* خطة استعجالية لتحسين الخدمة العمومية للمياه * التكفل بمناطق الظل من أولوياتنا * سنحارب ظاهرة التعدي على الملك العمومي وسرقة المياه * قطاعنا من السباقين في فتح الباب للشباب وإسناد المسؤولية لهم * أبرمنا أكثر من 400 عقد مع مؤسسات محلية ناشئة * إعادة النظر في قانون الماء للتكفل ببعض المشاكل والفراغات * إزالة العقبات البيروقراطية التي تعرقل إصدار تراخيص حفر الآبار * تحقيق اجتماعي لتقييم وضعية الخدمة العمومية للمياه في كل البلديات * إطلاق تطبيق إلكتروني لتفعيل نظام الشباك الموحد الخاص بخدمات القطاع
* حاوره: نورالدين علواش يؤكد وزير الموارد المائية، أرزقي براقي، أنه من أجل تحسين الخدمة العمومية للمياه، وتنفيذًا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، سطرت دائرته الوزارية خطة استعجالية لتجسيد هذا المطلب، من خلال تبني العديد من المحاور العملية، مشيرا إلى التحقيق الاجتماعي الذي يهدف لتقييم وضعية الخدمة العمومية للمياه في كل البلديات، فيما عرج إلى مناطق الظل، ليؤكد أنها من ضمن اهتمامات برنامج قطاعه. فيما تطرق الوزير أرزقي براقي في هذا اللقاء المطول الذي أجراه مع "الحوار" إلى الكثير من الملفات ذات العلاقة بقطاعه، على شاكلة دعم المؤسسات الناشئة، مشيرا في سياق مغاير إلى إعادة النظر في قانون الماء، بغية التكفل ببعض المشاكل والفراغات، مطمئنا الفلاحين الذين يشكون عدم الترخيص لهم بحفر الآبار، بإزالة العقبات البيروقراطية التي تعرقل هذا المسعى. * ما هي استراتيجيتكم في مجال تحسين الخدمة العمومية في مجال توزيع المياه؟ يشكل توفير المياه في الجزائر المحور الأساسي لكل الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال، إلا أنه وبعد أزمة 2001، اقتضى على السلطات العليا للبلاد إسداء المزيد من الاهتمام لهذا العنصر الحيوي، وحشد المزيد من المياه، وذلك بناءً على نتائج تحليل الوضعية التي عاشتها الجزائر آنذاك، والذي كانت نقطة انطلاق نحو سياسة جديدة خاصة مع الأريحية المالية التي عرفتها البلاد من جراء ارتفاع سعر البرميل الخام للبترول. كل الجهود المبذولة كانت تهدف أساسا إلى توفير الماء للمواطن، والذي يعتبر حقا دستوريا واجب المحافظة عليه للأجيال القادمة، والذي تمركز أساسًا على المحاور الأساسية، أولها إنجاز السدود والحواجز المائية، ويهدف هذا المحور إلى حشد المزيد من هذا المورد الهام والجزائر بتعداد (81 سدًا) بطاقة استيعابية تقارب 8 مليارات م3، وإنجاز التحويلات الكبرى للمياه، إذ ارتكز هذا المحور على إنجاز التحويلات انطلاقا من السدود المنجزة لتزويد العديد من المدن بالمياه الصالحة للشرب، على سبيل الذكر قد تم إنجاز أكثر من 60 مشروع تحويل المياه الصالحة للشرب خلال الفترة الأخيرة، ضف إلى ذلك محطات تحلية مياه البحر التي ساهمت بشكل فعال في تخفيض الضغط على الطلب، مع إعادة تأهيل شبكات المياه الصالحة للشرب للمدن، ويرافق هذا المحور جل مشاريع التحويلات، انطلاقا من وجوب المحافظة على المياه من الذهاب لشبكات مهترئة، لذلك قام القطاع بصرف أكثر من 80 مليار دينار في إعادة تأهيل شبكات المياه الصالحة للشرب، خاصة التي مستها التحويلات، بالإضافة إلى المجهودات التقنية والمالية التي بذلتها الجزائر، اصطحب هذا العمل إجراءات تسييرية قانونية ومؤساستية. من ضمن التزامات السيد رئيس الجمهورية القضاء على تذبذب في توزيع المياه، وعليه يتوجب علينا القول بأن الجزائر توفر ما يساوي 4 مليار متر مكعب من المياه الصالحة للشرب لضمان احتياجات ما يقارب 43 مليون ساكن، وبحصة يومية تساوي 180متر3/يوميا/لكل ساكن. ومن أجل تحسين الخدمة العمومية للمياه، وتنفيذًا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية، قمنا بخطة استعجالية لتجسيد هذا المطلب من خلال تكثيف عمليات حشد الموارد المائية، خاصة إنجاز الآبار في المناطق المعزولة، وعند الاقتضاء ضمان التزويد بالصهاريج، إعطاء نفس شبابية جديدة لتسيير الموارد المائية عبر مختلف وحدات الجزائرية للمياه، وعبر كل الجزائر إن شاء الله، وقد انطلقنا في تجسيد هذه العملية، وهي متواصلة عبر مختلف ربوع وطننا الشاسع، إضافة إلى شن حملة واسعة النطاق من أجل محاربة ظاهرة التعدي على الملك العمومي وسرقة المياه، توعية وتحسيس المواطن بأهمية هذا المورد وإلزامية ترشيد استعماله لضمان حق الأجيال القادمة والقيام بتحقيقات ميدانية للوقوف على الأسباب الحقيقة للوضعية المعاشة، من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة والصارمة في هذا الشأن، فاستراتيجية قطاع الموارد المائية تهدف أساسا الى التكفل بالمواطن وتحسين جودة الخدمة العمومية، إعطاء الأولوية لتحلية مياه البحر والمياه الجوفية وكذا المياه المصفاة، والتكفل بمناطق الظل والتجمعات السكنية المنعزلة وغيرها الموجودة في المناطق الداخلية أو على حواف المدن. قدمتم مؤخرا عرضا أمام أعضاء الحكومة حول تحيين الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفيضانات.. كيف يمكن لهاته الاستراتيجية أن تعزز قدرة مدننا على التصدي في حال حدوث الخطر؟ وما هي الأسباب التي تقف وراء هاته الظاهرة (الفيضانات)؟ لقد قمنا بعرض الاستراتيجية الوطنية لحماية وتسيير المدن من مخاطر الفيضانات على أعضاء الحكومة، والتي تم تبنيها من طرف هاته الأخيرة، فيما يتعلق بالشطر الأول من سؤالكم، يجب أن نعلم أن الفيضانات هي ظاهرة طبيعية مرتبطة بالتغيرات المناخية، يجري حاليا تطوير الاستراتيجية الوطنية التي تم وضعها آفاق 2030 من أجل إمكانية تطبيقها على مستوى كل التراب الوطني، وهو ما تترجمه خطة العمل المشتركة بين الوزارات التي تهدف بشكل أساسي إلى ضمان سلامة كل المواطنين في المناطق المعرضة للفيضانات. وتعتمد هاته الاستراتيجية على خمسة توجيهات، أولها تحسين معرفة المخاطر، وتقليل من الهشاشة البنية، وإعادة توجيه سياسة التدابير الهيكلية، مع التهيئة المستدامة للأرضية، وأخيرا تطوير التعاون المؤسساتي. وكل اتجاه استراتيجيي يضم عددا من التدابير الهيكلية وغير الهيكلية التي تساهم بشكل أو بآخر في تسيير مخاطر الفيضانات. كما تم أيضًا اقتراح تدابير عامة غير هيكلية تتعلق بالأطر القانونية والتنظيمية حوالي 15 مقترحا ذي أولوية. أما بالنسبة للشطر الثاني من سؤالك، حول أسباب ظاهرة الفيضانات، يمكن أن تكون الفيضانات طبيعية أو من صنع الإنسان، وغالبًا ما يكون سببها الاثنان في نفس الوقت، فمنذ عام 2016 حدد التشخيص التفصيلي للمشكلة بشكل ملحوظ أن 50٪ من الفيضانات ناتجة عن فيضان الوديان في الوسط الحضري، حيث تم تصنيف الفيضانات، التي تشهدها مختلف مناطق الوطن، من خلال تحليل الخصائص المائية والمورفولوجية والمناخية والهيدرولوجية للبلاد التي أظهرت أن جريان الأمطار في المناطق الحضرية يأتي أولاً بنسبة 48٪، يليه الفيضانات السريعة 21٪، والفيضانات الخاطفة والفيضانات البطيئة على التوالي 12٪ و11٪. من ناحية أخرى، فإن ارتفاع منسوب طبقة المياه الجوفية وارتفاع مستوى مياه البحر هما أقل الأسباب التي يمكن مواجهتها. ضف إلى أسباب أنثروبولوجية والعوامل المشددة للفيضانات، إذ تم تحديد عدد من المشاكل التي تؤدي إلى تفاقم مخاطر الفيضانات، منها التخطيط والاستخدام غير الملائم الأراضي، عدم وجود ميكانيزمات فعالة للتنبؤ والإنذار، العيش في مناطق معرضة للفيضانات، غياب وسائل إدارة الأزمات والتنبؤ والوقاية منها، اهتراء شبكات التطهير أو غير الموجودة في بعض الأحيان، نقص في تسيير النفايات، مشكلة صيانة مجاري المياه وشبكات تصريف الأمطار، نقص التنسيق بين الجهات الفاعلة، مع المشاكل المتعلقة بحماية الأحواض وعدم تطبيق اللوائح التنظيمية. هذا بإيجاز، وكل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى زيادة المخاطر وتفاقمها وصعب من مجابهتها، ونحن بصدد ترسيم خطط وطرائق تكون فعالة في إدارة الموارد المائية للتغلب عليها والحد من استفحالها. أسديتم تعليمات لمختلف مصالح التابعة لقطاع الموارد المائية عبر الولايات بضرورة العمل على إعطاء استراتيجية الدولة لدعم الشباب؟ هذا ليس وليد تحملي مسؤولية هذا القطاع، بل كان شغلي الشاغل ومن بين أولوياتي في مختلف المناصب التي شغلتها، وأنا ابن هذا القطاع، وأضع هذا التوجه هدفا في رفع المؤسسة وتنويع عطائها وزرع أصحاب الشهادات، خاصة في مجال الماء بكل فروعه من قبل شباب حديثي التوظيف. واليوم هي فرصة أقولها، لقد كان قطاعنا من السباقين في فتح الباب وتثمين قدرات الشباب في إسناد المسؤولية لهم، وهذا لضخ دم جديد في القطاع، يؤهله إلى المزيد من الحيوية والنشاط، وقد التزمت بدعم المؤسسات الناشئة للشباب عبر ترابنا الوطني من خلال إعطائها الفرصة في إنجاز المشاريع التنموية الخاصة بقطاعنا، حيث أمضت المؤسسات التابعة للقطاع أكثر من 400 عقد على المستوى الوطني مع مؤسسات محلية ناشئة، وعقد اتفاقيات مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالمؤسسات المصغرة، حيث وقعَّت المؤسسات التابعة لقطاع الموارد المائية اتفاقية إطار مع الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب "أونساج" لتشجيع المؤسسات الصغيرة على تطوير أدائها والمشاركة في إنجاز المشاريع المسطرة في القطاع لتنفيذ البرنامج الاستعجالي الذي تم وضعه لمحاربة ظاهرة التسربات المائية على المستوى الوطني. أشرفتم مؤخرا على إعطاء إشارة انطلاق عملية تشجير واسعة من ضفاف وادي الحراش، تحديدا شطر بن طلحة ببراقي، على أن يستمر التشجير ليبلغ كل ربوع الوطن وبمشاركة 100 ألف عامل بقطاع الموارد المائية، هذه الخطوة الكبيرة جاءت على خلفية عمليات حرق الكثير من غابات الجزائر في توقيت واحد.. ما هي الرسائل التي أردتم إيصالها من خلال عملية التشجير؟ بعد الحرائق المهولة التي طالت العديد من الغابات وتسببت في خسائر مادية منها إتلاف الغطاء النباتي، الأمر الذي دفعنا إلى إطلاق حملة تشجير واسعة لغرس مليون شجرة عبر كامل التراب الوطني، بمشاركة كل عمال قطاع الموارد المائية، بحيث كنا من السباقين الأوائل للقيام بهذه العملية التضامنية، والتي تصب في دعم مجهودات الحكومة في تحسين المستوى المعيشي للمواطن بالحفاظ على محيطه البيئي. للتنويه، هذا النوع من المبادرات يعد من تقاليد القطاع، حيث نقوم بعملية التشجير سنويا، إذ تم غرس أكثر من 2 مليون شجرة على مستوى الأحواض المنحدرة حول السدود عبر كامل التراب الوطني، ومن هذا المقام أتقدم بالشكر الجزيل لكل عمال وموظفي قطاع الموارد المائية وكافة المؤسسات التابعة له، في إنجاح هذه العملية الوطنية، ونحن بإذن الله نسنها سنة حميدة لتتواصل وتتعدد بغية إنعاش ثروتنا الغابية والحفاظ على سدودنا وأحواضنا وحمايتها. وقَّعتم اتفاقية بين المؤسسات التابعة للقطاع، لإنشاء مكتب دراسات متعدد التخصصات ذي بعد وطني.. لو حدثتنا عن الهدف المرجو من خلال إنشاء هذا المكتب؟ كما تعلمون.. تلعب مكاتب الدراسات دورا مهما وأساسيا، وهي الخطوة الأولى لأي مشروع، وليس فقط على مستوى قطاع الموارد المائية، والتي تعد من حيث الحجم والضخامة مشاريع كبرى واستراتيجية، وعليه يستوجب علينا اللجوء إلى مكاتب دراسات تكون على قدر مستوى هذه المشاريع، ومن هنا اتخذنا هذا القرار بإنشاء مكتب دراسات موحد ومتعدد التخصصات يتشكل من إطارات المؤسسات التابعة للقطاع، والتي اكتسبت خبرة كبيرة وطويلة في مجال إنجاز مختلف المشاريع الكبرى المتعلقة بالقطاع، عن طريق إنجازها مباشرة أو الإشراف عليها، كل هذا في إطار استراتيجية الدولة التي تهدف إلى الاعتماد على الكفاءات الوطنية في شتى المجالات، وكما تعلمون أيضا كانت أغلب الدراسات تقوم بها مكاتب دراسات أجنبية، وكانت تكلف الدولة أموالا باهضة ومكلفة من العملة الصعبة، وعليه، فإن هذا الخيار سيساهم لا محالة في تخفيض وتقليص النفقات بالعملة الصعبة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى الصعوبات والعراقيل التي واجهناها في إنجاز المشاريع التي أنجزت دراساتها من قبل مكاتب أجنبية، خاصة في ظل الأزمة الصحية والإجراءات الاستثنائية المتعلقة بالحضر الذي فرض على الرحلات الدولية، مما منع إطارات هذه المكاتب من السفر من وإلى الجزائر ومواصلة عملهم، هذا ما أدى إلى توقف تام للمشاريع التي عرفت هذه المشاكل، لأن مواصلة إنجاز الأشغال يجب أن يكون بمرافقة مكاتب الدراسات، وهذا أيضا ما شجعنا على قرار إنشاء هذا المكتب، إدراكا منا بضرورة التخلص من التبعية للخارج في هذا المجال، والاعتماد على أنفسنا وإعطاء الفرصة للكفاءات الوطنية التي أبانت عن خبرة ومسؤولية كبيرة في هذا الميدان، وكلي أمل في نجاح ما أقدمنا عليه راجيا من المولى العون والسداد. أعلنتم إعادة النظر في القانون المتعلق بالماء لتكييفه مع الوضع الجديد.. هل يمكن أن نعتبر أن القانون الحالي لا يتلاءم مع المعطيات الجديدة؟ إن إعادة النظر في قانون 12/05 الذي تم إقراره سنة 2005 بات مطلبا ملحا وضروريا، وذلك من أجل تكييفه بما يتماشى مع الوضع الحالي ومع الإمكانات المتاحة والتغيرات المناخية التي تعرفها المنطقة، فلا بد من استغلال موارد غير تقليدية للتزود بالماء، كما يعد تثمين المياه غير التقليدية، خصوصا إعادة استعمال المياه المصفاة في مجال الفلاحي والصناعي وكذا تفعيل شرطة المياه عبر إعادة النظر في تشكيلتها وتنظيمها من أولويات هذا الإصلاح. وفي ذات الإطار، إن إعادة النظر في قانون الماء يأتي للتكفل ببعض المشاكل والفراغات التي عاقت تحقيق أهدافنا المرجوة، وكذلك أصبحت غير ملائمة مع الوضع الحالي والتطور الحاصل في شتى المجالات الأخرى، حيث سيتم إدراج في طيات القانون الجديد تدابير استشرافية للتكفل بهذه المادة الحيوية. قمتم بالإشراف على الكثير من التجمعات الشعبية خلال الحملة الانتخابية للاستفتاء على الدستور.. الآن وبعد مصادقة الشعب على هذه الوثيقة، لو عَدَّدْتُمْ لنا أهم ما حمله الدستور الجديد للجزائريين فيما يخص القطاع؟ إنني أثمن روح الدستور الجديد كونه مستنبطا من طموحات الأمة، التي عبر عنها الشعب في مطالبه خلال الحراك الشعبي الأصيل؛ هذا الدستور الذي جاء بإضافات استشرافية، ليبرز مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث ولا هيمنة واحدة على أخرى من خلال عدالة شفافة ومستقلة. ولكوني على رأس قطاع الموارد المائية، يسعدني أنني حظيت في هذا الدستور الجديد ما يثمن هذه المادة الحيوية، التي تعد أساس عصب الحياة، كما قال المولى العزيز في كتابه الحكيم ۞ وجعلنا من الماء كل شيء حي ۞ بما جاء في الدستور في صِيغَتِهِ الجديدة، ولأَول مرة خصص مادتين منه، وهما المادة 21 والمادة 63 اللتان تَنُصَّان صراحةً على أن الدولة تسهر على توفير المياه الصالحة للشرب لجميع المواطنين بدون استثناء، كما تسهر أيضا على حماية هذا المورد الحيوي للأجيال القادمة. نصَّبتم فريقا مكلفا بإطلاق وتأطير عملية تحقيق اجتماعي على المستوى الوطني بهدف تقييم وضعية الخدمة العمومية للمياه في كل البلديات والأحياء.. أين وصلت العملية؟ في إطار تنفيذ عملية التحقيق الاجتماعي الوطني المتعلقة بتقييم الخدمة العمومية للمياه، تم القيام بالعديد من الإجراءات التحضيرية والتي لا تزال جارية، لا سيما المتعلقة بالجوانب التنظيمية على مختلف المستويات: على المستوى المركزي، تم تشكيل لجنة متابعة التحقيقات ومراقبة تطورها في الميدان، مع تحسيس الولاة من أجل السهر على ضمان حسن سير التحقيقات على مستوى ولاياتهم، والتواصل مع وزارة العمل والضمان الاجتماعي، من أجل تسهيل عمليات توظيف 5000 محقق لفائدة الوكالة الوطنية للتسيير المدمج للموارد المائية، من خلال وكالات التشغيل عبر الوطن؛ أما على مستوى الوكالة الوطنية للتسيير المدمج للموارد المائية، المُكلفة بتنفيذ عمليات التحقيق، فقد تم إعداد برنامج لتنفيذ التحقيقات، وتسخير ما لا يقل عن 200 إطار على مستوى 48 ولاية، مهمتهم تكمن في التأطير والإشراف عن قرب على سيرورة التحقيقات، وتنظيم اجتماعات تنسيقية على مستوى 48 ولاية، تهدف إلى تعبئة الموظفين من قطاع الموارد المائية والجماعات المحلية حول هذه العملية التي ستُجرى في مناطقهم، ووضع لجان متخصصة من أجل توظيف المحققين على المستوى المحلي، لمدة محددة، مع تنفيذ عمليات اختيار المحققين على مستوى 1541 بلدية. وفي الأخير، تجدر الإشارة إلى أن الوكالة الوطنية للتسيير الموارد المائية، قامت بإعداد منتدى مخصص للمناقشات حول المشروع. es.agire.dz قمتم بالعديد من الزيارات الميدانية للولايات في الآونة الأخيرة.. كيف وجدتم حال القطاع محليا، وكيف ساهمت هذه الزيارات في تلبية انشغالات الساكنة؟ تسمح لنا الزيارات الميدانية على مستوى الولايات بالوقوف على وضعية القطاع محليا، وذلك بتفقد المشاريع المنجزة والوقوف على المشاريع قيد الإنجاز والاضطلاع عن قرب على وتيرة تقدم الأشغال فيها، والتي تصب جلها لصالح المواطن في تحسين الخدمة العمومية للمياه الموجهة له. وتعد مناطق الظل من أولويات برامج قطاع الموارد المائية تنفيذا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية، حيث تم وإلى غاية اليوم إنجاز 700 مشروع (مشاريع ربط القنوات، محطات ضخ ،تركيب العدادات و غيرها…) لتبلغ بذلك نسبة توصيل هاته المناطق بالمياه الصالحة للشرب بين 85 الى 90 بالمائة، والعملية مستمرة كأولوية في قطاعنا للموارد المائية. هل هناك مشاريع جديدة لإنجاز السدود، وهل تعتبر السدود الموجودة حاليا كافية لتلبية حاجيات السكان؟ بالفعل، هناك 05 سدود أخرى قيد الإنجاز، وأكثر من 25 دراسة سدود تم الانتهاء منها وجاهزة للانطلاق في الوقت المناسب إن شاء الله. بالنسبة للسدود المنجزة وعددها 81 سدًا في طور الاستغلال، في الوضع الطبيعي، وبصرف النظر عما نشهده حاليًا من انخفاض وشح في تساقط الأمطار، في أنحاء الوطن، فإن كمية المياه المحتشدة كافية لتغطية احتياجات للسكان في مناطق تواجدهم. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تلبية حاجات المواطنين من المياه ليس مصدره فقط من السدود، بل هناك المياه الجوفية من خلال الآبار ومحطات تحلية مياه البحر. الحكومة تسعى لتطوير الفلاحة الصحراوية.. ما هي خطة الوزارة لتوفير الثروة المائية بالجنوب الكبير؟ إن القفزة النوعية التي عرفتها ولاياتنا الجنوبية، أو إن صح التعبير الصحراوية، من حيث المساهمة في تغطية الحاجيات الوطنية من الإنتاج الفلاحي بفضل توسيع الرقعة الفلاحية المسقية، التي عرفت منذ سنة 2000 زيادة قدرها 200.000 هكتار بمعدل 10.000 هكتار سنويا المسقية أساسا عن طريق المياه الجوفية. هذه الحصيلة الإيجابية تمت بالدعم القوي للدولة لعمليات حفر الآبار في إطار المخطط الوطني للتنمية الفلاحية، وعليه تتوفر المنطقة حاليا على ما يقارب 18.000 نقب و 70.000 بئر. هذا الدعم سيتم الاستمرار فيه بمضاعفة عمليات حفر الآبار العميقة الموجهة للاستغلال الجماعي، بالتنسيق ما بين قطاعي الموارد المائية والفلاحة حول الملف المتعلق بحشد الموارد المائية عن طريق لجنة دائمة مشكلة من إطارات وزارة الموارد المائية، ووزارة الفلاحة والتنمية الريفية. من بين المهام الموكلة لهذه اللجنة، السهر على تنفيذ القرارات المتخذة فيما يتعلق بتحديد المحيطات الفلاحية المزمع إنشاؤها، وكذا تقييم مدى مساهمة المياه الجوفية (الألبيان) ووضع تنظيم يسمح باستغلالها جماعيا، وكذا وضع نظام معلوماتي بين القطاعين حول الزراعة الصحراوية. إعادة النظر في تباين وسلوك الطبقة الجوفية باستخدام النموذج الرياضي le modèle mathématique، تبين إمكانية تجنيد ضعف الأحجام الحالية في هذه المناطق، وعليه سيتم إعادة النظر في التوزيع الجغرافي لوضع تحت تصرف الفلاحة هذه الإمكانات الإضافية من المورد المائي. رغم توفر هذه الكميات الهائلة من المياه الجوفية، يجب علينا أن نعطي الأهمية البالغة للشق المتعلق باقتصاد الماء بالتكفل وبالتحسيس والتوعية والتقييم والمراقبة، وهذا حفاظا على هذا المورد الحيوي للأجيال القادمة في إطار التنمية المستدامة. الكثير من الفلاحيين يشكون التماطل في منح تراخيص لحفر الآبار.. ما ردكم؟ في ظل الظروف الصعبة التي تعرفها بلادنا، مع انخفاض ملحوظ للتساقطات المطرية في عدد من الولايات في السنوات الأخيرة، كانت هناك ردود فعل مشروعة ومستمرة من جانب الفلاحين للمطالبة بإمدادات إضافية من المياه . للأسف، على الرغم من تيسير إجراءات الترخيص لحفر الآبار، لا يزال عدد كبير من الطلبات مقدر ب 8.000 طلب معلق منها 1.000 حالة استفادت من موافقة اللجنة التقنية، بما في ذلك رأي الوكالة الوطنية للموارد المائية. حرصا من السلطات العليا للبلاد لتحرير الطاقات المبدعة لمنتجينا، كانت هناك تدابير تستجيب للحالة الاستثنائية التي تعرفها البلاد، وعند الضرورة سوف تستكمل بأحكام أخرى. وتحقيقا لهذه الغاية جاءت تعليمة وزارية مشتركة رقم 471 المؤرخة في 30 سبتمبر 2020 والمتعلقة بإصدار تراخيص حفر الآبار للفلاحة، والتي تهدف بالأساس إلى تطهير وضعية الانسداد الحالية بإزالة العقبات البيروقراطية التي تعرقل إصدار تراخيص الحفر. من أهم الإجراءات التي جاءت بها هذه التعليمة، الإفراج الفوري عن جميع رخص حفر الآبار المصادق عليها من قبل اللجنة التقنية والمتحصلة على موافقة الوكالة الوطنية للموارد المائية (ANRH)، دراسة كل طلبات الحفر (آبار جديدة، آبار تعويضية أو إعادة تأهيل الآبار) المقدمة إلى الإدارات ذات الصلة، وذلك قبل 31 أكتوبر 2020، ومراجعة حالة بحالة للرخص الممنوحة من قَبْل والتي لم يتم تنفيذها من طرف المستفيدين وإلغائها، في غضون فترة لا تتجاوز ستة (06) أشهر، مع معالجة الطلبات الجديدة (آبار جديدة، آبار تعويضية أو إعادة تأهيل الآبار) التي تحصلت على الرأي التقني للوكالة الوطنية للموارد المائية (ANRH)، في أجل لا يتجاوز خمسة عشر (15) يومًا. ما هي الحلول التي سيقدمها القطاع لوضع حد لمشكل سقي المحاصيل الفلاحية بالمياه القذرة؟ يتوفر القطاع حالياً على قدرة معالجة المياه المستعملة تفوق ال 940 مليون م3/سنة والتي يمكن توجيهها للاستعمال الفلاحي. وعليه، فإن قدرة الإنتاج الإجمالية الحالية تمثل 06% من إمكاناتنا من المياه التقليدية المقدرة ب 17.5 مليار م3. هاته القدرات سوف يتم تطويرها في إطار تنفيذ استراتيجية قطاع الموارد المائية آفاق 2030 لتصل 2 مليار م3/سنة من مياه الصرف الصحي المعالجة، ما يمثل 23% من إمكاناتنا من المياه التقليدية المقدرة ب 17.5 مليار م3. للأسف، رغم توفرنا على هذه الإمكانات الكبيرة المتاحة إلا أنه لا زلنا نسجل ضعفا في استعمال هذا المورد الهام الذي يستغل بنسبة 2%. على هذا الأساس، وجب تثمين الإمكانات الموجودة عبر إستغلال أقصى للمنشآت المنجزة وغير المستعملة مع اللجوء إلى استعمال الموارد المائية غير التقليدية مع تشجيع تعميم إعادة استعمال مياه الصرف المعالجة في الفلاحة. كيف يجد القطاع حلولا للتسربات بالطرقات والأحياء، وما هي خطتكم لمحاربة سرقة المياه؟ لقد التزمت بالتكفل بهذا الموضوع الذي أصبح مستفحلا وظاهرة تكاد تكون منتشرة، وذلك بمحاربة مختلف أنواع التسربات التي تسبب تذبذبات في تزويد المواطن بالماء، حيث قمنا وعلى وجه التحديد بالعمل على إعادة تأهيل شبكات المياه الصالحة للشرب للمدن، وفي إطار رقمنة القطاع بغرض تحسين الخدمة العمومي، قمنا بوضع نظام التحكم والتسيير عن بعد لشبكة التموين بالمياه الصالحة للشرب "Télé-Gestion" عبر وحداتنا في مختلف الولايات على أن يعمم على باقي الولايات، حيث يسمح هذا النظام كمرحلة أولى، مراقبة مستوى المياه في الخزانات مباشرة من مركز التحكم عن بعد، ليتم فيما بعد كمرحلة ثانية فتح صمامات التوزيع ومعرفة كميات الإنتاج والتوزيع في وقتها، ويسمح لمصالحنا بالتدخل والصيانة في مدة جد قصيرة كل ما يتعلق بالتسربات والأعطاب التي تمس شبكة التزويد بالمياه. كما حددنا أهدافا في هذا الشأن، منها العمل على تقليص التسربات بنسبة 30% آفاق سنة2030، وسيكون هذا تحديا لكل إطارات القطاع، يعملون ليلا ونهارا لتحقيقه. هل من زيادات في تسعيرة المياه مستقبلا السيد الوزير؟ لقد أجبت على هذا التساؤل مؤخرا في أحد البلاتوهات وذكّرت مطمئنا الشعب الجزائري أنه لا زيادة في تسعيرة المياه في الوقت الحالي، غير أنني أردت الآن ومن خلال جريدتكم الغراء، أن أوضح للجميع أن الماء مادة ثمينة، وليس له سعر أو ثمن فهو هبة من الرحمن لعباده، فقط نحن نثمن الخدمات التي تعنى بالخدمة العمومية للمياه والتوصيل والتطهير وإعادة الاستعمال والتخزين وغيرها من العمليات المكلفة ذات الصلة بالماء، التي جميعها تدخل في الخدمة العمومية للماء، وتتكفل الدولة بمصاريف وأعباء الاستثمار. نصَّبتم خلية إنصات للتكفل بانشغالات المواطنين.. هل ترون أن هذه الخلية بإمكانها الاستجابة لمشاكل المواطنين؟ في 09 سبتمبر 2020، قمنا بتنصيب خلية جوارية للإنصات والاتصال، يقع مقرها في وزارة الموارد المائية، مهمتها هي التكفل بانشغالات وشكاوى المواطنين وكذا عمال القطاع. تتكون خلية الإنصات من ممثلين عن الوزارة، بالإضافة لكل المؤسسات تحت الوصاية. يهتم المكلفون بهذه الخلية بكل الشكاوى الواردة عن طريق البريد والفاكس وكل وسائط التواصل الاجتماعي أو المنشورة في الصحافة الوطنية، مما سمح بربط قنوات مباشرة مع دوائر القرار، ويرفع من الفعالية والرقابة. من جهة أخرى، وبما أن الخلية متكونة من الإطارات الشابة، فإنني التزمت بإعطائها كل الدعم اللازم لتفجير طاقاتها الإبداعية، بدء بالإمكانات المادية والمرافقة بالتكوين المؤهل. وحسب التقارير الدورية إلى غاية شهر نوفمبر، تم إجمالا دراسة "200" انشغال، وتم التكفل ب "145" انشغالا منهم، والباقي لا يزال بصدد المتابعة حسب اختلاف نوع الانشغال (تذبذب/عدم تزود بالمياه الشروب، مشاكل بشبكة الصرف الصحي، انشغالات عمال القطاع، رخص حفر الآبار، سقي فلاحي، تسربات المياه، خدمة العملاء "الوكالات التجارية"، منازعات قانونية، انشغالات أخرى…). تجدر الإشارة إلى أنه في الفاتح من ديسمبر 2020 تم إطلاق تطبيق إلكتروني لتفعيل نظام الشباك الموحد الخاص بخدمات قطاع الموارد المائية، الذي أطلق بثلاث لغات، وهي العربية والفرنسية والإنجليزية، سيسمح بتحسين تسيير الخدمة العمومية للمياه ومحاربة كل أشكال البيروقراطية من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، وهذا في إطار المجهودات المبذولة من أجل رقمنة القطاع. هذا التطبيق الجديد سيمكن من معرفة المشاكل التي تعترض تقدم بعض المشاريع، بالإضافة إلى تسهيل عملية الدفع الإلكتروني للفواتير وملء طلبات الربط بشبكة المياه الصالحة للشرب على المستوى الوطن،. بالإضافة إلى ذلك سيسمح التطبيق الإلكتروني الجديد، بتسهيل عملية التواصل مع المهنيين والمستخدمين والمؤسسات والمواطنين من أجل المعالجة الفعالة لانشغالاتهم.