بعد تعيين الطاقم الحكومي الجديد الواضح المعالم بقيادة الوزير الأول تبون، حان الوقت للحديث عن أهم التحديات المواجهة لحكومة نزيل قصر -الدكتور سعدان- التي هي عبارة عن قنابل موقوتة ومهيأ للتفجير في أي لحظة، أبرزها معضلة السكن ومشروع قانون الصحة الجديد، وتدهور القدرة الشرائية للمواطن. وأجمع أغلب المحللين على اختلاف توجهاتهم السياسية وانتمائهم الحزبي، على أولوية الشق الاقتصادي في التعامل مع الأوضاع الراهنة، كعامل رئيسي تبنى عليه السياسة العامة للبلد، كما أكدوا على حتمية دفع عجلة التنمية المستدامة ومكافحة الفساد والبيروقراطية التي تثقل كاهل المواطن، ودعوا إلى ضرورة المحافظة على أهم المكاسب الاجتماعية، لرص الجبهة الداخلية وحمايتها من المخاطر المحدقة بها إقليميا، كرؤية واضحة وأولوية تتخذها الحكومة في المسار المقبل. في السياق، يرى صديق شهاب الناطق الرسمي للتجمع الوطني الديمقراطي ل "الحوار"، أن الحكومة المنتهية المهام، نجحت في تسيير المرحلة السابقة، رغم ما عرفته من تجاذبات سياسية واقتصادية ميزتها المرحلة الفارطة، وأن الطاقم الحكومي الجديد تقبع معه عدة تحديات تستلزم المواجهة بجدية، خدمة للبلد والمواطن، وعلى رأسها بعث النشاط الاقتصادي، وذلك بالتوجه إلى اقتصاد منتج، يدعم مداخيل النفط كعنصر أساسي لا حياد عنه في الصيرورة الاقتصادية للدولة، ويضيف صديق شهاب أن هذا لا يتأتى إلا بتخفيض فاتورة الاستيراد وعقلنة السوق الوطنية، وفق متطلبات تفرضها الظروف الحالية للبلد، ومن نفس المنطلق ولتدعيم الإنتاج الوطني ومنحه طابعا أكثر تنظيما، وجب الأخذ بعين الاعتبار للمنظومة المصرفية والبنكية وإعادة النظر في السير العام لها، كما تستوجب المرحلة المقبلة مكافحة البيروقراطية، لخلق جو أكثر ديناميكية وتفتحا للفعل الاقتصادي المنتج المبني على التنافسية في اقتصاد السوق، بغية توفير مناصب شغل وفرص عمل دائمة. من جانبه، القيادي في حزب العمال، رمضان تغزيت، اكد ل "الحوار" أن أولويات الطاقم الحكومي الجديد تنصب في المحافظة على المكاسب الاجتماعية للمواطن الجزائري، سواء في قطاع السكن أو التربية أو الصحة، خصوصا بعد إلغاء قانون الصحة لسنة 2015، وانتظار المصادقة على القانون الجديد المثير للجدل، خاصة ما يحمله من ثغرات، حيث توفر مواد تفرق بين القطاع العام والخاص، وإنشاء مجلسين وطنيين لأخلاقيات المهنة للقطاعين، مبرزا أن هذا الأخير لم يكن مسجلا في القانون القديم للصحة، وعلى نفس الاتجاه يرى تغزيت أن الخطوة الواجب التعجيل بها، هي كبح فوضى الاستيراد والقضاء على اللوبيات المسيطرة على الاقتصاد الوطني بالأخص التجاري منه. وكشف من جهة أخرى الأمين العام لحركة النهضة محمد ذويبي ل "الحوار" أن الطاقم الحكومي الجديد، يحمل على أعتاقه عدة قضايا يجب أن تحدد كأولوية في المسار الحكومي المقبل، رغم أن التحديات التي تعرفها الجزائر تبقى مجترة ومتداولة منذ سنين، نظرا للانغلاق الذي تعرفه الجزائر في مختلف الجوانب.. السياسية.. الاقتصادية.. الاجتماعية، على رأسها الجانب السياسي وما أفرزته الانتخابات التشريعية المنصرمة -يضيف ذويبي- أنه يجب على الحكومة أن تأخذ هته الرسالة بجد وتدرسها بمختلف أبعادها السياسية، خصوصا بعد تطليق المواطن لكافة الفعل السياسي في البلد، الذي يعتبر كدعامة أساسية وعجلة دينامكية في تحريك الحياة السياسية في الجزائر، مشيرا إلى أنه "لا حل دون الخروج من تبعة الريع كمصدر واحد ووحيد للدخل". بالمقابل، يرى المكلف بالشؤون السياسية بحركة مجتمع السلم، فاروق أبوا سراج الذهب، أن هذه الحكومة عليها أولا أن تقدم على الأقل حصيلة أولية ثم تجتهد في إعداد مخطط عملها لعرضه أمام البرلمان، لتعرف بعد ذلك هل هي حكومة كفاءات تستهل على حل الأزمة الحالية وتعالج حالة الفشل التي ميزت مشهد الحكومات السابقة، ابتداء من الفساد ووصولا إلى إمكانية الذهاب إلى المديونية، فضلا عن حالة التقشف وارتفاع القدرة الشرائية، لا سيما أن صندوق ضبط الإيرادات تآكل واحتياطي الصرف في الطريق. هشام شاوشي