تحمل لائحة المنتجات والسلع الممنوعة من الاستيراد بدخول العام 2018 وعددها 851 فئات من المواد الغذائية والتحويلية والزراعية والصناعية بعضها ينتج في الجزائر بكميات كافية وبعضها لا تلبي الغرض او غير منتجة أصلا على المستوى المحلى، لكنها مستهلكة من قبل الجزائريين بصفة واسعة، الأمر الذي سيخلق أزمة في السوق الجزائرية في الوهلة الأولى ستظهر معالمها في ندرة بعض المواد وغلاء أسعار أخرى. وفي السياق، أكد خبراء اقتصاديون أن منع استيراد بعض المواد الغذائية والاستهلاكية سيخلق أزمة في السوق ، بالرغم من الفائدة التي يفترض أن تعود بالنفع على الإنتاج المحلي ، وسيواجه المستهلك صدمة تتمثل في الندرة وارتفاع الأسعار، باعتبار بعض السلع والمنتجات الممنوعة لا تنتجها الجزائر أصلا أو أن إنتاجها قليل.
–تداعيات الإجراء ستكون إيجابية على الاقتصاد الوطني وفي ذات السياق، قدر الخبير الاقتصادي الدولي عبد المالك سراي في تصريح ل"الحوار" أن منع استيراد تلك المواد "سيحدث صدمة في السوق على المدى القريب تدوم سنة أو أكثر، حيث تفقد بعض المواد وترتفع أسعار أخرى" وهذا سيقابله المستهلك، لكن تداعيات هذه الإجراءات ستكون ايجابية على الاقتصاد الوطني –حسبه- بحيث "الهدف منه هو إدخال 52 مليار دولار من الدورة الإنتاجية المتداولة حاليا لدى التجار خارج إطار البنوك". أما بخصوص لائحة المواد الممنوعة من الاستيراد، قال الدكتور سراي "لا نغتر بالقائمة الطويلة ففيها كثير من المواد لا قيمة لها سواء على الاستهلاك البشري الزراعي أو الصناعي" لكن التي تهم حركة السوق حسبه هي "نحو 150 مادة" سيتم إنتاجها محليا، سواء كانت ضمن استثمارات محلية او لم تكن بعد، حيث يعتقد ان اللائحة "ستدفع بمستثمرين جدد إلى انتاج هذه المنتجات". وحتى لو كان الهدف من منع لائحة من المواد والمنتجات من دخول السوق الوطنية، حماية الإنتاج الوطني ما سيسمح من توفير نحو 20 مليار دولار من فاتورة الاستيراد وتحويلها إلى الاستثمار المنتج، حسب سراي، فإن الأمر ليس جديدا.
معاملات تجارية تخضع لآليات قانونية من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي عبد الرحمن عية، إلى أن السلطات العمومية لجأت إلى مثل هذا الإجراء عام 2010 بمنع استيراد 1500 منتج ومادة منشؤها الدول العربية، بعد دخولها في منطقة التبادل التجاري الحر العربية سنة 2009 لحماية الاقتصاد الوطني من غزو المنتجات العربية وغيرها، لأنها بالمقابل لم تجد ما تصدره للعرب إلا النفط". فمن منظور قانوني، يؤكد عية أن الحكومة ليس من حقها إلغاء قانون رخص الاستيراد، لأن رخص الاستيراد هي معاملات تجارية تخضع لآليات قانونية في أي دولة تملك تجارة حرة خارجية وتتعامل بموجب القانون الدولي والاتفاقيات الدولية، مضيفا بالقول: " لا نفهم فحوى هذا المنع أو أن الهدف منه هو تحضير الأرضية للتوجه إلى خصخصة المؤسسات الاقتصادية العمومية لصالح القطاع الخاص". ومثل ما يرى عبد المالك سراي ايجابية في منع استيراد بعض المواد لتطوير الإنتاج الوطني وتدعيم الاستثمار الصناعي المحلي واستقطاب أموال "التجارة غير المسجلة" وإدخالها للبنوك، لم ينكر عبد الرحمن عية أن "للإجراءات الجديدة جانب إيجابي وحيد وهو الحفاظ على مناصب الشغل وتشغيل اليد العاملة المحلية، شرط أن تتوفر النية لذلك" باعتبار أن الحكومة في الظرف الراهن "لا تحمل هم مئات الآلاف من الجزائريين يشتغلون بالسوق الموازية" حسب رأيه. من جهة أخرى، ستعرف المناطق التجارية المنتعشة بتجارة الجملة أو التجزئة في المواد والمنتجات المستوردة من الخارج، تذبذبا كبيرا وصعوبات في نشاطها، حيث "سيلجأ كثير من المستوردين إلى تغيير مجال نشاطهم ولو جزئيا لتجنب الممنوعات" حسب ما أشار إليه الخبير سراي، ويمكن للمنع أن يخلق أزمة إذا استمر المناخ البيروقراطي في تسيير الاقتصاد لأنه يتوجب على الحكومة دعم المستثمرين بالعقار والتسهيلات البنكية والجبائية والقضاء على الرشوة".
–الشركات الجزائرية عاجزة عن تعويض المنتجات الممنوعة أما الناطق باسم اتحاد التجار الجزائريين، الطاهر بولنوار، فيقول إن قرار الحكومة بمنع استيراد لائحة من المواد الاستهلاكية والمنتجات هو "من حيث المبدأ لتقليص فاتورة الاستيراد وتشجيع الإنتاج الوطني، لكن يجب أن يقابل برفع حجم الإنتاج وتطوير النوعية وتنافسية الأسعار" لأن غير ذلك سيخلق "أزمة ويشجع الاحتكار ويرفع الأسعار، خاصة أن كثير من المواد المشمولة بالمنع من الاستيراد لا يمكن للمؤسسات الجزائرية أن تعوضها أو تنافس في إنتاجها مثل المصبرات ومواد التنظيف" بل هناك مواد أخرى "الجزائر لا تنتجها أصلا مثل الفواكه الجافة والمكسرات".
–الأجبان والفواكه الجافة والمكسرات ستختفي من موائد الجزائريين وتحمل لائحة المنتجات الممنوعة من الاستيراد مواد غذائية مثل الأجبان والألبان وبعض العجائن ومنتجات زراعية طازجة ومجمدة مثل اللحوم ومشقاتها، وخضر وفواكه وحمضيات ومكسرات وفواكه جافة وأنواع شوكولاطة وكثير من المصبرات مثل التونة والذرة والفطر التي لا تنتجها الجزائر أصلا، لكنها دخلت في العادات الاستهلاكية للجزائريين، بفعل الوفرة خلال كل هذه السنوات، بل إن فقدانها من السوق سيخلق أزمة وتهافت عليها مما سيؤدي حتما غلى ارتفاع الأسعار. بالمقابل يعتقد بعض المستهلكين أن منع الاستيراد بالطرق القانونية سيشجع التهريب و"تجارة الكابة" مثلما كانت عليه في سنوات سابقة، وستتضرر فئات من المستهلكين ألفت استهلاك ما هو مستورد مثل أصحاب الدخل المرتفع، وحتى أصحاب الدخل البسيط ممن أدمنوا السلع الصينية والنساء المستهلكات لمواد التجميل والمهنيين الذي شمل المنع مواد هي أولية في نشاطاتهم. غنية قمراوي