أجمع أساتذة وباحثون ومتخصصون في العلوم الاجتماعية والسياسية، وخبراء بالاقتصاد، ومستثمرون سياحيون، على أنه قد حان الوقت للإهتمام أكثر بقطاع السياحة، مع إشراك المجتمع المدني والشباب كعنصر فعال وأساسي في تغيير الواقع الذي شهده هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة، مع التركيز على ثقافة الأمن السياحي، ويقصدون بها السلوك والقيم التي يجب أن يتحلى بها الفرد المضيف، وأشار آخرون إلى التركيز أكثر على الرأسمال البشري، فصناعة السياحة تتحقق بصناعة الإنسان، واستدلوا بالدول الآسياوية كسنغافورة وماليزيا، التي تفوقت سياحتها بأخلاق أفرادها وتبنيهم للثقافة السياحية، في حين تأسف البعض منهم مستدلين بلغة الأرقام والإحصائيات، حيث لم يتجاوز متوسط التدفق السياحي بالجزائر ال5 بالمئة، وهذا ضعيف جدا مقارنة بعدد السكان، الذي بلغ عتبة 42 مليون نسمة. وأرجع الباحثون أسباب الانخفاض إلى ضعف البيئة السياحية المستحدثة ك" الفنادق، النقل وأماكن الترفيه…"، بالإضافة إلى تدني مستوى الخدمات المقدمة للسياح، حيث أنها تزيد في بعض الدول عن نسبة 100 بالمئة، وهذا ما أكده أيضا الدكتور والخبير الاقتصادي والوزير السابق المكلف بالاستشراف والإحصائيات، بشير مصيطفى، الذي ركز في مداخلته على أربعة أفكار لشرح ماهية اليقظة السياحية، وما الجدوى من تنظيم هذا الملتقى؟، والذي كان رئيسه الشرفي، موضحا في سياق حديثه أن الوضع السياحي في الجزائر متأخر جدا كون الجزائر احتلت المرتبة 138 عالميا على مستوى الإنتاج السياحي. أما عن نسبة استقطاب السياح في الجزائر فهي لاتتعدى ال5 بالمئة من عدد السكان، أي 42 مليون ساكن يقابلها 1.5 سائح، ونصفهم من المغتربين الجزائريين، وقدم للحضور بعض الأمثلة عن فرنسا التي بلغت نسبة السياح فيها 100 بالمئة، أي مايعادل 80 مليون ساكن، يقابلها 80 مليون سائح،أما تونس فتمثل نسبة السياح بها ال 50 بالمئة ، أي مايعادل 11 مليون ساكن يقابلها 6 ملايين سائح، والرقم مرشح للزيادة مع تركيزهم على تحسين الخدمات وعنصر الجذب السياحي. و قد بلغ المدخول السنوي للناتج السياحي، حسب المتحدث ذاته 0.3 مليار دولار ، و الرقم جد ضعيف مقارنة بما تصرفه الدولة من أموال بالاستثمار السياحي ولتحسين هذا القطاع، في حين أن 6.5 بالمئة من حقيبة الاستثمار الجزائري موجهة لقطاع السياحة، والجزائر الآن نسبة نموها بلغت 4 بالمئة حسب الجهات الوصية، و 2 بالمئة حسب البنك العالمي، أما ما تطمح إليه الحكومة فهو بلوغ نسبة نمو في حدود 6.5 بالمئة بآفاق سنة 2030. وختم كلامه بالأهداف المرجوة من هذا الملتقى الوطني الذي نظمته جمعية "صناعة الغد"، تحت الرعاية السامية لوالي ولاية البليدة، والمجلس الشعبي الولائي، وبالتنسيق مع مخبر الأمن القومي الجزائري "الرهانات و التحديات" وجامعة خميس مليانة، والذي حمل عنوان: الإستثمار السياحي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة في الجزائر، أنهم يطمحون إلى إطلاق رأي سياحي منظم ما يعرف باليقظة السياحية، مع ضرورة انخراط المجتمع المدني في تصاميم السياسات العمومية للدولة ما يعرف بالديمقراطية التشاركية، وانخراط جميع السكان في المنظومات الذكية لرسم خطة المستقبل 2030. هذا، وقد حضرت جريدة "الحوار" هذا اللقاء الوطني الذي خرج بتوصيات، نذكر منها ضرورة ربط الجامعة بمحيطها الاجتماعي والاقتصادي، العمل على إيجاد آليات الترقية السياحية في الجزائر، توفير الإطار القانوني الملائم والمناخ السياسي لتشجيع المستثمرين الأجانب في المجال السياحي، استثمار التنوع الثقافي واللغوي الذي تزخر به الجزائر، وجعله آلية جذب للسياح الأجانب. إنشاء لجنة وطنية تابعة لرئاسة الجمهورية تضع خطة للنهوض بقطاع السياحة، وتودع تقاريرها وتوصياتها لرئيس الجمهورية، تشجيع الصناعات التقليدية التي تعدّ عامل جذب سياحي، إعتبار السياحة في الجزائر ركيزة من ركائز الاقتصاد البديل، تشجيع الروح المقاولاتية عند الطالب الجامعي في الجزائر خدمة لزاوية الإهتمام بالسياحة. وتجدر بنا الإشارة إلى أن اللقاء حضره ممثلون عن وزارة السياحة والصناعات التقليدية لإثراء النقاش، نذكر منهم السيدة محفوظ مليكة، والسيدة نادري عائشة، وقد تكلمتا عن التسهيلات التي تمنحها الوزارة الوصية للمستثمرين وعن المخطط التوجيهي السياحي 2025، وبرنامج 2030 الذين شرعوا في تطبيقه بالأخص المشاريع، وقد بلغت المشاريع إلى حد الساعة 800 مشروع في طريق الإنجاز مع منح تسهيلات وامتيازات للمستثمر مع مرافقته تقنيا. وذكرت السيدة نادري بعض مشاكل الاستثمار السياحي، ومنها الجانب المالي الذي يتسبب في المماطلة والتأخير في إنجاز المشروع. هذا، وقد حضر الافتتاح الرسمي للملتقى الوطني، والي ولاية البليدة، بمعية المنتخبين، ورئيسة الجمعية، السيدة وحيدة بن يوسف. _________________________ قالوا عن الملتقى: الدكتورة نسيسة فاطمة الزهراء رئيسة الملتقى: لقد أعلنا عن هذا الملتقى في شهر مارس الماضي، وحددنا يوم 30 أفريل كآخر أجل لاستقبال المداخلات، وقد تعددت المحاور، فحاولنا الإلمام بالمجال السياحي من أجل استثمار اليقظة السياحية، وقد وصلتنا أكثر من 500 مداخلة، وقد انتقت منهم اللجنة العلمية بعض المداخلات القيمة، وقد تنوعت مابين المداخلات الشفوية في الجلسة الرئيسية والمداخلات الشفوية في 4 ورشات، وحوالي 50 ملصوقة لطلبة الدكتوراه بغية منحهم فرصة لعرض بحوثهم وتعويدهم على القيام بمثل هذه التظاهرات، ولاحظنا من خلال المشاركات والحضور والمناقشات، أن الملتقى قد نجح، ونتمنى أن تؤخذ التوصيات بعين الاعتبار من الجهات الوصية.
أستاذة شيخ هجيرة مشاركة من جامعة الشلف: قدّمتُ مداخلة بالملتقى، حملت عنوان: " الذكاء الإستراتيجي ودوره في النهوض بالقطاع السياحي بالجزائر"، انطلقت من فكرة المتغير الأول والثاني، أي الذكاء الاستراتيجي و القطاع السياحي، وليس المؤسسة السياحية، على أمل أن إصلاح القطاع ينتج عنه إصلاح هذه الأخيرة. وقد طرحت سؤال أساسي: هل يعتبر الذكاء الإستراتيجي دعامة للنهوض بالقطاع السياحي في الجزائر؟، و عالجت من خلاله: الإطار النظري للذكاء الإستراتيجي كرهان لتحقيق النجاح الإستراتيجي، وتطرقت أيضا إلى توظيف المقومات السياحية للجزائر، وواقع استغلالها وتطورها، وكانت دراستي مدعمة بإحصائيات ومنحنيات بيانية، ختمتها بنتائج وتوصيات. دكتور أحمد طيلب أستاذ علوم سياسية بجامعة خميس مليانة: تشرفت بحضوري وبمشاركتي في هذا الملتقى، وأيضا كعضو باللجنة العلمية، وشاركت أيضا بمداخلة حملت عنوان: "محددات الأمن السياحي "، أبرزنا من خلالها ثقافة الأمن كصناعة، وكذلك سلطنا الضوء على السياحة في بعدها الأمني، وتحدثنا عن دورها وعنها كخيار إستراتيجي في دعم الاقتصاد الوطني، حيث نقصد بالأمن السياحي الثقافة والسلوك والقيم التي يجب أن يتحلى بها الأفراد، انطلاقا من منظومة اجتماعية بمساعدة المؤسسات الاجتماعية، وهذا ما يساهم في خلق الذات الأمنية السياحية للفرد، وفي الأخير أود أن أضيف أن الملتقى خلص إلى مجموعة من النتائج، من بينها: ضرورة دعم السياحة بكل أنواعها اإنطلاقا من إحصائيات دقيقة وإشراك كل الفاعلين على المستوى الرسمي وغير الرسمي.
دكتور كاف موسى مشارك من جامعة برج بوعريريج: شاركت بالملتقى الوطني حول الاستثمار السياحي بولاية البليدة بورقة بحثية حملت عنوان: " الوعي السياحي ضمان للخصوصيات السوسيوثقافية للمجتمع الجزائري "، قراءة سوسيولوجية ركزت من خلالها على صناعة المواطن " المضيف" باعتباره الفاعل الرئيسي أو الأساسي في عملية استقبال السياح، وركزت أيضا بمداخلتي على معالجة معادلة العلاقة مابين المضيف وخصوصياته والسائح، باعتبار أن الجزائر منطقة غنية بالثروات المادية "الطبيعية" والرأسمال البشري، ومن حيث الثروات المادية الطبيعية. وإن تحدثنا عن العنصر البشري، فالشباب يمثل مانسبته 70 بالمئة، وبالتالي إن أردت أن تصنع السياحة فاصنع الإنسان، من خلال تحفيز الفاعلين الاجتماعيين والمجتمع المدني والإعلاميين حتى يلعبوا أدوارهم التوعوية، هذا إلى جانب تشجيع الشباب الناشطين بمواقع التواصل الاجتماعي، والذين ينشطون في مجال الترويج السياحي، فضلا عن تشجيع الوكالات السياحية والعمل على ترويج الجزائر كمقصد سياحي وتنشيط السياحة الداخلية والخارجية، وتفعيل دور السفارات الخارجية للنشاط أكثر بهذا القطاع. إعداد وتصوير آمال إيزة