– ندعو لخطاب العقل بدل التحامل على المسلمين -خطاب ماكرون موجه لأدعياء الإسلام السياسي -نقبل فكرة تنظيم الإسلام في فرنسا شريطة ألا يمس بمصلحة المسلمين -لا نلتفت للهجمات التي لا تصدر عن جهات رسمية -نؤكد رفضنا التام لاستغلال الدين لأغراض سياسية -لا يمكن أن يختلف موقف مسجد باريس الكبير عن موقف الجزائر -قضيتنا المشتركة إنسانية أساسها الحوار والتعايش وقبول الآخر -لم يصدر شيء رسمي يوحي لنا بتغير موقف الدولة الفرنسية -ما نعده نحن إزدراء الأديان يعد في الثقافة الفرنسية حرية تعبير
يتحدث المدير العام لمسجد باريس الكبير، محمد لوانوغي، في هذا اللقاء مع "الحوار"، عن خلفيات الهجمة الشرسة على الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون في هذه الفترة بالذات، ليؤكد أنه من حقنا استنكار نشر الرسوم المسيئة للرسول الكريم، لكن ليس بالعنف، ويغوص في انعكاسات ذلك وتأثيره على الجالية المسلمة في فرنسا، ويقدم رأيه في كيفية تعامل مسجد باريس مع الحملات المغرضة ضد الإسلام، فيما دعا إلى معالجة الأمر بالحكمة وبالحوار الهادئ وعدم الانسياق وراء كل ما يبث من جهات غير موثوقة المصدر، مشددا أن مسجد باريس موقفه الصريح في قبول فكرة تنظيم الإسلام في فرنسا، شريطة ألا يمس بمصلحة المسلمين. – كيف تقرؤون خلفيات الهجمة الشرسة على الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم من قبل الرئيس الفرنسي ماكرون في هذه الفترة بالذات؟ بداية لا بد أن نضع الأمور في نصابها وفي حجمها ولا نعطيها أكثر مما تستحق، ما حدث وما يحدث حاليا ننظر إليه في سياقه ولا نعطيه أي بعد خارج هذا السياق، بمعنى أن هناك حادثا إرهابيا ونحن متفقون جميعا على ذلك، وتصريحات الرئيس الفرنسي جاءت كردة فعل على ذلك. – ألا تعتقدون أن هذه الهجمة الشرسة على الإسلام والمسلمين ستؤثر على الجالية المسلمة في فرنسا؟ الهجمة الشرسة لا نراها إلا من بعض الأصوات الشاذة التي تؤججها حملات إعلامية مترامية الأطراف ولا تمثل بأية حال الموقف الرّسمي للدولة الفرنسية. وإذا ما استمرت الحملات العدائية لبعض هذه الأصوات فمؤكد أنها ستؤجج نار الفتنة وستكون لها عواقب وخيمة على المجتمع الفرنسي بمختلف أطيافه، لكننا قبل كل شيء نفتح قنوات الحوار حتى مع خصومنا وندعوهم لخطاب العقل بدل بث الكراهية والتحامل ضد المسلمين. – كيف ستتعاملون أنتم كمسجد باريس مع الحملات المغرضة ضد الإسلام؟ موقف مسجد باريس الكبير واضح وصريح، وقد تجلى من خلال المقال الذي كتبه السيد العميد وتم نشره بجريدة لوموند الفرنسية قبل خطاب الرّئيس ماكرون الثاني الذي أعلن فيه موقفه من الانعزالية التي يتبناها بعض دعاة الإسلام السياسي، ومسجد باريس موقفه الصريح في قبول فكرة تنظيم الإسلام في فرنسا، شريطة ألا يمس بمصلحة المسلمين. واليوم أيضا بعد الأحداث الأخيرة، فإن مسجد باريس ينفي كون جموع المسلمين في فرنسا معنيون بالخطاب الأخير للرئيس الفرنسي، والذي يشير إلى فئة معينة تخص أدعياء الإسلام السياسي ولا تمت بصلة إلى المسلمين الفرنسيين. وموقفنا سيظل واضحا وصريحا تجاه المبادرات السياسية عالية المستوى التي من شأنها تعزيز دور المسلمين في مجتمعهم، ولا نلتفت أبدا إلى الهجمات ولا للدعاوى المغرضة التي لا تصدر عن جهات رسمية، كما أننا نؤكد على رفضنا التام لاستغلال الدين لأغراض سياسية، وهو ما صرّح به سيادة العميد في مناسبات عديدة، فموقفنا نابع من يقيننا الراسخ بالتجربة الرائدة التي خاضتها الجزائر وفي محاربة الإرهاب والتطرف، ولا يمكن أن يختلف موقف مسجد باريس الكبير عن موقف الجزائر. – ألا تتخوفون من ارتفاع مؤشرات العنف من الجماعات المتطرفة من كلا الجانبين؟ نؤكد على ما سبق ذكره أن كل صوت شاذ وخارج عن جموع المسلمين وعن الرأي المعتدل لا نلفت إليه ولا يمثل غير نفسه.القضية لم تعد تعني مسلمين أو نصارى، هي قضيتنا جميعا حينما يتعلق الأمر باستغلال الدين لمآرب خاصة ومطامع سياسية، قضيتنا المشتركة هي إنسانية قبل كل شيء، أساسها الحوار والتعايش وقبول الآخر، وهدفها في الوقت ذاته تمكين المسلمين من أداء عباداتهم وواجباتهم الدينية في جو يسوده الأمن الفكري والروحي، ولا يتأتى ذلك سوى بالاعتدال في التوجه وبالتدين السليم الذي ينبذ كل ما يسيء للإسلام. – برأيكم لماذا تغير موقف ماكرون مع الإسلام والمسلمين في الوقت الذي كان من بين الرؤساء المدافعين عن التسامح والتعايش بين الأديان؟ يجب التنوية أولا إلى أنه لا توجد وقائع ولا مواقف رسمية كي نتساءل عن الأسباب. ثم إننا نراقب عن كثب ما يجري في الساحة السياسية والإعلامية والمجتمعية بشكل يومي، ونتواصل مع سياسيين وممثلين للحكومة الفرنسية لأجل دراسة مختلف الملفات المتعلقة بالمسلمين والإسلام في فرنسا، ولم يصدر شيء رسمي يوحي لنا بتغير المواقف السياسية للدولة الفرنسية أو لرئيسها، فلا نعرف كيف يتم تداول ذلك عبر بعض شبكات التواصل الاجتماعي وسائل الإعلام وما مصدره؟ لعلها تكون تخمينات أو تحليلات لخطابه الأخير الذي كان يعني فيه بالدرجة الأولى دعاة الإسلام السياسي الذين يريدون إيجاد دولة موازية للدولة ومنهج حياة خاص يفسد على المسلمين وغيرهم حياتهم، وهذا ما لا نقبله على ديننا ولا على جاليتنا. – هل تعتقدون أن هذه الهجمات ستنسف المبادرات المختلفة الهادفة إلى التعايش بين الأديان وعدم ازدراء الديانات، وهل ستُسْهِمُ هذه المواقف في ارتفاع منسوب الإسلاموفوبيا؟ باعتقادنا لا بد من معالجة الأمر بالحكمة وبالحوار الهادىء، وألا ننساق وراء كل ما يبث من جهات غير موثوقة المصدر. كما أن ما يمكن أن نعده نحن إزدراء الأديان في ثقافتنا يعد في الثقافة الفرنسية حرية تعبير مكفولة بحق القانون، لذا يلزمنا وجود مساحة تفاهم مشتركة للخروج من هذه الأزمة، ولا سبيل لذلك سوى بالحوار ونبذ التطرف والإرهاب كخطوة أولى. وأقول من حقنا استنكار نشر الرسوم المسيء لكن ليس بالعنف، وأن اغلبية الجالية المسلمة بفرنسا تمارس ديانتها في هدوء، وان الإجراءات المنتظرة تمس المتطرفبن.