تساهم به شركات التأمين من النتاج الداخلي الخام كاف؟ نشاط شركات التأمين مقنن، ولا يمكن بناء إرادات الخزينة العمومية على شركات التأمين، لكن إذا كانت مرونة أكثر أكيد مساهمتها تزيد، فشركات التأمين تسيير الادخار بطريقة غير مباشرة، لأن كل مخزوناتها ومؤوناتها مستثمرة في الخزينة، وفي البنوك، وشركات التأمين لها الحق في الاستثمار في العقار والسوق التجاري عامة، شركات التأمين اليوم يمكن لها أن تقوم بدور كبير، وتساهم أكثر فأكثر، لكن المناخ التنافسي الداخلي حال دون قيامها بجدية أكثر.
*ما تعليقك على الغلاف المالي الذي توصل إليه بواسطة القرض السندي الذي وصل إلى أكثر من 5 ملايير دولار، والذي ساهمت فيه شركات التأمين؟ أظن ما حققه القرض السندي حيث وصل إلى تحصيل أكثر من خمس ملايير دولار، هو مبلغ مهم بالنسبة للحكومة، لأن كل دينار يدخل للخزينة العمومية سيوجه لتمويل المشاريع، وزيادة الاستثمار، والتي ترجع بالفائدة على الاقتصاد الوطني، وفعلا شركات التأمين ساهمت بصورة كبيرة فيه، وبرغم من أن هذه الآلية المعمول بها في دول كثيرة عبر العالم، لكن أقول إن الحل الهيكلي هو تسهيل الاستثمار للقطاع الخاص وإصلاح الجباية، وتوسيع رقعة الجباية عن طريق تحديث وتطوير إدرة الضرائب، اليوم نشاهد وزارة الداخلية قامت بجهد كبير في الحكومة الإلكترونية واستخراجها للبطاقات البيومترية، هذا ما يؤكد أن هناك إرادة ونأمل الوصول إلى الدفع الإلكتروني عن طريق البطاقة، لأن دخول عهد الإلكترونيات مهم جدا لتطوير الاقتصاد في مجال المصرفي، وعليه أعود وأقول إن المبلغ المتوصل إليه في القرض السندي ممتاز، وسمعنا بعض الولاة في لقائهم مع الحكومة يقولون إن البلديات والجماعات المحلية لا تستفيد من حذف حقوق الكراء على 200 000 محل تجاري تابع للولايات، لأن مازال هناك بعض المحلات التي تنشط على مستوى الشوارع الرئيسة في المدن الكبرى مازالت حقوق الكراء ب500 دينار، وفي أحيان كثيرة لا تحصل عليها، هذا سيجعل المداخيل السنوية مضمونة لمصاريف الدولة في حالة الاستفادة منها.
*طرحتم في أحد مواقفكم "إصلاح الجيل الثالث"، ما محتوى هذا المقترح، وكيف تثبت نجاعته؟ فعلا هذا ما نطالب به في كل لقاء بالمختصين في مجال المالي، ففي سنة 1995 انتهجت الحكومة الإصلاح الأول لقطاع التأمينات، وكنا قد انفتحنا على القطاع الخاص، وكانت الإصلاح الجيل الثاني سنة 2006، وفيه تم وضع ما يسمى بهيئة الإشراف على قطاع التأمينات، وفيه تم الفصل بين التأمين على الأشخاص والتأمين على الأشياء، ووضعنا ميكانزمات جديدة، لكن تلاحظ أن هيئة الإشراف التي جاء بها قانون 2006 ليست مستقلة تماما، لأن اليوم نلاحظ أن تركيبتها متضمنة لقضاة من المحكمة العليا، يعينهم رئيس الجمهورية، وخبير في القطاع، ويرأسها مدير الخزينة، وهذا الأخير في الوقت ذاته يرأس الجمعية العامة لشركات التأمين، يعني أن الفصل لم يكن كاملا، وفي الاقتراحات الجديدة من الجيل الثالث طلبنا استقلالية هيئة الإشراف التي جاء بها قانون 2006 حتى تستطيع وضع حد لبعض التجاوزات، كما يجب تسوية وضعية الدفع الآني لأقساط التأمين، لأن حين تكون الأقساط غير مدفوعة، ويكون هناك حادث، فالقانون لا يحمي المؤسسة، لأن الأخيرة مجبرة بقوة القانون على الدفع للحادث، حتى وإن كانت أقساط التأمين غير مدفوعة، ومن بين النقاط المطالب بها أيضا المساواة بين قطاعي الخاص والعام، في المنافسة، وكانت وزارة المالية عن طريق مديرية التأمينات وجمعية شركات التأمين، طالبتنا منذ شهر بإبداء رأينا في النقاط التي نريد تحقيقها لتسيير القطاع، طبعا وفق ما يتطلبه السوق والشركات والوصول إلى توافق لإضفاء الحركية على سوق التأمينات بالجزائر.
*هل هناك إقبال على الشركة للتأمين على الحياة، وكيف نرسّخ ثقافة هذا النوع من التأمين في ذهنية المؤمن الجزائري، لأن هناك من يربطها بالمسألة الدينية؟ ممكن قضية الدين فيها نقاش، لكن التأمين على الصحة، والتأمين على السفر، والتأمين على الإدخار، لا علاقة لهم بالدين، وليكن في علم المواطن أن شركة التأمين هي شركات شبه بنكية، فهي تقوم بتجميع المال، لكن مشكلة التأمين على الأشخاص هناك أمور لابد من توضيحها، فمنذ 2011 وقع الفصل بين النشاطين، لكن هناك مشكلة أخرى قبل الحديث عن مشكلة الثقافة والدين، أنه لا يمكن أن تكون لشركة تأمين نجاعة ما لم يكن هناك سوق مالي، لأن شركات التأمين تعيد مدخراتها في السوق المالي لضمان العائد في المستقبل من هذه الإدخارات، أما بالنسبة للتأمين على الصحة اليوم، فالمنظومة الصحية بالجزائر 95 بالمائة عمومية، لا تتعامل مع الشركات الخاصة للتأمين على الأشخاص، لأنها تابعة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، فشركات التأمين لما تعطي عرضا خاصا بالتأمين على الصحة، ولما يكون المؤمن يعاني من مشاكل صحية، والعيادات الخاصة عددها قليل في الجزائر، وربما في المستقبل القريب سوف يتطور الوضع، وممكن في القانون الصحة الذي هو بصدد المناقشة في المجلس الشعبي الوطني ربما سيفتح المجال للاستثمار في القطاع الخاص، وسيسمح بفتح مستشفيات جديدة تابعة لقطاع الخاص، وفي حالة وجود العدد الكافي للمؤسسات الاستشفائية الخاصة، يمكن لشركات التأمين أن تقدم عروضا خاصة، ولما يجد المؤمن عروضا جديدة أكيد سوف يتجه نحو التأمين على الأشخاص.
*ماهي قراءتكم لقانون المالية 2017؟ قانون المالية 2017 جاء كرد جبائي على احتياجات الحكومة توازن الميزانية، هناك بعض الزيادات في القيمة المضافة، نحن نقول إن الحكومة تتكلم عن ترشيد النفاقات، وأنا كمتعامل وكمواطن جزائري، ففي قضية الدعم مثلا ممكن الحكومة أن تفكر في إعادة تسيير الدعم للفئات التي تحتاجها، ورفع الدعم بطريقة أو بأخرى، لأن ميزانية التجهيز انخفضت إلى 28 بالمائة، أي ما يعادل 9 مليار دولار، وميزانية الدعم تم الإبقاء عليها في مستوى 16 مليار دولار، لهذا قلت إن الدولة لها دور اجتماعي أي مهامها حماية الفئات الفقيرة، لكن لما يكن لدينا الدعم الشامل سيكون سبب في التجارة الموازية أي يشجع على التهريب، ولما ننقص في ميزانية التجهيز وتبقي على الدعم بطبيعة الحال سوف يؤدي إلى بطالة وعدم إنشاء المشاريع، والبطال بطبيعة الحال لن يستطيع شراء تلك المواد المدعومة، وبالتالي تذهب تلك المواد إلى التهريب، وكثير من الوزراء تحدثوا عن الدعم المباشر لفئات معينة، ورفع الدعم العام، وهذا الأخير لا يخدم المواطن ولا الحكومة، فقانون المالية 2017 تضمن بعض المواد الخاصة برفع الأسعار، فالحل لا يوجد في القانون المالية، إنما يوجد في تطوير الإصلاحات الهيكلية وتسريع الوتيرة في الأشهر القادمة، وكان رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، قد أعطى أوامر في ديسمبر 2014 بإصلاح السوق المالي في أسرع وقت، وذلك لدى ترأسه لمجلس الوزراء مصغر، لكن لحد اليوم لم يتم تنفيذه كليا. والحكومة اليوم فتحت عدة ورشات وقانون المالية هو جواب جبائي للأزمة، من حيث البحث عن إيجاد مداخيل جديدة والوصول إلى التوازن المالي للحكومة.
*هل سترفعون من أسعار التأمينات على السيارات ابتداء من 2017 لإنقاذ ميزانياتكم السنوية والتمكن من تعويض المواطنين؟ مجال التأمين مقنن، يعمل تحت وصاية وزارة المالية، وعليه ليس لدينا الحق في رفع الأسعار، لأن هناك قوانين ولجنة مراقبة، لكن في 2015 تقرير وزارة المالية يقول إن أقساط المالية لشركات التأمين على تأمين الأشياء ارتفعت بحوالي 0,7 بالمائة، أو ما يمثل ثمان مائة مليون دينار، لكن التعويضات والملفات العالقة للسنة ذاتها ارتفعت إلى نحو 13 مليار دينار، بمعنى قبل الوصول إلى رفع الأسعار يجب أولا احترام الأسعار الحالية لرفع الأقساط، وفي السنوات الأخيرة حدثت ثلاثة أشياء، أولا انخفاض القدرة الشرائية، وفي هذه الحالة المواطن ستمنح له تأمينات أقل، ثانيا ارتفاع الأسعار في قطع الغيار، فالتعويضات ارتفعت حوالي 30 أو40 من المائة في فاتورة التعويضات على حوادث السيارات، والتي تمثل 70 بالمائة من نسبة التعويضات الإجمالية، وكذلك حرب الأسعار بين شركات التأمين، وهذا ما سيجعل الملاءمة المالية لشركات التأمين لن تكون في المستوى الذي يجعلها تواجه أضرار الحوادث، وعليه فشركتنا تعمل مع شركات التأمين في إطار جمعية شركات التأمين على التخفيف من حجم المنافسة لإعادة التوازن المالي للقطاع، ويجب أن نتفادى كل المعوقات التي تنجّر عن قلة اهتمامنا بقطاع التأمينات.
*ما تقييمك لنشاط بورصة الجزائر ؟ بورصة الجزائر من حيث الشكل، ومن حيث المراقبة، مثلها مثل أي بورصة في العالم، لكن من حيث المكانيزمات لا تعمل كما يجب، لأن البنوك التي من المفروض أن تعمل على تنمية نشاط البورصة لم تقم بدورها، ولتسيير البورصة يجب أن يكون هناك قرار سياسي من الوزير الأول أو رئيس الجمهورية أو من الوزير المالية، لأن البنوك العمومية التي تسيطر على تسعين بالمائة من السوق البنكي الجزائري، هي من شأنها تنشيط البورصة، من المستحيل تطوير البورصة دون أخذ مخاطرة، ونقوم بتعاملات فيها، فكل البلدان العالم كان هناك قرار سياسي لدفع الحركة، وبعد سنوات ممكن تتراجع الحكومة ويكون السوق هو من يتولى أمر البورصة، ولنا مثال على هذا، فمثلا كان من المقرر دخول ثماني شركات عمومية للبورصة، لكن لما فشلت شركة الإسمنت عين الكبيرة فشل المشروع.
*وماذا عن شركات التأمين الأجنبية وصعوبة استثمارها في الجزائر؟ شركة التأمين الأجنبية لها نظرة براغماتية، فهي تعمل على دراسة السوق، وتستنتج القرارات، أما في الجزائر، فالقطاع البنكي وقطاع التأمينات تسودهما الهيمنة العمومية. قطاع التأمينات هيمنة عمومية أيضا، القطاع العمومي في القطاعات الأخرى يرفض أن يؤمن عند شركات التأمين الخاصة، القطاع الخاص سواء كان أجنبيا أو محليا، ينحصر في التأمين على السيارات، وهذا يحكمها ارتفاع الأسعار، لجنة الإشراف لم تتوصل إلى القرارات الصارمة، لما يلاحظ الأجنبي تداخلا في الصلاحيات، الأجنبي لن يأتي إن لم يتم إصلاح كامل، مثلا الشركات العمومية للتأمين فيما يسمى في إطار بنك "أسورونس" أبرمت عقدا مع بنوك عمومية، حتى شركة " أكصا" عمومية لأن 51 بالمائة من رأسمالها عمومي، لكن عندنا شركة واحدة جزائرية في قطاع التأمين على الأشخاص، وهي " ماسرفي" ليس لديها اتفاقية مع نصف بنك، شركات التأمين على الأشخاص إن لم يكن لديك بنك لتوزيع منتجاتك يصعب عليك العمل، وعليه أقول إن مناخ الاستثمار لا يشجع الشركات الأجنبية على الاستثمار في الجزائر، نريد المنافسة والبقاء للأجود والأصلح. *ألا تفكر "أليانس" بفتح خط إنتاجي جديد؟ شركة " أليانس للتأمينات " لها فروع عديدة، ونحن نسير في الطريق السليم، لدينا خمس فروع جديدة، ففي سنة 2015 قمنا بشراء شركة توزيع الأتوماتيكي للمشروبات، وبدأنا في مشروع عقاري في الجزائر العاصمة، وكذا مشروع آخر اللمسات التقنية ما يسمى بالخبرة عن بعد للحوادث السيارات، ولدينا مشروع آخر في مجال الاتصالات 3G و 4G، وبعد أيام سوف ينفذ المشروع، وسوف نقلص مدة الخبرة من يوم أو يومين، لتقليل من فترة التعويض على حوادث السيارات، نفكر في إطلاق مشروع مع شريك أجنبي مطلع العام المقبل في إطار الصناعات الغذائية.
*الدول الكبرى أسواق المال تتحكم في السياسة كما الاقتصاد، ألا تفكرون في عملية تمويل الأحزاب السياسية لتسيير الحملات الانتخابية؟ لدينا قرارات تبناها مجلس الإدارة منذ البداية، وهو عدم التدخل في الشؤون السياسية، لكن المساهمين لهم كل الحرية في تمويل أو مساندة أي حزب سياسي، لكن الشركة لا تتدخل لا في قناة إعلامية، ولا في الصحافة، ولا في حزب سياسي.
*ما أثر قرار وزير الصناعة والمناجم السيد عبد السلام بوشوارب في تقليص كوطة السيارات سنة 2017 على سوق التأمين؟ يمكن وصف قرار تقليص استراد السيارات بالجيد، لأن هناك علامات عالمية تصنع في الجزائر، مثل رنو، يونداي، وفولغسفاغن، لكن علينا تحضير الأرضية، ووضع حد للفوضى في السوق، وكانت بعض الماركات المستوردة خطر على المستهلك المحلي، والاقتصاد الوطني، وأحدثت خللا في ميزان المدفوعات، أما أثر الكوطة على سوق التأمينات أظن أنه ليس هناك تأثير بسبب تعاملات شركات التأمين، فالجزائر استوردت السنة الماضية ثلاث مائة ألف سيارة، لكن درجة نمو قطاع التأمين هو 0,7 بالمائة، لأنه جاء إثر المنافسة على الأسعار، فاضطرت شركات التأمين إلى خفض الإسعار إلى درجة أنها لم تستفد من الكوطة المستوردة، لكن نثمّن مجهود الدولة في فتح مجال تركيب السيارات، لأن ذلك سيكون له أثر إيجابي على سوق الشغل الجزائرية الذي يعد بفتح مناصب شغل، وكذا انعكاسها الإيجابي على ميزان المدفوعات. حاروته: نصيرة سيد علي