دعا عبد المالك سايح المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها المجتمع المدني إلى المساهمة في التصدي لانتشار المخدرات والتحسيس حول خطورتها، مؤكدا على أهمية دوره في مجال المساهمة والتأثير السلمي باعتباره شريكا فعالا في الإجراءات الوقائية خاصة تجاه الشباب. وحثه على التقيد بالمشاركة في الدورات التكوينية المبرمجة ضمن المخطط الوطني لتصدي للظاهرة. شدد مدير الديوان نهاية الأسبوع خلال ملتقى تكويني دام ثلاثة أيام حول إعداد المشاريع الخاصة بالوقاية من المخدرات لفائدة الإطارات العاملة بالجمعيات، على مدى إيجابية هذه الجمعيات في مكافحة هذه الآفة عن طريق التخطيط لحملات توعية تجاه الشباب باستعمال أساليب فعالة منها اختيار الخطاب الصحيح المؤثر للتحسيس حول مخاطر الاستعمال والإقبال على المخدرات. المخدرات القوية أكبر خطر قال ذات المسئول أن ظاهرة المخدرات أصبحت تعرف من يوم الى آخر تزايدا مخيفا سواء من حيث الاتجار أو الاستهلاك و بالتالي أصبح دور الجمعيات أساسيا في المشاركة في مكافحتها، وسجل بهذه المناسبة أن استهلاك المخدرات القوية مثل الكوكايين من طرف الشباب بدأ يعرف رواجا و يغزو أسواق الجزائر. من جهته أوضح عيسى قاسمي إطار بالديوان أن الملتقى التكويني هو نداء للجمعيات لتضع يدها بيد السلطات العمومية في مكافحة الاتجار والإدمان على المخدرات لأن نجاح هذه الأخيرة حسبه مرهون بالتعاون وتضافر جهود الجميع. كما اعتبر اللقاء تعبير عن استعداد الديوان وكل السلطات العمومية للتعاون وفتح المجال للمجتمع المدني للمشاركة بفعالية في مكافحة هذه الآفة الفتاكة، ففي مداخلته قدم قاسمي نظرة وأرقام حول تطور انتشار ظاهرة الاتجار واستهلاك المخدرات في الجزائر مسجلا أن أول إنذار كان في 1975 بعد حجز 3 أطنان من القنب دفعة واحدة. وأشار إلى أن الركود الاقتصادي وظهور بوادر التذمر الاجتماعي ودوامة العنف هي عوامل أدت إلى تفاقم مختلف الآفات منها المخدرات التي اعتبرها خطر حقيقي انتشر بسرعة بدليل ارتفاع نسبة المحجوزات من القنب الهندي ب 100 بالمائة بين سنتي 2002 و.2004 وأوضح أن أنواع المخدرات الأكثر انتشارا في الجزائر هي القنب الهندي والمؤثرات العقلية مؤكدا بهذه المناسبة على أهمية التجنيد الواسع على جميع المستويات ''خاصة بعد تحول الجزائر من منطقة عبور الى منطقة استهلاك. وقال أيضا أن جزء كبير من الإنتاج المغربي للقنب الهندي يمر عبر الموانئ الجزائرية الرئيسية باتجاه أوروبا وأن الكميات الموجهة الى دول أوروبية تقدر ب87ر73 بالمائة في حين 13ر26 بالمائة توجه للاستهلاك المحلي.وفسر قاسمي أن طريق التهريب المفضل هو الحدود المغربية إضافة الى البيض والنعامة وورقلة والوادي مبرزا أن 48 بالمائة من تهريب المخدرات يتم غرب الوطن، مشيرا في هذا الصدد إلى وجود علاقة وثيقة بين شبكات التهريب الوطنية وشبكات التهريب الدولية المتخصصة في الجريمة المنظمة العابرة للأوطان. ''بومبيدو'' تشارك في الحملات التحسيسية وقدم المسئول بهذه المناسبة إحصائيات لكميات القنب الهندي المحجوزة منذ 1992 الى 2008 إذ تم حجز مجموع 4ر116 طن مسجلا أن سنة 1999 عرفت حجز 4ر4 طن و سنة 2004ما يعادل 3ر12 طن و سنة 2007 كمية قدرت ب 5ر16 طن أما سنة 2008 فتم حجز أكثر من 38 طن. و تم حجز خلال سنة 2008 أكثر من 716 غرام من الكوكايين و 54 غرام من الكراك و 381 غرام من الهيروين الى جانب المؤثرات العقلية. أما عن القضايا المقدمة أمام العدالة و الخاصة بالمخدرات فسجل المحاضر أن فئة الشباب البالغ سنهم بين 18 و25 سنة هم المعنيين أكثر بنسبة 11ر43 من مجموع القضايا البالغ عددها 86 832 قضية مسجلة من سنة 1994 الى .2004 وللإشارة فان هذا الملتقى قد برمج لفائدة 34 ممثلا للجمعيات من ولايات الوسط و يؤطره مختصون من الجزائر ومن فرنسا. وعلى هامش الملتقى أشارت ممثلة مجموعة ''بومبيدو'' الفرنسية التي تنشط مع المجلس الأوروبي في المكافحة ضد المخدرات السيدة خيرة مقدم أن التعاون بين الديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها ومجموعة ''بومبيدو'' يرتكز على مجال البحث والجوانب التقنية للحملات التحسيسية. وأضافت أن التعاون بين الجانبين سيشمل قريبا المجال القانوني مشيرة الى أن لقاء سيجري بعد أسبوعين لفائدة القضاة حول تطبيق القانون في مجال مكافحة المخدرات. ومن جهتهم أوضح الخبراء الذين استقدمهم الديوان من فرنسا أنهم سيسعون إلى تقديم تجربتهم الخاصة في محاربة المخدرات وكذا مساعدة نظرائهم الجزائريين من ممثلي المجتمع المدني في إعداد خطة لبرنامج الوقاية ومكافحة هذه الظاهرة على أرض الواقع. وقال هؤلاء أنهم يعتمدون في برنامج عملهم على الوقاية من خلال الاتصال بالجهات القريبة من الشباب كالأسرة والمربين وممثلي الأحياء مثلا الذين بإمكانهم التأثير أكثر من جهة، ورصد الفئات التي تعاني من مشكل ما والمعرضة لتعاطي المخدرات من جهة أخرى. وأشار الخبير أوليفيى رومان من مدينة ميتس الواقعة جنوبفرنسا أن 7 شباب ضمن 10 ممن يقل سنهم عن 17 سنة في فرنسا، تعاطوا مخدرات و لو مرة واحدة في حياتهم مضيفا أن الجزائر بلد معرض لخطر انتشار المخدرات جراء العولمة والتفتح الاقتصادي رغم أنها لا تعرف نفس التفكك الأسري الذي تعرفه فرنسا. وأضاف أن التنظيم الذي يعمل ضمنه يعتمد على الملاحظة أولا ثم تحديد ما يتقبله الشاب ومن هو أكثر مصداقية في نظره وأكثر فعالية و تأثير ومن ثم تأتي مرحلة تحديد الوسيلة المستعملة أما الاتصال المباشر أو باستعمال الانترنيت.