عيونها تسافر إلى بعيد، ترمق الكون تستنطق فيه الصمت، ولكنه من هول الوجع يلتحف الصمت حتى الموت، هو هنا هو هناك، غيمات تركض إثر بعض، ترسم سريالية الوجوه الزائفة، رجل أحنته الدروب ولا زال يحاول الوقوف، يأخذك لحزنه بأنغام الكمان الباكية، يعزف ويعيش، ويتحدى الصمت المتحجر في قلوب من حوله، كمان عتيد، وسيمفونية الوجع، ألحان تحلق في السماء، توشوش للغيمات النافرة بوجل اليأس والسقوط، لا مستقر له ولا مكان إلا قيثارة الأحزان، يعزف… ويعزف… ويشد الزمن يوقفه حتى يعزي نفسه يتجلد ولا يسكت ويموت، هو اختار خنجرا أو حجرا نغمة تكسر الصمت، هو هنا وهو هناك، رجل تخرج من مدرسة الألم، الألم العبقري الملهم لأروع المعزوفات، رجل عبقري الصبر، ومن أفنان القهر خلد ذكره، اختار الظفر بلحظة ظلت هاربة، منزوية، صعبة على الامتلاك، لكن فوزه بها، قهر أسطورة المستحيل، ورغم الوجع، شرع لنا طريقا للسير، وسار بنا وسار، والغيمات تحاكي سيره في السماء، يدمع طرفها شجوا من لحن الكمان. ومن مدرسة الألم، ترسل صوتها مدويا بآهات وآهات، لا تفهم منها إلا نغمة المقاومة والتأسي، هل هي تنشد أم تتلوع؟ لست أدري، الصوت المبهم منها، لا يفصح عن الضمير المستتر ولا الماضي الغابر، ورغم الألم القاهر، هناك رغبة في البقاء والصمود، وتحدي الوجع لمواصلة الطريق… ليلى محمد بلخير