بدأ موضوع تأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة وتمديد عهدة الرئيس بوتفليقة يصنع الحدث في الجزائر من خلال الخرجات المتكررة لبعض رؤساء التشكيلات السياسية المساندة للمبادرة التي أطلقها حزب عمار غول وتبنتها هيئة التحالف الرئاسي. إلا أن هذه المبادرة لا تعكس حقيقة ما يدور في الساحة السياسية حيث هناك تباين صارخ بشأن آراء الطبقة السياسية حول الموضوع بين مؤيد ومساند للمبادرة وبين معارض ومندد للإجراء متسائلا عن مدى صحة المعلومات التي كشفت عن التحضير لعقد ندوة وطنية منتصف جانفي المقبل لدراسة الموضوع والفصل في القضية. أول إعلان عن طلب تمديد عهدة الرئيس بوتفليقة وتأجيل الانتخابات الرئاسية جاء على لسان رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري الذي اقترح فترة انتقالية لكن بشروط لم تعجب قادة التحالف الرئاسي الذين رفضوا الفكرة. لكن بالقابل التف التحالف الرئاسي حول مبادرة حزب تاج حين طالب رئيسه بتمديد فترة حكم الرئيس بوتفليقة وتأجيل الانتخابات الرئاسية وعقد ندوة وطنية يتم خلالها دراسة المقترح وتفصيله من جميع جوانبه. وقد كانت هذه الخطوة متبوعة بإعلان بوشارب باسم قادة التحالف خلال مؤتمر تاج ” تبني الهيئة للمبادرة واستعداد الإئتلاف الرئاسي للعمل في هذا الاتجاه من أجل الوصول إلى الهدف المرجو ألا وهو تمديد فترة حكم الرئيس بوتفليقة وتأجيل الانتخابات الرئاسية”. وهو الموقف الذي كشف عن تناقض صارخ في موقف كل من الأرندي وحزب أمبيا اللذين عبرا في وقت سابق عن تمسكهما بإجراء الانتخابات الرئاسية في وقتها ولا مجال للحديث عن التأجيل حين أعلن أحمد أويحيى خلال عقد الأرندي الندوة الوطنية للمرأة شهر أكتوبر الماضي بزرالدة أن ” الانتخابات الرئاسية المقبلة ستجرى في وقتها المحدد ولا مجال لتأجيلها”. كما سبق لعمارة بن يونس وأن كشف عن موقف حزبه من الرئاسيات وعدم دعمه لعهدة خامسة إلا في حالة إعلان الرئيس بوتفليقة عن موقفه رسميا. إلا أنه بالمقابل تعالت أصوات في الجانب الآخر تطالب بالعدول عن فكرة التأجيل وتمديد عهدة الرئيس على غرار الوزير الأسبق ورئيس المنتدى العالمي للوسطية أبو جرة سلطاني الذي أكد ” استحالة تأجيل الانتخابات الرئاسية القادمة” وقال أنها ” ستجرى في موعدها الدستوري نظرًا لعدة اعتبارات” في وقت يعتقد أن “الوقت ما زال غير مناسب ليُعلن الرئيس بوتفليقة عما يدُور في رأسه لأن مسؤوليته الأساسية الأولى استدعاء الهيئة الناخبة منتصف شهر جانفي القادم”. وبحسب سلطاني فإن ” الحديث عن تأجيل الرئاسيات من حيث التوقيت غير ممكن وأنه من خلال التصريحات الشبه رسمية يتأكد أن الانتخابات ستجرى في آجالها الدستورية المقرّرة منتصف شهر أفريل 2019، وأن رئيس الجمهورية سوف يستدعي الهيئة الناخبة في آجالها منتصف شهر جانفي من نفس العام”.وبالتالي يواصل سلطاني ” صناع القرار في الجزائر يسعون إلى المحافظة على هذا المكسب الدستوري بضبط رزنامة الانتخابات المحلية والوطنية والرئاسية في آجالها المقررة دستوريًا” وأن ” مسألة تمديد العهدة الرئاسية لسنة أو سنتين هي مسألة يملكها الرئيس شخصيًا ولا يستطيع أي حزب تأكيدها أو نفيها”. من جهته عاد رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري إلى الحديث عن قضية تأجيل الانتخابات الرئاسية والعهدة الخامسة، معتبرا أن ” القرارات التي تتبناها حمس نابعة من مؤسساتها ولا تملى عليها”. وقال مقري ” ليكن في علم من يهمه الأمر أنه ليس هناك من يحدد موقف الحركة بدلا عنها أو يستطيع أحد أن يتوقعه أو يميعه بإفراغ مبادرات ت الحزب وتمييعها بالنسبة لاستحقاق 2019″. وأضاف أن ” مؤسسات حمس ستتخذ الموقف بناء على التطورات السياسية ومن أهمها إعلان رئيس الجمهورية الذي لا يفصلنا عنه إلا أسابيع قليلة”.في حين اعتبر محسن بلعباس رئيس الأرسيدي أن ” فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية ليست من مقترح الرئيس بوتفليقة كونه رجل حريص دائما على تنظيم الانتخابات في الوقت المحدد لها”. وبحسب بلعباس فإن ” عدم احترام المواعيد النهائية الدستورية يعني أن الجزائر تعيش حالة من عدم الاستقرار” وتابع أن ” منذ وصول الرئيس بوتفليقة إلى السلطة يحاول في كل مرة احترام المواعيد الانتخابية لإعطاء صورة جيدة عن الجزائر وأن الأوضاع مستقرة حتى لا تتضرر صورتها بالخارج”. كما يرى رئيس الأرسيدي أن ” تأجيل الانتخابات تتمخض عنها الكثير من العيوب على غرار عدم وجود أي سند قانوني يمكننا الاعتماد عليه لتأجيل هذا الاستحقاق الرئاسي”.ومع ذلك يقول بلعباس أن ” الأرسيدي يؤيد فترة انتقالية لكن تختلف في مضمونها مع تأجيل الانتخابات”، مضيفا أنه ” في الفترة الانتقالية نحتاج إلى الاتفاق على الأولويات والجدول الزمني والمواعيد النهائية مع تحديد مجموعة من المواصفات التي تحدد الشروط المسبقة التي ستكون ملزمة لجميع المتنافسين”. وبالموازاة مع كل هذا الجدل في الساحة السياسية الجزائرية حول تأجيل الرئاسيات المقبلة يجري الحديث عن شروع مسؤولين برئاسة الجمهورية بالتنسيق مع قيادات الأحزاب الكبرى التحضير لندوة وطنية منتصف شهر جانفي تزامنا مع الموعد المفترض لاستدعاء الهيئة الناخبة تحسبا للانتخابات الرئاسية المقبلة.وقالت مصادر أن ” الرئيس بوتفليقة ينوي تنظيم ندوة وطنية يدعو فيها رؤساء الأحزاب والشخصيات الوطنية والنقابات ومنظمات المجتمع المدني للمشاركة في ورشة مفتوحة لتعديل الدستور وقانون الانتخابات والتوافق حول تسيير المرحلة القادمة. مالك رداد