كشفت البروفيسور براهيمي من مستشفى بن عكنون عن تزايد نسبة الإصابة بين الجزائريين بداء النقرس أو ما يعرف أيضا بداء الملوك. وأوضحت براهيمي خلال يوم دراسي تكويني حول أمراض المفاصل نظمته الجمعية الجزائرية لداء الرثية، أن هذا النوع من الأمراض يمكن أن يتسبب أيضا لدى 20 بالمائة من الحالات في قصور كلوي،ما يدل على درجة خطورته في حال إهمال المتابعة الطبية من طرف المريض. أكدت المتحدثة أن 90 بالمائة من حالات الإصابة بداء النقرس la goutte أو ما يعرف أيضا بالتهاب المفاصل المستحث بالبلورات، وراثية، وأنه -وإن كان مجهولا لدى العامة- إلا أنه بدأ يعرف انتشارا متزايدا بسبب توفر العوامل الملائمة للإصابة به، فالجزائر ليست بمنأى عن ارتفاع نسبة المصابين. نحاربه بمحاربة البدانة والخمول قالت الأخصائية في علاج أمراض المفاصل والروماتيزم في محاضرة لها حول داء النقرس، إن من بين أهم العوامل المتسببة في الإصابة به الخمول والزيادة المفرطة في الوزن، لذا يسمى أيضا بداء الملوك نسبة إلى أن حية هؤلاء السابقة التي كانت عبارة عن أكل كثير وشرب ونوم كثير وعدم حركة في جسم بدين مع ترهل في العضلات، فهو مرتبط بالدرجة الأولى بالوزن والحجم ونوع النشاط البدني الذي يمارسه الإنسان، أضافت البروفيسور براهيمي. وعرفت المرض على أنه أحد الاضطرابات التي تلحق بنظام التمثيل الغذائي في الجسم، حيث يتراكم حمض اليوريك وهو احد نواتج التمثيل الغذائي للبروتينات والتي من المفروض أن يتخلص منها الجسم بإخراجها بطرق مختلفة، وإذا لم يتخلص منها فإنها تشكل بلورات إبرية الشكل داخل المفاصل مما يسبب فترات من الألم الشديد والتهاب، ويمكن أن يتجمع حمض اليوريك أيضا تحت الجلد في جيوب تسمى التُوف ihpoT أو في القناة البولية على شكل حصيّات كلوية. تتم معالجة حمض اليوريك، حسب شروحات الأخصائية، في الأحوال الطبيعية، بواسطة الكليتين حيث يتم إخراجه مع البول، غير أنه إذا أنتج الجسم كميات من حمض اليوريك تفوق قدرة الكليتين على معالجتهما أو كانت الكليتان لا تؤديان وظيفتهما على أكمل وجه، فإن التوازن يختل ثم يتراكم حمض اليوريك في المفاصل، حيث يعمل على تهييج وإلهاب الغشاء المفصلي والأنسجة الأخرى المجاورة مما يسبب الألم والاحمرار والسخونة والتورم بالمفصل. حتى وإن كانت هناك إصابات غير وراثية، فإن غالبية الحالات وراثية. ويصيب هذا الداء الرجال أكثر من النساء من هم في سن ما بين 30 إلى 50 سنة، أما لدى النساء فنادرا ما يحدث قبل بلوغهن سن اليأس أي قبل انقطاع الدورة الشهرية. وتقل احتمالات الإصابة لدى المسنين بين الرجال والنساء على حد سواء. كما أكدت البروفيسور، موضحة أن أكثر المفاصل عرضة لهذا المرض هو المفصل الذي يصل أصبع الإبهام بالقدم، ولو أن مرض النقرس يمكنه أن يصيب أي مفصل آخر بالجسم بما فيها مفاصل العمود الفقري نفسه، غير أنه تندر إصابة مفصلي الحوض والكتف بهذا المرض. البروتينات الحيوانية من بين عوامل الإصابة بينت البروفيسور خلال مداخلتها، أن مرض النقرس أو التهاب المفاصل المستحث بالبلورات يحدث نتيجة زيادة نسبة أملاح حمض اليوريك في الدم، مما يؤدي إلى ترسبها في الأغشية الداخلية للمفصل وعظام المفصل حيث تحدث الآلام المميزة للمرض. ويزيد من ارتفاع نسبة حمض اليوريك في الدم وظهور هذه الأعراض، الإكثار من تناول البروتينات الحيوانية، تناول بعض المستحضرات الطبية كخلاصة الكبد، التعرض للجراحات في مناطق الإصابة، السمنة وارتفاع مستوى الكولسترول في الدم، تناول الأدوية المدرة للبول، قصور الغدة الدرقية، مرض الكلى، وارتفاع ضغط الدم الشرياني غير المعالج. علاوة على وجود تاريخ عائلي بالإصابة بفرط حمض اليوريك في الدم، حيث تلعب الجينات الوراثية دوراً أيضاً في الإصابة بهذه الحالة حيث أثبتت الإحصاءات أن إصابة فرد واحد من كل أربعة أشخاص مصابون بالنقرس ترجع لوجود تاريخ عائلي مع المرض. كما قد يكون من بين العوامل المساهمة في الإصابة بالمرض داء السكري من النوع الأول، والأدوية المستخدمة لعلاج ضغط الدم والتي تعمل على خفض نسبة الأملاح والماء في الجسم، إذا ما رافقها قلة النشاط والحركة مثل البقاء لفترات طويلة في السرير، أو الإصابة بالتعب المفاجئ أو الإصابة بضيق الشرايين، مع التقدم في السن ونقص التروية القلبية، وفقا لم ذكرته الأخصائية. يمكن لأملاح حمض اليوريك أن تترسب أيضا بعيداً عن المفصل، وذلك تحت الجلد في بعض أجزاء الجسم كالكوع أو الأذن في عقيدات على صيوان الأذن تسمى التوفات، وقد تترسب في الكليتين حيث تتسبب في تكوين حصيات بهما. الآلام الحادة تؤرق المصاب يسبب النقرس ألما حادا ومفاجئا، وعادة ما يكون في قاعدة الأصبع الكبير أي على مستوى مفصل إبهام القدم، لكنه قد يصيب أي مفصل آخر وخاصة المفاصل التي أتلفتها حالات مرضية أخرى مثل التهاب العظام المفصلي. ويمكن أن يصيب النقرس شحمة الأذن والجلد المحيط بالمفصل، خصوصا مفاصل الأصابع أو مؤخر العقب. وتبدأ الأعراض بآلام حادة مباغتة بالمفصل، مع ظهور تورم واحمرار حوله بحيث تصبح المفاصل حمراء اللون ومتورمة، وقد يصاحب هذه الأعراض ارتفاع في درجة الحرارة، وفي معظم الأحيان تحدث هذه الأزمات في فترة المساء، لكن الأعراض لا تلبث أن تزول نهائيا في ظرف أسبوع أو أكثر لتعاود الظهور مرة ثانية على فترات تمتد لعدة أسابيع أو أشهر أو سنين، ما يؤرق المصاب. يعتمد تشخيص مرض النقرس أساسا على ملاحظة أعراضه المميزة، ويمكن التأكد من دقة التشخيص بإجراء تحليل مخبري للكشف عن زيادة نسبة حمض اليوريك في الدم، ولو أن ارتفاع معدل حمض اليوريك في الدم لا يعني في كل الأحوال الإصابة بمرض النقرس. أما عن طريقة التشخيص لدى الطبيب، أوضحت الأخصائية بمناسبة اليوم الدراسي التكويني الذي حضره جملة من المرضى أيضا بهدف تثقيفهم صحيا، أن يفحص الطبيب المصاب عن طريق غرس إبرة في مفصله للحصول على عينة من سائل المفصل لفحصها تحت جهاز الميكروسكوب، فبالفحص المجهري يظهر بالسائل بلورات حمض اليوريك، وقد يقوم الطبيب بالتقاط أفلام مشعة، كما يقوم بفحص البول أيضا. براهيمي: يجب مراعاة التدرج في العلاج لأن المرض تظهر أعراضه ويتطور تدريجيا، نصحت البروفيسور براهيمي جمهور المختصين في علاج أمراض المفاصل والروماتيزم أن يتقيدوا بالتدرج خلال العلاج، ففي الأزمات الحادة للمرض يجب أن يلتزم المريض بالراحة التامة في السرير، مع وضع كمادات باردة أو دافئة حسب استجابة الألم لأي منهما، يعطى المريض في هذه الحالة المسكنات غير الستيرودية المضادة للالتهاب ( AINS) مثل البراسيتامول والتي من شأنها أن تخفف الألم الشديد. وهناك أسلوب بديل وهي الأدوية الفعالة ضد المرض وهي مجموعة كبيرة تتوفر لدى العديد من المخابر والتي ينبغي تناولها بمجرد ظهور الأعراض، وتستطيع أن تقلل بقدر كبير من حدة النوبات لكنها كثيرة ما يسبب الإسهال. ونصحت البروفيسور بعدم تناول المريض للأسبرين لأنه يثبط قدرة الجسم على إخراج حمض اليوريك ومركبات السلسيلات والأدوية المدرة للبول ، حيث إنها تتسبب في ارتفاع نسبة حمض اليوريك في الدم. كما يمكن للطبيب أن يحقن مفصل المصاب أو داخل العضلة بعقار الكورتيزون أو يصف له عقاقير الكورتيزون التي تتناول عن طريق الفم، مع نصحه بدوره المصاب بشرب كميات وفيرة من الماء لتخفيف تركيز حمض اليوريك في البول، ومن ثم تقلل من خطر تكون حصيات بالكلى. كما يجب على المريض أن يقلل من تناول المأكولات الغنية بالبروتينات مثل الكبد، الكلى، الأنشوفة، والسردين لأنها تزيد مستويات حمض اليوريك، وكذا الإقلال من تناول البازيلاء والحبوب المجففة، مع المحافظة على الوزن المثالي وتخفيف الوزن وممارسة أنشطة حركية مساعدة على ذلك كامشي مثلا لمدة 30 دقيقة يوميا.