كشف محمد الشريف سلاطنية المدير العام للديوان الوطني الجزائري للسياحة «ONAT»، في حديث خص به جريدة "الحوار"، عن مشروع القرى السياحية التي سيتم افتتاحها انطلاقا من سنة 2018 إلى غاية 2019، وهي التي ستمكن الجزائر –حسبه– من تبوؤِ مكانة لها في سوق السياحة الدولية، كما تطرق إلى كيفية استخدام المقومات السياحية، وكذا عن طرق استغلالها للنهوض بالقطاع مستقبلا. * هلا قدمت لنا بطاقة فنية حول الديوان الوطني للسياحة؟ – الديوان الوطني الجزائري للسياحة "ONAT" هو مؤسسة عمومية، ذات طابع تجاري، تتكون من هيكل تنظيمي كباقي المؤسسات الأخرى، وهي تهدف إلى تطوير السياحة الداخلية، مهمتها ترويج المنتوج السياحي الذي تزخر به الجزائر، وينظم الديوان رحلات سياحية عبر ربوع الوطن، ويقدم الصور السياحية الجزائرية في الخارج.
* كيف تقيم المشهد السياحي في الجزائر؟ – ما زال قيد التأسيس، الجزائر في وقتنا الحالي تعمل على وضع حجر أساس للبنية التحتية للقطاع السياحي، لأننا نملك المقومات ولا نتوفر على الإمكانات اللازمة التي تسمح لنا بالنهوض بهذا القطاع، ونصبح بالتالي بلدا سياحيا.
* وما دور الديوان الوطني الجزائري للسياحة «ONAT»؟ – الجزائر وجهة سياحية حقيقية نظرا للمؤهلات التي تتوفر عليها، حيث تمتد إلى حوالي 2.4 كلم2، وكل شبر منها له خصوصيته وثقافته ومعالمه وتراثه المادي والمعنوي، وعادات وتقاليد غارقة في بحر التاريخ الإنساني، وكذا طاقاته اللامحدودة في مجال السياحة الجبلية والشاطئية والحموية والصحراوية والثقافية والطبيعية بشكل عام، لأن الجزائر بحكم موقعها الفلكي والجغرافي، جعلها تتنوع في تضاريسها وتتناغم طبيعتها، وتتوفر على منتجات زراعية (الفواكه والخضر) مشبعة بأشعة الشمس الذهبية، و"ONAT" يسهر لجعل هذه المؤهلات صالحة الاستخدام والاستغلال سياحيا، أي ترقيتها وتطويرها إلى منتوج سياحي يمكن استغلاله، كما أن الجزائر تكتنز في رحمها معالم وقلاعا ومدنا وحظائر ثقافية، مكنت الجزائر من احتلال الرتبة الثانية بعد إيطاليا في السياحة الثقافية من حيث المعالم الأثرية في العالم.
* السائح الجزائري يفضل قضاء عطلته خارج حدود بلده، كيف ننمي ثقافة السياحة المحلية في ذهنية الفرد الجزائري، برأيك؟ – إن امتداد الخارطة الجغرافية الجزائرية، ومساحتها الشاسعة، الأولى إفريقيا والعاشرة عالميا، جعلها شبه قارة! وهو ما يعني ثراء وتنوعا، من شأنه جلب السائح المحلي والأجنبي، ولكن ما نوفره للسائح المحلي ضئيل جدا مقارنة مع ما يقدمه جيراننا وباقي الدول السياحية عبر العالم. والثقافة السياحية تتولد تلقائيا لدى الجزائري، عندما نوفر له جميع المرافق، ونهيئ له كل السبل التي تجعله يصرف نظره عما يسمع ويشاهده عبر الوسائط الإعلامية المختلفة، بما فيها شبكة التواصل الاجتماعي، والفعل الترويجي للمدن والأحياء السياحية، مع نشر صور وفيديوهات للفنادق، ووسائل اتصال وشبكة الطرقات ومواصلات عالية المستوى، وسياسة سعرية مدروسة، وبصورة عامة الفعل السياحي هو ذلك الكل المتكامل، والعمل بتضافر الجهود، وبالتنسيق العملي مع جميع القطاعات في البلاد، وليس فقط الديوان الوطني الجزائري للسياحة "ONAT" ممثل وزارة السياحة. فالوزارة الوصية وحدها لا تستطيع تجسيد رؤاها في مجال السياحة وتطبيق مشروعها السياحي، ما لم تكن هناك خطط عملية، التي تعمل على تطوير طرق التسويق والترويج للمواقع السياحية الواعدة، وهذا لن يأتي إلا بالتعاون والتضامن في إطار العمل الجماعي لخلق سياسة سياحية تتماشى ومستوى فكر السائح في حد ذاته، سواء تعلق الأمر بالمحلي أو نظيره الأجنبي، وأقول إن النهوض بالقطاع السياحي يبدأ من المدرسة، وإعداد جيل يكتسب ثقافة السياحة، من خلال إدراج مادة خاصة بالفعل السياحي ضمن المقرر المدرسي، حتى نعد جيلا واعيا ومتشبعا بالثقافة السياحية.
* ما أسباب ارتفاع تسعيرة المرافق السياحية في الجزائر؟ – انعكس نقص الوسائل والمرافق السياحية سلبا على الأسعار التي تشهد ارتفاعا مذهلا، ما ينفر السائح من التقرب إليها، وعامل آخر جعل السائح المحلي يحول وجهته نحو الخارج، وعليه فعنصر السعر هو الركن الأكبر الذي يجب المراهنة عليه، من أجل تحقيق تنمية سياحية مستدامة بالغة الفعالية، كما في أي دولة تريد الاستثمار في هذا المجال، علما أن عامل التكلفة يلعب دورا مهما في المعادلة الاقتصادية، وهذا الذي جعل الجزائريين يتجهون نحو دول الجوار لقضاء عطلهم، فالعرض في سوق السياحة الجزائرية لا يتوافق مع الطلب، رغم أن الجزائر بلد سياحي بامتياز، لكنه لم يستغل كوجهة تستهوي الزائر، ولم يساهم في ضخ الأموال للخزينة العمومية، مع أن الجزائر تعول على هذا الجانب كمورد اقتصادي هام كبديل خارج المحروقات، يشكل رافدا أساسيا للاقتصاد الوطني.
* وكم يبلغ عدد السواح المسجلين سنة 2017؟ – بلغ عدد السواح على المستوى المحلي إلى غاية 30 جوان 2017، 35 ألف سائح جزائري، قضوا عطلهم مع الديوان الوطني الجزائري للسياحة «ONAT»، كما يقوم هذا الأخير بوضع برنامج ثري، ويقدم عروضا مغرية لجلب السائح نحو الجزائر، ولا يخفى أننا نعمل بالتنسيق مع الديوان الوطني للسياحة "ONT" في صالونات السياحة التي تنظم في الخارج، للاحتكاك مع التنظيمات السياحية العالمية، وأمضينا الكثير من الاتفاقيات في هذا المجال لتطوير السياحة الداخلية. مؤخرا تم التوقيع على عقد شراكة مع المجمع السياحي الفرنسي الذي تعمل تحت رايته أكثر من 60 وكالة سياحية عبر التراب الفرنسي، قمنا بمنحهم منتوجا خاصا بعرض خاص للسائح الفرنسي، وعروضا مماثلة للجالية الجزائرية بالمهجر، لقضاء عطلهم، سواء الأسبوعية أو السنوية، خاصة رجال الأعمال، ولكون الكثير يفضلون السياحة الحموية، لذا جهزنا كل الوسائل، وجندنا كل القوى البشرية لاستقبالهم وخدمتهم.
* ما العروض الجديدة التي تقدمها ONAT لزبائنا؟ – أولا، قمنا بضبط عملية تكوين لمنظمي الرحلات ومسيري الفنادق والوكالات السياحية، وموظفي الاستقبال، وكيفية معالجة المنتوج السياحي والترويج له. لدينا 36 وكالة سياحية منتشرة عبر الوطن، والديوان وضع لوحات إشهارية له عبر المدن والشوارع الكبرى، تحمل شعاره، كما وضعت ONAT تحت تصرف السائح حافلات مجهزة بأحدث وسائل الرفاهية، تتسع إلى أكثر من 35 مسافرا، كما نوفر سيارات خاصة لتنظيم رحلات وسط المدن تحت خدمة الزبون، ومن ناحية الاستراتيجية التجارية للديوان، فقد أسسنا صفحة عبر شبكة التواصل الاجتماعي، وموقع تفاعلي يحتوي على كل العروض التي يقدمها الديوان. هذا؛ كما يوفر الديوان أكثر من 50 منتوجا سياحيا عبر الوطن، فضلا عن ذلك فالديوان أمضى العديد من الاتفاقيات مع المعاهد والجامعات والمؤسسات التربوية قصد تقريب الجزائري بمحيطه.
* أزيد من 1500 كلم من الشواطئ الجزائرية.. لماذا لم يحسن الديوان استغلالها في السياحة البحرية، إضافة إلى أن استغلالها منحصر بالفترة الصيفية فقط، ما تعليقك؟ -السياحة البحرية لم تعط قيمتها اللائقة بها، رغم أهميتها للانطلاق بواقع السياحة المحلية، إلا أن الدولة الجزائرية تفطنت لهذا النوع من السياحة، وبدأت في إطلاق بعض الخطوط البحرية في العاصمة نحو بعض مدن الشرق الجزائري ووسط العاصمة، لكنها غير كافية، وهذا المنتوج السياحي البحري تنميته حتمية لابد منها، حتى ننافس المقاصد السياحية للدول التي تقع على سواحل البحر الأبيض المتوسط، وللقطاع الخاص دور مهم للاستثمار في السياحة البحرية، لتكون على مدار السنة، لأن الفعل السياحي لا يعرف الانقطاع، بل يتميز بالديمومة، على مدار الفصول الأربعة.
* لماذا لا يوجد دليل سياحي يضبط تعريفة سيارات الأجرة، والفنادق، حتى لا نرهق جيب السائح؟ – سيتم اعتماده قريبا بحول الله. * سياحة قوية انتعاش للاستثمار، ما رأيك في المعادلة؟ – السياحة تحتاج إلى استغلال كل مناطق البلاد، والجزائر فضاء سياحي مفتوح على الطبيعة، على غرار طاسيلي ناجر الذي يعد مقصدا للعديد من السياح، والكهوف العجيبة بجيجل، والقمم الجبلية الشامخة والمدن الأثرية، وغيرها، ولو تم استغلالها أحسن استغلال، ستفتح آفاقا جديدة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، وفي مقدمتها توفير مناصب شغل للشباب. وبدوري، أطمئن الجزائريين أن بلادنا في جعبتها مشاريع تنموية من تهيئة المدن وإنشاء قرى سياحية على مستوى مدينة تيميمون، سيتم استغلالها في السداسي الثاني من عام 2018، أما تاغيت وبشار وبجاية، فستكون جاهزة للاستغلال في 2019 وبأسعار مدروسة.
* ما تكلفة قضاء عطلة في المناطق السياحية الجزائرية ؟ – تسعيرة السفر إلى مدينة جانت، بحساب تكلفة تذكرة الطائرة، والإيواء، مع تنظيم رحلات ليومين، تكلف السائح 43 ألف دينار جزائري، ونظرا للاتفاقية المبرمة مع الخطوط الجوية الجزائرية و"ONAT"، فقد تم خفض سعر تذكرة الطائرة المحدد ب29 ألف دينار جزائري في التسعيرة العادية، خلال موسم السياحة الصحراوية، ومن الطبيعي أن ترتفع الأسعار مع حفلات نهاية السنة، لكن المشكل الذي يطرح نفسه بقوة، هو قلة وسائل النقل الجوي، إذ لا تغطي أحيانا الطلب المرتفع، ولكن بحكم الاهتمام الذي توليه الدولة في سياق تطوير القطاع، ستصبح الجزائر قطبا سياحيا في الحوض المتوسط.