أكد وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، أن الحكومة القادمة يجب أن لا تكون سياسية مائة بالمائة، وأن لا تكون حكومة كفاءات فقط، ولكن وجب ترجيح الكفة بين هذين الخيارين والتركيز على القطاعات الاقتصادية والمالية لمعالجة المشاكل الاقتصادية المطروحة، داعيا الى اختيار شخصيات متخصصة لاستوزار هذه القطاعات المدرة للمال، مشيرا في حديث مع "الحوار" إلى أن أول تحد ينتظر الحكومة القادمة، ضرورة العمل كثيرا وبإمكانات أقل. وحول استعداده للمشاركة في الحكومة المقبلة من عدمه، أكد محدثنا أنه مستعد لخدمة الجزائر من أي منصب كان سواء وزيرا أول أو وزيرا في أي قطاع، شريطة توفر الأجواء المناسبة والاتفاق المسبق على الصلاحيات المتاحة في المنصب الذي يشغله. وفي سياق مغاير، استبعد شكيب خليل ان يكون لقاء الرئيس الأمريكي بممثلي الدول المنتجة للنفط خلال زيارته للسعودية أن تكون آثاره ايجابية على السوق البترولي، قبل أن يعرج على المستقبل الاقتصادي للبلاد في ظل استقرار سعر البرميل في حدود 50 دولارا ليؤكد على وجوب خلق نمو اقتصادي وتشجيع الاستثمار لخلق مناصب الشغل وتوفير العملة الصعبة.
* الحكومة سيفرج عن تشكيلتها خلال أيام فقط بعد تنصيب البرلمان الجديد، في الظروف التي تعيشها الجزائر هل تعتقد أن البلاد بحاجة إلى حكومة سياسية، أم حكومة اقتصادية "كفاءات"؟ الحكومة يجب أن تكون سياسية واقتصادية دائما، يعني من غير الممكن أن تكون كلها اقتصادية، وكلها سياسية، ولكن التركيز وجب أن يكون على الاقتصادية والمالية، لمعالجة المشاكل الاقتصادية المطروحة، ونتمنى أن تكون في هذا السياق.
* كيف تتوقعون تركيبة هذه الحكومة؟ ستكون تركيبة عادية، ولكن كما قلت التركيز يكون على المجال الاقتصادي، يعني التركيز على الوزارات الاقتصادية والمالية التي وجب أن تكون قوية، وفي نفس الوقت تكون كل القطاعات التي لها أهمية كبرى للمواطنين، كقطاع التعليم والصحة، وأن يكون لهم دور مهم، والشخصيات التي ستستوزرها وجب أن تكون متخصصة في هذا المجال، لأن الجزائر تنتظرها تحديات كبرى في هذا المجال، وفي نفس الوقت لا ننسى قطاعات أخرى تهم المواطنين كقطاع النقل، والاتصال الذي يهم الاقتصاد والمواطن في آن واحد.
* برأيك، ما هي أهم التحديات التي ستواجهها الحكومة القادمة؟ التحديات متعدد، لكن أول تحد ينتظر الحكومة القادمة، هو ضرورة العمل كثيرا وبإمكانات أقل، لها أقل مداخيل وبالتالي وجب عليها التركيز على العمل بكفاءة الموادر البشرية، ولا بد على الحكومة نفسها أن تعمل أحسن مما عملته الحكومات السابقة، وتوفير أكثر مداخيل وتحل الكثير من المشاكل تكون أكثر عملية في التسيير والتنسيق، وأشير إلى أن هذه النقطة وجب أن تجسد بسرعة، ولكن فيه أشياء أخرى في مجال الإنجاز والتصدير التي تتطلب وقت، وتكون أهميتها أقل بالنسبة للنقطة الأولى.
* ما هي أهم نقطة وجب على الطاقم الحكومي المقبل المبادرة بها للخروج من شراك التبعية للمحروقات؟ هذه النقطة تحدثت عنها كثيرا في المحاضرات التي قمت بها، لا سيما المحاضرة التي أجريتها بولاية وهران، حيث وجب على الحكومة القادمة أن تعمل بكل ما في وسعها وبالكفاءات البشرية الموجودة لديها، والموارد المالية، لما نتكلم عن الحكومة نتحدث عن كل القطاعات الحكومية والشركات العمومية، التي وجب أن تعمل أكثر وتوفر الامكانات المالية. النقطة الأخرى هي جلب الاستثمار الذي من شأنه توفير العملة الصعبة، ولكن اذا لم نتخذ القرارات المناسبة في هذا المجال فإننا سنواجه صعوبة فيما يخص وفرة العملة الصعبة والإمكانات التي ستستهلك، ولهذا وجب التركيز على جلب الاستثمار الوطني والأجنبي في كثير من الوقت.
* على ضوء هذا، في حال طرح عليك منصب في الحكومة القادمة، هل ستوافق؟ لم تطرح علي هذه الفكرة ولم يتحدثوا معي، ولهذا لا أستطيع الرد على سؤالك، ولكن على حسب الظروف والإمكانات التي تكون موجودة، من ضمن الأشياء كيف يكون الشخص وزيرا أول وما هي الصلاحيات التي تكون بحوزته في اختيار الوزراء والحكومة، أم نأتي لأخذ مكان شخص آخر ولكن بنفس الحكومة وبنفس المشاكل الموجودة الآن؟.. وأنا مستعد للرد على أي طلب في هذا المجال، لكي أساعد في أي مكان وفي أي منصب وأساعد بلدي الحبيب الجزائر.
* إذا طرح عليك منصب الوزير الأول في الحكومة المقبلة، هل ستقبله أم ترفض؟ وجب النظر إلى الأوضاع، لا بد من إعطاء المجال، ومعرفة ما هي صلاحياتك كوزير أول، وهل لك الحرية في اختيار الطاقم الحكومي، الوزراء الموجودين، يمكن أنهم لا يساعدونك للتوصل إلى المكان الذي تريد الوصول إليه.
* إذن، أنت مستعد لمناقشة هذا الموضوع، مع الجهات المختصة في حال طرح عليك؟ أكيد، أنا أظن أن الإنسان في أي مكان، في الوزارة الأولى أو وزير في أي قطاع لا أظن أنه يأخذ المنصب دون السؤال عن صلاحياته، لأنه توجد تحديات ووجب أن نكون صرحاء، كيف نتوصل إلى حل هذه التحديات، وإذا لم يكن هنالك اتفاق في هذا المجال لا يمكن القبول بمنصب وهو يعرف أنه لن يحقق المبتغى، وحينها يقال إنه فشل لأنه غير كفء، وفي حقيقة الأمر هو كفء ولكن محيطه وطاقمه لم يساعده على تحقيق الأهداف المسطرة.
* في مجال آخر، هل برأيك زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترومب إلى السعودية ولقائه بالعديد من رؤساء الدول المنتجة للنفط يمكن أن يساهم في استقرار السوق النفطي مستقبلا؟ لا أظن ذلك، لأن المنتجين الخواص ليس لهم علاقة مع الحكومة وهدفهم الأرباح المالية، والتاريخ كشف لنا أنهم لن يدخلوا في معادلات منظمة الأوبب أو غير الأوبب، وبالتالي هذا هو التحدي الكبير لهذه المنظمة، خاصة أمام الارتفاع الكبير لإنتاج الغاز الصخري في أمريكا الذي من شأنه خفض الأسعار، كل هذا يجعلني أقول إن زيارة تروم الى السعودية لن تكون لها آثار ايجابية على السوق البترولي، ولكن الآثار ستخلقها اذا ما تم التقارب بين السعودية وروسيا، إذا اتفقوا بخفض الإنتاج فإنه لن نسجل أي مشكل في استقرار هذه السوق.
* ما توقعاتك لمستقبل الاقتصاد الجزائري في ظل بقاء أسعار المحروقات تراوح حدود 50 دولارا للبرميل؟ التحديات صعبة، وشخصيا أظن أن سعر البرميل سيبقى في حدود 55 الى 65 دولارا للبرميل خلال السنتين المقبلتين، ويرتفع بعدها، ولكن نفس السعر الذي كان موجودا من قبل، ولهذا فإن مداخيل البلاد نفسها، الأمر الذي يجعلنا نسجل صعوبة في الميزانية، لا سيما مع وجود دعم كبير من طرف الدولة في المواد الاستهلاكية والخدمات، هذا هو أكبر تحد كيف نبقى في هذا الدعم على المستوى القريب والمتوسط، وفي نفس الوقت نستثمر لخلق مناصب الشغل وخلق نمو اقتصادي، لأن النمو الاقتصادي يسمح بخلق مناصب شغل، والنمو الاقتصادي لن يتأتى إلا عن طريق الاستثمار. الآن الدولة لها مداخيل قليلة لا تسمح لها بالاستثمار الذاتي، علما أن قرابة 50 بالمائة من المداخيل توجه للدعم.