دعا الناطق الرسمي للحركة الديمقراطية الاجتماعية "الامدياس" فتحي غراس، إلى المشاركة في الانتخابات القادمة بقوة، من اجل استرجاع صندوق الاقتراع "المسروق" من طرف المال الفاسد، مؤكدا أن الانسحاب من هذا الموعد ومقاطعته ينصب في وعاء السلطة التي تريد توسيع حجم العزوف والعمل السياسي في أوساط المجتمع من اجل ضمان ديمومتها، مشيرا إلى التجاوزات التي كانت وراء عدم مشاركة تشكيلته الحزبية اليسارية في التشريعيات القادمة، فيما أكد المتحدث في حديثه المطول ل "الحوار" ان التيار الإسلامي في الجزائر يتراجع ويمر بفترة ضعف نتيجة "تطبيعه" مع السلطة بهدف الحصول على نصيبه من الكعكة، مضيفا بالقول في السياق إن التيارات الإسلامية الناشطة في الجزائر على غرار الاحمدية مجرد فزاعة، داعيا الى مواصلة النضال والكفاح الهادئ لتحقيق التغيير. * قبل الحديث عن أهم أحداث الساعة، بودنا أن نعرف ما سبب تراجع التيار اليساري بالجزائر مقارنة بالسنوات الماضية؟ قبل الاجابة عن السؤال، لا بد أولا من تحديد مفهوم التيار اليساري، وهو مفهوم متغير ومتحرك، فليس كما كان سابقا، وفي تقاليد الحركة نحدده بما يسمى بالتناقض الرئيسي، والحركة الديمقراطية الاجتماعية هي استمرار لحركة التحدي، والتي جاءت بعد الأزمة التي وقعت بين الحزب الشيوعي وتيار التحدي الذي كان بارزا في الساحة السياسية وله وجود في المشهد السياسي، ومفهوم القطيعة مع التيار الإسلامي والنظام البيروقراطي، والحزب الذي هو متموقع في القطيعة فهو في اليسار اما من الذي هو مع التطبيع الذي نصفه في الفكر اليساري بالبيروقراطية والإسلام السياسي فهو في اليمين.
* هل من توضيح أكثر في الموضوع؟ التناقض الرئيسي تحرك اليوم في الجزائر يوجد معسكر يدفع عن اقتصاد منتج وعن دولة القانون والحريات، وهو نابع من التيار اليساري، والذي يريد المحافظة على المنظومة الحالية التي تعتمد على اقتصاد استيراد -استيراد والنظام النيوليبرالي، وبتشكيل القطاع الموازي وتجسيد دولة الاعتداء على الحقوق والحريات، وهذا اليمين.
* لكن الواقع يؤكد تراجع تياركم من المشهد السياسي؟ لا اشك ان التيار اليساري في مرحلة تراجع بالعكس الأمور في الجزائر، حاليا تؤكدا يوما بعد يوم مدى قوة التيار في المشهد السياسي، وما يترجم هذا الطرح سلوك السلطة وطريقة التعاطي مع التيار يدل بأن مشروع الحزب الذي ندافع عليه، وهو مشروع أغلبية المجتمع الجزائري
* كيف ذلك؟ السلطة تتعاطى مع الحركة الديمقراطية الاجتماعية بطريقة استثنائية مقارنة بباقي الأحزاب السياسية الأخرى، والمثل الحي هو أن حزبنا هو الوحيد داخل المشهد السياسي الذي له اعتماد وممنوع عليه تنظيم أي نشاط، وهي حالة شاذة، وهذا من خلال الممارسة التعسفية للإدراة التي تريد تعميق الأزمة بعدم اعترافها بقيادة الحركة المنشقة من مدرسة الهاشمي الشريف، والتي تم انتخابها بشكل ديمقراطي من طرف المناضلين، ونحن على مستوى الحزب اليوم يمكن لنا العودة إلى مراجعات نقدية وتوجه نحو خيار الذهاب إلى المجتمع وتأطيره من اجل توعيته لتحقيق التغيير من خلال مواصلة النضال الهادئ، ولا يتجلى هذا إلا عن طريق استرجاع صناديق الانتخاب كونه مفصليا.
* يعني هذا أنكم تدعون للمشاركة في الانتخابات القادمة؟ نعم يجب على المجتمع الجزائري أن ينتظم والتوجه إلى الانتخابات ليتمكن من مراقبة الصناديق.
* هل الغاية من المشاركة هو استرجاع الصندوق فقط؟ بطبيعة الحال لكل شيء بدايته، المشاركة لأن بالنسبة للحركة تريد من وراء هذا الموقف أن يكون لها وزن في المشهد السياسي، كون أي حزب تأسس من اجل ممارسة السياسة الغرض منه هو الوصول إلى السلطة، والوصول إلى هذا المبتغى يستدعي تعبئة المجتمع في إطار استرجاع الصندوق، لأنه الحالة الوحيدة والوسيلة الوحيدة للوصول إلى دواليب السلطة في ظل غياب بديل آخر، حيث ليس هناك وسيلة أخرى سوى هذا لتحقيق هذا الهدف.
* لكن هناك تناقضا في موقفكم: من جهة تشاركون، ومن جهة تقولون إن المنظومة استبدادية.. كيف ذلك؟ نحن نقول إن المواطن يشارك من اجل مواصلة الكفاح والنضال، وهو شعار حركتنا لأن المشاركة في الانتخابات المبتغى منه هو استرجاع الصندوق المسروق من طرف أصحاب الشكارة والمال الفاسد، من جهة ومن طرف المعارضة التي لا تزال تسبح داخل بحر السلطة السياسية في الجزائر بغرض اقتسام الكعكة وإيجاد لنفسها مكانا. * يعني أن المعارضة تفاوضت من أجل الحصول على كعكتها؟ بالنسبة لحزبنا نعم، فالمعارضة التي تدعي "التوافق" بعد ان تشكلت في تكتلات وتحالفات يغيب عليها قاسم مشترك، حيث لا شيء يوحدها، والمشروع والقاسم المشترك الوحيد الذي تلتقي فيه هو إسقاط السلطة القائمة، ومن ثم لا يعلمون حتى الغاية من هذا المطلب فهناك نوع من العدمية، ثانيا هذه المعارضة المتكتلة في التنسيقية وهيئة المتابعة بين عشية وضحاها ومع الإعلان عن الانتخابات بدأت في مغازلة السلطة من اجل تحقيق الدخول في صفها للحصول على نصيبهم في الحكومة، وهذه التحولات تترجم مدى غياب خط يربط المواقف الأول مع الثاني ما عدا خط التفاوض وتتغير من شكل إلى آخر.
* تريد القول إن المعارضة ضغطت على السلطة للدخول في التفاوض؟ نعم بالتأكيد، هذه المعارضة المشكلة من عديد الأحزاب التي تدعي على نفسها أنها معارضة يتفاوض، كل واحد على انفراد، للحصول على حصته من الكعكة، من غير هذا لا حراك آخر لها، ونحن الحزب الوحيد الذي يطرح في خطابه بشكل حاسم وشفاف طبيعة السلطة الحالية والمبنية على ثقافة الشكارة وتهريب الأموال التي تتغذي منها السلطة القائمة. * ما هو موقفكم من المقاطعين للانتخابات؟ الذي يشجع مقاطعة الانتخابات هي السلطة والعزوف الانتخابي والسياسي، ومن يدعو إلى المقاطعة هو الآخر يصب في وعاء السلطة بوعي منه أو بدون وعي لكي لا نشك في نوايا المقاطعين، لكن المواقف يصب في وعاء السلطة التي هي في حد ذاتها تشجع الجزائري للاستقالة من العملية السياسية.
* لكن المقاطعة مواقف وصوت؟ لكن السياسة هي عبارة عن موازين قوى لا تسطيع اتخاذ موقف معين دون تفعيل الساحة، عندما نحن ندعو الى المشاركة فليس بالمعنى السلبي الذي تبحث عنه السلطة، نحن نقول المشاركة الفاعلة لتغيير موازن القوى لصالح المجتمع، هذا هو مربط الفرس، ما يجعل السلطة عاجزة عن التزوير من خلال المشاركة الفعالة. ولا أشاطر رأي من يقول إن الانتخابات الماضية كانت مزورة، على سبيل المثال النتائج في منطقة القبائل كانت لحد كبير منطقية لأن في منطقة القبائل كان المواطن لدية مشاركة ويراقب الصندوق، ولا يسمح أن تكون النتائج عكس ذلك، وهي التجربة التي لا بد أن تعمم على المستوى الوطني لتقليص التشرذم في المجتمع الوطني لخلق دينامكية جديدة، وهو الرهان الحقيقي لبعث حراك اجتماعي للتغيير نحو الأفضل.
* بالعودة إلى عملية جمع التوقيعات.. كيف كانت العملية، وما هي العراقيل التي واجهتموها؟ العملية يمكن أن نقسمها إلى شقين: الأول أن الحالة التنظيمية للحركة التي لم تكون في مستوى التحدي نحن صرحاء كون الأزمة الداخلية التي مرت بالتيار اليساري مؤخرا أثرت علينا هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك العامل المحدد كما نسيمه، هو سلوك الإدارة التي لم تساعدنا حتى يمكن الحزب من الانتقال من مستوى تنظيمي معين إلى مستوى آخر ارقى، على الرغم من حلحلة الأزمة الداخلية التي وظفتها السلطات المعنية بالرغم من حسمها قضائيا من طرف العدالة، خلال مؤتمر 2013، إلا أن هذه الأخيرة لم تعترف بذلك، في الوقت تم استشارتنا خلال إنشاء هيئة دربال، والعراقيل كانت من بدايتها، وعليه لم نستطع جمع التوقيعات. * ما موقفكم من تحالف الإسلاميين؟ ما يلفت نظري ليس بالتحالف لأنه ليس بالجديد على الساحة السياسية، فالخطاب السياسي للإسلام السياسي بالجزائر بحاجة إلى هذه التحالفات، لأنه يعيش مرحلة أزمة ومرحلة ثقة، ثانيا المؤشر الأساسي والمفصلي الذي يتبناه الإسلام السياسي المسمى الخطاب الاستجدائي. * هل من توضيح أكثر؟ يعني الإسلام السياسي يستجدي السلطة أي يغازل، وأنه يدق في بابها للالتحاق وللحصول على رضاها، وهذا دليل على أن هناك تراجعا في مستوى التأثير والقدرة في التأثير على المجتمع لهذا التيار، نتيجة التطبيع الواقع بين التيار الإسلامي والسلطة السياسية القائمة على الشكارة والتعسف.
* تدعونا دائما إلى القطعية مع الإسلام السياسي؟ الموطن الجزائري أصبحت اهتماماته معلمانة، وهو يهتم بالمعيشة، التشغيل والسكن بكل ما يتعلق بالمصالح المشروعة التي ليس لها من غطاء يؤلفاها سواء ديني، والدين لا يجب خلطه مع هذه الأمور السياسية، بالعكس ما تفعله جهات من اجل تحويل الأنظار عن المسائل المفصلية والأساسية المطروحة، لذلك أقول هناك مؤشرات ودلائل وقرائن تقر على أن المجتمع الجزائري مجتمع معلمان، هو انه يفصل بين معتقده وبين شأنه السياسي والمتعلقة بالشأن العام، هو غياب تجاوب المجتمع مع ما تفتعله السلطة من مشاكل واهية.
* ما هو موقفكم من التيار الأحمدي بالجزائر؟ هو "فزاعة" تستعملها السلطة لتحويل الأنظار ولديمومتها، وتريد أن تخلق من الاحمدية غولا يهدد الوحدة الوطنية، والدليل انه لا يوجد اي تفاعل من طرف المجتمع مع هذا التيار، هل هناك تجواب مع هذا التيار الذي تريد السلطة ان تخلق من الاحمداية غولا يهدد الوحة الوطنية، هل تحس أن هناك تجاوبا وتفاعلا؟ *ما رأيكم في الدستور الجديد وقانون الانتخابات وهيئة دربال؟ بغض النظر عن النقائص الموجودة فيه،السلطة القائمة لا تحترم القوانين، المشكلة في التطبيق واحترام القوانين وليس في النصوص، أما هيئة دربال فليست بهيئة للانتخابات بل هي هيئة لمراقبة الاقتراع، هذا إن ما سلمنا أنها ستراقب الانتخابات، لأنها سلمنها بتجاوزات الإدارة بخوض حزبنا وكانت مواقفها معاكسة لما توقعناه، حيث أنها لا تملك الصلاحيات الكافية لأن عمل الهيئة يبدأ يوم انطلاق الحملة الانتخابية في الوقت الذي تكون بداية الانتخابات قبل يوم الاقتراع يعني هي هيئة مستقلة لمراقبة الاقتراع.
*هل تتوقعون "تزويرا" في الانتخابات القادمة؟ التزوير أصبح حاجة ثانوية، لأن ما قبل التزوير ادهى، هناك طرق وتقنيات خارقة للعادة، حيث بوادرها ظهرت مع عملية جمع التوقيعات، وهذا من اختيار القوائم ومن يترشح ومن لا يترشح، وبتوزيع القوائم على مستوى الدوائر الانتخابية، ومسألة التزوير ثانوية وليست بنيوية، ربما تحدث.
* كيف تتوقع البرلمان القادم؟ كما يراد له من طرف صناع القرار.
* كلمة أخيرة؟ ندعو المواطن الجزائري للمشاركة بقوة يوم الاقتراع، وأن يتجند للاقتراع ولا يرمى الورقة البيضاء،ومراقبة الصناديق ومواصلة النضال من اجل استرجاع الصندوق المسروق من طرف المال الفاسد. مناس جمال