التنمية البشرية القرآنية التنمية الاقتصادية في القرآن الكريم (الجزء الأول) عرف بعض الباحثين التنمية الاقتصادية، حسب المفهوم القرآني، بأنها: “استغلال المجتمع لخيرات الأرض بالعمل الصالح تنفيذا لشرط الخلافة والتمكين، وتحويلها إلى سلع وخدمات لإشباع الضروريات عند حد الكفاية لكافة أفراده عبر تشغيل كامل وتوزيع عادل” وإذا لم يستغل الإنسان تلك القدرات التي وهبها الله له ليعمر الأرض ويبنيها ويستخرج من باطنها الخيرات يكون المجتمع في حالة ضعف وعوز و تخلف، وهذه الحالة عرفها بعض الباحثين أيضا بأنها: “عدم قدرة المجتمع (المستخلف) للوفاء بحاجاته الضرورية مما أدى إلى نقص في حد الكفاية النسبي لأفراده، بسبب عدم قيامه بواجب الخلافة (عمارة الأرض) وعزوفه عن استثمار الموارد المتاحة”، وقيل هي: “نقل المجتمع من الوضع الذي لا يرضاه الله، إلى الوضع الذي يرضاه”. وهذا تطبيقا لقوله تعالى {هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها} هود: 61. وقال بعض العارفين بأن في هذه الآية إشارة إلى وجوب عمارة الأرض بالزراعة والغرس والأبنية. ومما جاء في موسوعة الاقتصاد الإسلامي ما يؤكد تلك الدوافع والحوافز التي تجعل الإنسان ينطلق لعمارة الأرض دون كسل وخمول: “وقد وفر الإسلام الحوافز التي تجعل الإنسان يسعى لتحقيق التنمية من خلال منهجه العظيم في التربية وحث المربين على غرس قيم حب العمارة والنمو في نفوس الأجيال المختلفة حيث ان الله لم يخلق الإنسان في هذه الحياة عبثا بل خلق لرسالة يؤديها هي أن يعمر هذه الأرض بالعبادة والشكر لله عز وجل ليلقى ربه في نهاية المطاف بقلب سليم ونفس مطمئنة. قال تعالى (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) ويقول صلى الله عليه وسلم (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) وورد في الأثر انه صلى الله عليه وسلم قال لمن اخشوشنت يداه من كثرة العمل (هذه يد يحبها الله ورسوله)، ووضع أيضا الحوافز الأخروية والروحية، التي ترغب في العمل وتحث عليه، ومن ذلك قول الله تعالى {ولكل درجات مما عملوا وليوفيهم أعمالهم وهم لا يظلمون} [الأحقاف: 19]. وقوله تعالى {إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا} {الكهف: 30} ومن ذلك قول النبي: (ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة)”. *الكاتب والباحث في التنمية البشرية: شدري معمر علي * [email protected]